مرت مصر على مر تاريخها بمراحل متعددة من الارتقاء
والانحطاط ، تعددت واختلفت الأسباب لكن النتائج تظل واحدة. قبل أن أدخل في
التفاصيل أود أن أوضح بعض النقاط. أولها أنني لست من المتدينين أو المتمسحين
بالدين، كما أنني أيضا لست كارها للمتدينين غير المتعصبين الذين يرون في الدين
وسيلة للتقرب من القوة الإلهية التي يؤمنون بها، سواء كانت تلك القوة هي المسيح،
أو رب محمد، أو حتى يهوه اليهودي العنصري. قد يتساءل القارئ: وما هو دخل الدين أو
تدينك في كل ذلك؟ ردي على ذلك هو أن الدين - الإسلامي على وجه الخصوص - كان دوما
المصيبة التي تشد مصر إلى التخلف.
هذه المقالات تعكس المأساة التي عاشتها مصر ابتداء بالدكتاتور الأول جمال عبد الناصر - الذي انتزع السلطة من سيده محمد نجيب - وانتهاء بالحمار المنوفي الغبي اللص محمد حسني مبارك. وأخيرا عملية تدمير مصر تحت حكم الصهيوني الحقير بلحة بن عرص المعروف أيضا باسم عبد الفتاح السيسي English blog: http://www.hegazi.blogspot.com
الأحد، 23 يونيو 2013
ماذا يحدث بمصر الآن؟
تغيرت الصورة الديموجرافية فازداد عدد مسلمي مصر وتراجعت
نسبة أقباطها ومرت عليها بعد ذلك فترات مطولة من توقف النمو بعد أن أصبحت
"ملطشة" الغزاة من كل حدب وصوب. ونظرا لطبيعة أهل مصر المسالمين استمرت
الحياة بهم دون استقطاب طائفي مدمر، ودون أن يعكر التنوع الديني حياتهم بصورة جماعية،
وطغى أسلوب الحياة المصرية المسالم على الطبيعة الخشنة للعرب الغزاة حتى جاء عصر
البترول العربي الذي استقطب العمالة المصرية.
ذهب المصريون إلى
دول الخليج وعادوا إلى مصر بعادات وتقاليد مستهجنة مثل الحجاب والنقاب واللحى، وغير
ذلك من مخلفات العصور الوسطى التي بقيت وترعرعت في بيئة صحراوية عقيمة، لم يغير
منها الدولار البترولي، بل على العكس من ذلك، تسببت وفرة المال في مزيد من التراخي
والكسل واعتماد العرب على العمالة المستوردة من كل الدول الفقيرة المجاورة.
جاء المتأسلمون بسحنتهم الغبية يتسربلون برداء الدين
والدين منهم براء، ومنهم من وقف مأجورا أو مخدوعا موتورا ليرمي الأقباط بالكفر
ويدعي بأن الخلافة الإسلامية أوشكت على العودة، بينما عدو مصر المتربص على مرمى
حجر يسخر من جهلهم ويمتلك كل أسرار التكنولوجيا الحديثة التي لم يصبهم منها سوى ما
تصنعه لهم الصين من مصابيح رمضانية أو ساعات إلكترونية تؤذن للصلاة.
مشكلة مصر الحالية صعبة ومعقدة ومركبة يكاد يحار فيها كل
من المسيح ورب محمد. هناك مشكلة اقتصادية ضخمة تشبه إلى حد كبير مشكلة شركة مساهمة
كبرى تملك أصولا ضخمة ثم فاجأتها مشكلة نقص حاد في السيولة، وبدلا من أن تقوم
إدارتها بإيجاد الحلول سرقوا ما تبقى في خزانتها وولوا الأدبار هاربين إلى الخارج،
فتم الإمساك ببعضهم في سجن طره وفر البعض الآخر إلى انجلترا وأسبانيا
والإمارات. ولما جاءت الإدارة الجديدة - الجاهلة بحجم المشكلة - وقفت عاجزة تحاول
توفير الخبز للمساهمين وهي لا تملك القدرة على التفكير في حلول للمستقبل القريب أو
البعيد.
