قالت الشيماء نجلة الرئيس
المصري المعزول محمد مرسي أن " وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي وقيادات الجيش عرضوا علي أبيها قبيل
عزله اللجوء للدولة
التي يختار وأن يمنح ما
يشاء من امتيازات ومال مقابل أن يكتب استقالته ويرحل لكنه رفض". وتابعت هجومها اللاذع على السيسي
قائلة "فاصمت أيها الخائن عديم المروءة ، ولا تناطح الرجال في ميدان لا تعرفه ، فمثلك لا يعلم إلا
الخسة والنذالة
والخيانة والكذب ميدان
له ولأتباعه"
ما ذكرته الشيماء صحيح تماما
لا غبار عليه، فالسيسي هو أحط وأقذر
انقلابي حكم مصر بالخديعة والوقيعة والخيانة والعمالة، وهو الذي وصل بها إلى هذا الدرك
الأسفل. ولكن على الشيماء أن تدرك أيضا أن أباها لم يكن منزها خاليا من العيوب
الجسيمة، وأكاد أجزم بأن جهله السياسي كان سببا جوهريا لما تلاه من كوارث. لو كان
أباها حريصا في سلوكياته السياسية ما نجح هذا السيسي الحقير في تأجيج نار الوقيعة
بين الشعب وحكم الإخوان.
قبل أن أستطرد أود القول بأن
مرسي وجماعته المتطرفة سلوكيا لا يمثلون غالبية الشعب المصري وأن مرسي جاء إلى
الحكم نكاية في العسكر، وربما باتفاقيات مع العسكر ومعهم وكالة المخابرات
المركزية الأمريكية. كان هدف العسكر هو أن يفشل مرسي في إدارة الدولة فيهبون
لإنقاذ البلاد منه. نجح مخطط العسكر وابتلع المصريون الطعم، أو كما يقول الفرنجة "ابتلعوا
السنارة ومعها قطعة الرصاص المتدلية منها hook and sinker ". مسئولية هذه
المهزلة كانت في المقام الأول راجعة لسلوك الإخوان الذي كان سفيها ومترديا لدرجة
تثير حفيظة الحليم، فقد تخيلوا أن مصر كانت خالية من المسيحيين والمسلمين
المعتدلين الذين يشكلون السواد الأعظم من الشعب المصري. تملكتهم الخيلاء والتبجح
والشعور بالقوة وظنوا أن وصولهم للحكم
كفيل بتحويل مصر إلى جزء صغير من "الدولة الإسلامية الكبرى" الوهمية، وأمعنوا في سلوكياتهم المتطرفة التي تقحم الدين في كل صغيرة
وكبيرة، عن غباء أو عن جهل متعمد بأن الدين شيء وأن حكم الدول شيء آخر مختلف تماما
مهما خلطوا الأوراق. لذلك كان سقوطهم مروعا في كافة أنحاء البلاد بطول مصر وعرضها.
ولم يدرك المصريون حينئذ أنهم قد "استجاروا من الرمضاء بالنار". فالإخوان
على سوء مظهرهم المتطرف المنفر كانت لديهم كوادر فنية (تكنوقراطية) كفيلة بوضع مصر
على أول الطريق لو أتيحت لهم الفرصة، لكن غرورهم الأحمق أفسد كل شيء فخسروا تعاطف
الشارع الذي ربما كان يهب لنجدتهم من انقلاب العسكر عليهم لو كانت صورتهم أفضل من
حيث احترام عقول من لا يتبع مذهبهم من غالبية المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
قد يكون للإخوان حسن النية
وحسن المخبر لكنهم يفتقدون حسن المظهر. خذ مثلا حينما يمسك أحدهم بالميكرفون في
موقف يتعلق بأمور الوطن - وليس في عرس أو جناز - فيبدأ كلامه بالقول "بسم الله الرحمن
الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آل بيته وصحبه
والجيران أجمعين ...إلخ ..إلخ". هل سمعت يوما سياسيا في دولة غربية أو وزيرا قبطيا
في مصر يبدأ حديثه بعبارة مثل "باسم الأب والإبن والروح القدس، إله واحد
...إلخ ...إلخ"؟ أو حينما يؤذن للصلاة
فترى الجميع وقد كفوا عن العمل، حتى لو كانوا في اجتماع لإدارة شئون البلاد،
ويهرعون بالقباقيب للوضوء والصلاة. تلك مظاهر لا تليق مهما اكتنفها من مظاهر الورع وحسن
النية الحقيقي أو المفتعل. العادات والطقوس الدينية شيء، والعمل وسير الحياة بصورتها العادية شيء آخر.
الإسراف في محاولة الترويج للمظهر الإسلامي لا يخدم وطنا أهله خليط من المسلمين
والمسيحيين والمتشككين والملحدين وغيرهم. الدين ليس رابطا لكل هؤلاء، والرباط
الحقيقي الذي يضمهم جميعا في نسيج واحد هو المواطنة والهدف الواحد المشترك، لكي تسير البلاد
نحو مستقبل أفضل. إقحام الدين في شئون الدولة ليس إلا دعوة للتشرذم والتفكك.
لعل الإخوان يدركون اليوم
أنهم أقلية و ليسوا غالبية المسلمين بمصر وأن أعدادهم تتناقص لو توفر لمصر نظام
تعليمي سليم يرفع من مستوى ذكاء الفرد وسلوكياته. لو علم الإخوان المسلمين حجمهم الحقيقي بين مسلمي مصر - وغالبيتهم من
المعتدلين غير المسرفين - ما كانت تلك الكارثة التي أعطتنا عسكريا جاهلا جهولا سفيها
خائنا يأخذ بالبلاد سريعا نحو هاوية سحيقه. فلعلهم اليوم يعرفون، حتى يمكن مد
الجسور بينهم وبين بقية التيارات الوطنية الأخرى.
الوقت ليس في صالح أحد لأن العميل الصهيوني تدفعه غريزة حب البقاء إلى إخلاء سيناء وتسليمها على طبق من فضة - كاملة أو منقوصة - إلى الأعداء الذين يحاولون اليوم ابتلاع الضفة الغربية كاملة، وربما غزة الآن أو لاحقا ، ثم الضفة الشرقية من نهر النيل إذا استمر حكم العسكر السفيه ومحادثات السلام الوهمي المطولة.
الوقت ليس في صالح أحد لأن العميل الصهيوني تدفعه غريزة حب البقاء إلى إخلاء سيناء وتسليمها على طبق من فضة - كاملة أو منقوصة - إلى الأعداء الذين يحاولون اليوم ابتلاع الضفة الغربية كاملة، وربما غزة الآن أو لاحقا ، ثم الضفة الشرقية من نهر النيل إذا استمر حكم العسكر السفيه ومحادثات السلام الوهمي المطولة.