إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

هذه المقالات تعكس المأساة التي عاشتها مصر ابتداء بالدكتاتور الأول جمال عبد الناصر - الذي انتزع السلطة من سيده محمد نجيب - وانتهاء بالحمار المنوفي الغبي اللص محمد حسني مبارك. وأخيرا عملية تدمير مصر تحت حكم الصهيوني الحقير بلحة بن عرص المعروف أيضا باسم عبد الفتاح السيسي English blog: http://www.hegazi.blogspot.com

السبت، 30 مايو 2015

الحلم البعيد


 




براءة!
بقلم عبد الرحمن يوسف

ضابط أمن الدولة الذي عذَّبَ المواطن سيد بلال بعد تفجير كنيسة القديسَيْن حصل على البراءة!
هكذا نُشر الخبر.. بهذه البساطة الفجة!

جهاز أمن الدولة هو المتهم الأول أصلا في جريمة كنيسة القديسَيْن، وما زالت أصابع الاتهام تشير إليه، وما زالت القرائن والأدلة تنتظر من يحول ذلك إلى قضية يصدر فيها حكم يوضح الطبيعة الإجرامية لجهاز أمن الدولة، ويوضح حقيقة الممارسات اللإنسانية التي مارسها على مدار عقود، والتي عادت أسوأ من ذي قبل بعد أن تم تغيير اللافتة من "أمن الدولة" إلى "الأمن الوطني".

يظن النظام المجرم الذي يحكم مصر اليوم أن بإمكانه أن يمسح جرائمه الماضية، وأن يستمر في جرائمه الحالية، وتدل تصرفات أهل الحكم على أن أحدا لا يتوقع أن يُحاسب، ويبدو أن يوم الثامن والعشرين من يناير(جمعة الغضب) كانت درسا لم يتعظ به أحد سوى الثوار وبسطاء الناس، ويبدو أن ما حدث في ذلك اليوم لم يكن كافيا لكي تتعلم أجهزة الأمن الدرس.

يحصل الضباط السفاحون على البراءة ويدخل النشطاء السجون بتهم أقل ما يقال عنها أنها تافهة، ويسجنون لسنوات على ذمة قضايا سخيفة، بل يدخلون السجون شهورا متواصلة دون توجيه تهم أصلا.

أتخيل ضابط أمن الدولة القاتل وهو يرفل في ثياب البراءة، آمنا مع أسرته، ثم أتخيل أمهات يبكين في بيوتهن حزنا وكمدا على أطفالهن القصَّر المحتجزين مع السجناء الجنائيين، تطولهم الاعتداءات الجنسية والنفسية، يتحول هؤلاء الفتية المراهقون إلى كتلة من الغضب، أو ركام من اليأس، أو كيس من البارود البشري الذي سينفجر في وجه الجميع عاجلا أو آجلا، إلا إذا انتصرت العدالة.

أتخيل ضابط أمن الدولة (البريء( وهو يشرب قهوته الصباحية، ويتناول أحجار المعسل مع أصدقاءه مساء، وكيف يتبادلون مقاطع الفيديو التي صوروها لمصريين تحت التعذيب، يضحكون من تأوهاتهم، يسخرون من استجابتهم لأوامر السادة الضباط، قل "أنا مره" ، قل "أنا مخنث" ، قل "أنا عطيات" ... قل وقل وقل، والله يسمع قولهم من فوق سبع سماوات !

أتخيل ضابط أمن الدولة القاتل وهو يظن أنه انتصر.. فأطمئن إلى اقتراب هزيمة نظام السفاحين المجرمين.
اطمئنانهم يطمئنني، وغرورهم يمنحني طاقة أمل لا مثيل، وغفلتهم وسذاجتهم البالغة تغمرني بسكينة، ثقتهم في أن ما يفعلونه لا عواقب له يجعلني أضحك ملء شدقيَّ، هؤلاء أنموذج للشخص أو الجهاز المغفل الذي ستفاجئه الأيام بكارثة لا مردَّ لها! يحاول الأحمق أن يحوِّل جيلا كاملا من الفتية الشجعان إلى فئران مذعورة، فتكون النتيجة مزيدا من الصهر لمعدن هذا الجيل.

يحاول المدجج بالغباء أن يدوس ملايين الشباب ببيادته، فيفاجئه الصمود الأسطوري لهؤلاء الفتية.
منظومة الدولة تحمي نفسها، فالدولة اليوم مجموعة من المناصب المحتكرة من أقذر الناس، وهؤلاء يريدون توريث هذه المناصب لأبناءهم، يتصرف معظم هؤلاء في تواطؤ كامل، كفريق من الضباع (أجهزة أمنية وقضاء وإعلام والخ)، ضد مجموعة من الفرائس (أبناء الشعب من البسطاء !