جاء الإخوان إلى الحكم بمسرحية انتخابية هزلية رديئة، تم
التخطيط لها لكي يتم وضع المصريين بين خيارين كلاهما مر، فإما لصوص العسكر بصلفهم
وجهلهم، وإما المتأسلمين بكذبهم ومكرهم ورؤيتهم المغلقة ومنطق القرون الوسطى. اختار
الناس أهون الشرين، أو ربما تولى الحسم السيد الأمريكي. هذا سر يعلمه القليلون
وعلى رأسهم ذلك الأفاك الذي ترأس تلك العملية الانتخابية السيئة التي استبعدت أفضل
المرشحين وأرغمت الناس على الاختيار بين ما يكرهون. السيد محمد مرسي لم يصبح رئيسا لمصر
حبا فيه أو في جماعته، وإنما كرها في ذلك اللص الهارب.
سواء كرهت الإخوان أو أحببتهم، وسواء كانت العملية
الانتخابية الرديئة التي جاءت بهم شرعية أو مشكوك في شرعيتها، تولى الإخوان إدارة
مصر بمشاكلها المستعصية ومؤسساتها البوليسية الفاسدة. وكان طبيعيا جدا أن يعجزوا
عن حل تلك المعضلات التي لا يجدي في حلها دعاء أو صوم أو صلاة. كل ذلك بينما اللصوص
يرتعون في سجون خمس نجوم في رعاية مؤسسات أمنية قذرة تم الإبقاء عليها لأنها مؤسسات
قومية يرجى صلاحها.
زاد من مشكلات
الإخوان ذلك المال الخليجي الذي تدفق على مئات المجلات والجرائد المأجورة وفضائيات
الهوس الديني والتحليل السياسي المزيف. هناك قنوات "دينية" قذرة بتمويل
خليجي تحث على الطائفية والتعصب الديني، وهناك قنوات مثل العربية والجزيرة كل همها
هو بث ما تراه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي ترعى مصالح إسرائيل
بالمنطقة. نجحت الأبواق الدعائية المأجورة في إقناع المصريين بضرورة
"التمرد" على حكم الإخوان، وهو تمرد على العملية الديمقراطية ذاتها لكي
تموت في المهد، فالديمقراطية عدو لدود للقبائل اليهودية التي تحكم دويلات الخليج،
وهناك تخوف شديد من أن نجاح الديمقراطية بمصر يجعل منها نموذجا يحتذى لسحب السلطة من
مشايخ وسلطنات الخليج.
من الصعب جدا التكهن بما سيحدث بمصر في ذلك اليوم الموعود
الذي طبلوا وزمروا له على كافة الوسائل الإعلامية المأجورة، وبكثافة تدفع إلى
الاعتقاد بأنه يوم جلل قد يتم فيه القضاء التام على الديمقراطية والشرعية. فهل يريد
أهل مصر ذلك؟ أم أنهم بفطرتهم سوف يدرسون
الأمر؟ وهل تم سؤال كل أهل مصر: هل تريد التمرد أم لا؟ أم أن الفئتان المأجورة
والمخدوعة تمسكان بالزمام دون شرعية أو مشورة؟ أغلب الأمر أن اليوم سيجيء ويمر بعد أن
تبح بعض الحناجر، وربما يموت بعض الأبرياء على أيدي المأجورين، مثلما يحدث في كل
مرة يتم فيها اختلاق الهرج والمرج بهدف إثارة القلاقل التي تعرقل مسيرة الإصلاح.
نصيحتي لكل مصري عاقل: لا تخرج من بيتك في ذلك اليوم الذي
يدبرون فيه لقتلك!