الكل معيَّر، ابن الزبال، وابن الفلاح، وابن العامل ... وكل من له "ملف" في أمن الدولة، منبوذ، مطرود من رحمة الدولة ... كل هؤلاء في نظر الضابط القاتل ليسوا أكثر من مشروع "سيد بلال" أو "خالد سعيد"!
أستغرب من صمود هذا الحراك الثوري كل هذه الشهور، وأتعجب من صمود غالبية المعتقلين في سجون محاكم التفتيش في هذه الظروف طوال هذه المدة، وأندهش حد الضحك ممن يظن أن كل هذه الطاقات والعزائم ستذهب هدرا، ولن يكون نتيجتها نصر كبير، يحقق الحد الأدنى من القصاص، ويمهد لعدالة انتقالية حقيقية، ويوفر الظروف اللازمة لمصالحة مجتمعية أولا، ثم لمصالحة سياسية.

هنيئا للصامدين في الشوارع، وهنيئا لأهالي الشهداء، ولأهالي المعتقلين، هينئا لكل حر وقف ضد هذا الانقلاب.. لقد تحقق الفرز، وأملنا في نجاح الثورة في حراكها الجديد أكبر من أملنا في نجاحها (في عام 2011) مائة مرة!

في نهاية كلامي.. لا يفوتني أن أهنئ السيد الضابط وسائر زملاءه على أحكام البراءة، وكلي ثقة بأن البراءة ستذهب لمستحقيها الحقيقيين،وأن كل مجرم سينال جزاءه العادل.. قريباً بإذن الله تعالى.. والأيام بيننا!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين..

-----------------------------------------------------------------------

تعليق:

المقال أعلاه للشاعر عبد الرحمن يوسف.  يشير الشاعر الثائر إلى جمعة الغضب بتاريخ 28 يناير مما حيرني فبحثت لأجد أن الإشارة إلى يوم 28 يناير 2010، أي منذ أكثر من خمس سنوات، وتجدني من فرط اليأس أرى الشاعر حالما يعيش مع الشعراء في عالم من صنع الخيال.

حقيقة الأمر هي أن عصابة السيسي قد سرقت الثورة منذ اليوم الأول، وأن السيسي ليس القائد الحقيقي لتلك العصابة فهي عصابة أشبه بالمافيا لها أصابع أخرى تحركها. تلك العصابة لها أذرع طويلة بالجيش والشرطة والقضاء ومن كبار لصوص رجال الأعمال. هي عصابة تحتكر الثروة والسلطة وتتحالف مع الشيطان في سبيل البقاء أسيادا على هذا الشعب المسكين.

السيسي ليس إلا مبارك صغير "لم يكن ينتوي" البقاء في السلطة، فإذا به يصبح رئيسا، وما زال السواد الأعظم من الشعب يظن أنه كان مخلصا ومخلصا ( بتسكين الخاء وكسر اللام مرة، وبفتح الخاء وتشديد اللام مرة أخرى). والسيسي لا يزيد عن انتهازي صغير نشأ وترعرع في عصر الفساد والظلام.

أعتقد - والعلم عند رب العباد – أن هذا الحصان الصغير قد يظل رئيسا إلى أن ينكشف أمره تماما، فتقوم ثورة مدمرة لا يتمناها أحد لمصر سوى أعدائها. أما الخلاص الحقيقي الذي أتمناه فهو انقلاب عسكري يطيح بضابط المشاة الغبي  ويأتينا بدلا من الحصان الصغير بفارس حقيقي يسلم البلاد لحكومة انتقالية مدنية. لكنني حينما أمعن التفكير أجدني أبعد خيالا من شاعرنا المبدع. لست متشائما تماما وإنما أقصد أن الأمر قد يستغرق أجيالا.


هذه المدونة

هذه المقالات كتبت على مدى ثلاثة عقود وهي أصلح ما تكون في سياقها التاريخي، فمثلا مقالي عن الحجاب المكتوب في ثمانينيات القرن الماضي يصف من ترتديه بضيق الأفق لأن تلك الغربان كانت أعدادها قليلة، أما اليوم فإن من ترتدي ذلك الزي السخيف لا يليق وصفها بضيق الأفق إذا ما كانت مكرهة على لبسه خوفا مما قد تعانيه من مشاكل في مواجهة الغوغاء الذين يريدون فرض هذا الزي الوهابي بالقوة بحجة أنه "فرض عين" أو أنف أو أذن، وأن من واجبهم تغيير المنكر بأيديهم مفترضين أن نساء القاهرة الجميلات كن كافرات في الخمسينيات والستينيات، وأن ذلك أهم من القضاء على حسني مبارك وعصابته ممن أودوا بمصر إلى التهلكة.


أرشيف المدونة الإلكترونية

من أنا

ملبورن, فيكتوريا, Australia
أنا واحد من آلاف المصريين الذين فروا من الدولة الدكتاتورية البوليسية التي يرأسها السوائم ولا يشارك في حكمها سوى حثالة أهلها من اللصوص والمرتزقة والخونة وينأى الأشراف بأنفسهم عن تولى مناصبها الوزارية.