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
هذه المدونة
هذه المقالات كتبت على مدى ثلاثة عقود وهي أصلح ما تكون في سياقها التاريخي، فمثلا مقالي عن الحجاب المكتوب في ثمانينيات القرن الماضي يصف من ترتديه بضيق الأفق لأن تلك الغربان كانت أعدادها قليلة، أما اليوم فإن من ترتدي ذلك الزي السخيف لا يليق وصفها بضيق الأفق إذا ما كانت مكرهة على لبسه خوفا مما قد تعانيه من مشاكل في مواجهة الغوغاء الذين يريدون فرض هذا الزي الوهابي بالقوة بحجة أنه "فرض عين" أو أنف أو أذن، وأن من واجبهم تغيير المنكر بأيديهم مفترضين أن نساء القاهرة الجميلات كن كافرات في الخمسينيات والستينيات، وأن ذلك أهم من القضاء على حسني مبارك وعصابته ممن أودوا بمصر إلى التهلكة.
أرشيف المدونة الإلكترونية
- مايو 2008 (17)
- يوليو 2008 (4)
- أكتوبر 2008 (1)
- ديسمبر 2008 (1)
- يناير 2009 (5)
- فبراير 2009 (3)
- مارس 2009 (2)
- أبريل 2009 (7)
- مايو 2009 (2)
- يونيو 2009 (2)
- نوفمبر 2009 (2)
- ديسمبر 2009 (3)
- يناير 2010 (1)
- فبراير 2010 (2)
- مارس 2010 (2)
- أبريل 2010 (1)
- مايو 2010 (3)
- يوليو 2010 (1)
- نوفمبر 2010 (1)
- ديسمبر 2010 (1)
- يناير 2011 (2)
- فبراير 2011 (6)
- مارس 2011 (3)
- أبريل 2011 (2)
- مايو 2011 (2)
- يونيو 2011 (2)
- يوليو 2011 (3)
- سبتمبر 2011 (2)
- أكتوبر 2011 (3)
- ديسمبر 2011 (4)
- يناير 2012 (2)
- فبراير 2012 (1)
- أبريل 2012 (1)
- مايو 2012 (1)
- نوفمبر 2012 (1)
- يونيو 2013 (1)
- يوليو 2013 (2)
- أغسطس 2013 (1)
- يناير 2014 (1)
- فبراير 2014 (1)
- يوليو 2014 (1)
- سبتمبر 2014 (3)
- ديسمبر 2014 (1)
- فبراير 2015 (2)
- مارس 2015 (1)
- أبريل 2015 (1)
- مايو 2015 (1)
- أغسطس 2015 (1)
- سبتمبر 2015 (2)
- مارس 2016 (1)
- يوليو 2016 (1)
- أغسطس 2016 (2)
- سبتمبر 2016 (4)
- أكتوبر 2016 (2)
- نوفمبر 2016 (1)
- يناير 2017 (1)
- فبراير 2017 (1)
- مارس 2017 (1)
- أبريل 2017 (1)
- مايو 2017 (1)
- يونيو 2017 (2)
- يوليو 2017 (3)
- سبتمبر 2017 (1)
- أكتوبر 2017 (4)
- نوفمبر 2017 (2)
- ديسمبر 2017 (4)
- يناير 2018 (4)
- فبراير 2018 (6)
- مارس 2018 (4)
- أبريل 2018 (2)
- مايو 2018 (5)
- يونيو 2018 (2)
- يوليو 2018 (2)
- أغسطس 2018 (1)
- سبتمبر 2018 (1)
- أكتوبر 2018 (2)
- ديسمبر 2018 (2)
- يناير 2019 (1)
- فبراير 2019 (2)
- مايو 2019 (4)
- يونيو 2019 (3)
- يوليو 2019 (2)
- سبتمبر 2019 (1)
- أكتوبر 2019 (1)
- ديسمبر 2019 (1)
- يناير 2020 (1)
من أنا
- Mohammed A. Hegazi
- ملبورن, فيكتوريا, Australia
- أنا واحد من آلاف المصريين الذين فروا من الدولة الدكتاتورية البوليسية التي يرأسها السوائم ولا يشارك في حكمها سوى حثالة أهلها من اللصوص والمرتزقة والخونة وينأى الأشراف بأنفسهم عن تولى مناصبها الوزارية.