تاريخ الإرهاب الأمريكي
بقلم: محمد عبد اللطيف حجازي
قالت الإحصائيات أن عدد الضحايا الأمريكان في أحداث 11 سبتمبر 2001 قارب الستة آلاف. قامت الدنيا ولم تقعد من أجل هذا العدد الضئيل نسبيا، وتحركت الجيوش وتباكى "القادة" القوادين العرب وغير العرب لهول الكارثة وكأن الأرواح الأمريكية لها سعر خاص في بورصة النفوس. نسي الجميع أو تناسوا الرقم الضخم لموتى العراق حتى ذلك التاريخ – هؤلاء الذين ذبحتهم أمريكا وجيوش العملاء العرب المرتزقة من أذنابها خلال الحملة الإرهابية على شعب العراق في عام 1991 (200 ألف نسمة حسب أقل الإحصائيات الأمريكية) - والذي سألوا عنه حينئذ مجرم الحرب الأمريكي كولن باول Colin Powell فأجاب على السؤال دون اكتراث بقوله "إنه رقم لا يهمني كثيرا"
It's really not a number I'm terribly interested in.
لقد تأكد لنا فعلا أن الأرواح لا تهم مجرمي الحرب الأمريكيين ، طالما أنها أرواح الآخرين من غير الأمريكيين، فقد رأينا بأعيننا قصف البيوت وسقوط القتلى من موظفي الأمم المتحدة والأبرياء من سكان المدن الأفغانية التي تعرضت للقصف. هؤلاء المساكين البسطاء الذين لا يعلمون الكثير عن العالم الخارجي المشتعل من حولهم، ولا يريدون سوى أن يتركوا وشأنهم لمحاولة العيش في الظروف الطبيعية الصعبة من الجفاف ونقص الموارد. فإذا بأمريكا تلقي عليهم بالقنابل والإعلانات في صورة وجبات غذائية رمزية يرمونها عليهم وسط حقول الألغام. ثم جاء العدوان السافر على العراق في 2003 ليثبت دون أدنى شك ان الهمجية الأمريكية واقع لا يقبل الجدل وأن منطق العدوان على الغير لا يلزمه أي مبررات حقيقية. قامت القوات الأمريكية الخسيسة بإلقاء أطنان أخرى من القنابل على المدن العراقية. ومنعت الإعلام العالمي من تغطية الأحداث حتى لا ينكشف حجم المأساة.
التاريخ الإرهابي الأمريكي حافل بأحداث الاعتداء على الآخرين ففي الثالث من يوليو عام 1988 قامت البارجة الحربية فينسنز Vincennes التابعة للبحرية الأمريكية عامدة متعمدة بإسقاط طائرة ركاب إيرانية كانت تطير في الممر الجوي التجاري بالأجواء الإيرانية في رحلة عادية فمات ركابها جميعا - وكان عددهم 290 - في عمل أقل ما يوصف به هو أنه عمل إرهابي إجرامي، لكن مجرم الحرب جورج بوش الأب وقف في صلف وصفاقة يقول في معرض التعليق على الحادث " لن أعتذر أبدا عن الولايات المتحدة ، ولا يهمني أمر الحقائق. " I will never apologize for the United States of America - I don't care what the facts are. ومعنى الكلام هو أن رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية لا يعتذرون لأحد عن أخطائها مهما كان الأمر.
بعد أن قامت طائرات أمريكا وبريطانيا بعمل 10 آلاف طلعة جوية خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 1999 لقتل المئات من أهل العراق قامت الواشنطون بوست بعمل مقابلة مع أحد زبانيتهم واسمه البريجادير جنرال وليام لوني William Looney في 30 أغسطس 1999 والذي قال بكل ثقة وغرور " إذا فتحوا راداراتهم سوف ننسف صواريخهم . إنهم يعلمون جيدا أننا نملك بلادهم ونملك مجالهم الجوي … نحن نملي عليهم كيف يعيشون وكيف يتكلمون . تلك هي عظمة أمريكا اليوم ، وهذا شيء حسن، خاصة إذا ما كان لديهم هناك نفط وفير نحن في حاجة إليه. "
الادعاءات الأمريكية بأنها حامية حمى الديمقراطية وحقوق الإنسان هي ادعاءات زائفة والتاريخ شاهد على ذلك، ففي عام 1948 وقف جورج كينان George Kennan وزير الدولة لتخطيط السياسات يشرح موقف أمريكا وشعورها بالتفوق الاقتصادي والسياسي فقال "لكي نحافظ على موقفنا المتفوق يجب علينا التخلي عن العواطف وأحلام اليقظة … يجب أن نتوقف عن حديث الأهداف المبهمة غير الواقعية مثل حقوق الإنسان ورفع مستوى المعيشة والتحول إلى الديمقراطية … ليس ذلك اليوم ببعيد ، حينما سيكون مفروضا علينا أن نتعامل بمفهوم القوة المجردة … فكلما قلت إعاقتنا بالشعارات المثالية حينئذ كلما كان ذلك أفضل". ومعنى الكلام أن منطق الولايات المتحدة هو منطق القوة دون اعتبار للعوامل الأخلاقية، وهي سياسة اتبعتها الولايات المتحدة دوما وإن كانت قد عمدت في السنوات الأخيرة إلى تغطية مواقفها بالزيف والكذب مثل ادعاء الدفاع عن المستضعفين بالكويت. وكان آخر لون للزيف والاختلاق لتبرير ضرب الآخرين والتدخل في شئونهم هو محاربة "الإرهاب". والتفسير المزيف للمادة رقم 5 من ميثاق الأمم المتحدة يلوي ذراع القانون الدولي ويحاول تطويعه ليوافق هوى أمريكا والدائرين في فلكها. كيف يكون الهجوم على دولة أخرى دفاعا عن النفس؟
رغم تجار الحروب ومصاصي الدماء من يهود أمريكا فإنها لم تخل يوما من العظماء، فهناك رمزي كلارك Ramsey Clarkالمدعي العام السابق إبان حكم الرئيس الأمريكي لندون جونسون Lyndon Johnson الذي قال دون مواربة "إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة هي أكبر جريمة تم ارتكابها بعد الحرب العالمية الثانية". لكن السؤال الذي لا يسأله أحد ولا يعرف معظم الأمريكيين له إجابة هو لماذا؟ لماذا أصبحت السياسة الخارجية الأمريكية جريمة؟ ولماذا تسببت تلك السياسة في معاقبة أمريكا بتلك القسوة؟ ورغم أن الإجابة واضحة وضوح الشمس إلا أن الأمريكيين يهربون منها دوما. اللعنة الأمريكية هي يهود أمريكا. اليهودي بطبعه لا ولاء له لدولة مولده أو دولة معيشته أو الدولة التي يحمل جنسيتها. ولاء اليهودي هو ليهوديته فقط. لكن الأمريكيون لا يودون معرفة ذلك لأنهم لا يحبون التفرقة بين الناس على أسس عنصرية!
وهناك من عظماء أمريكا الجنرال دافيد شارب David Sharp القائد السابق للبحرية الأمريكية الذي قال قولة حق في عام 1966 عن دول العالم الثالث " أعتقد أننا لو لم ندس في الماضي – وإذا لم ندس مستقبلا – أصابعنا القذرة الملوثة بالدماء والمنقوعة في الدولار في شئون تلك الدول المليئة بالمعاناة والكآبة والاستغلال لتوصلت تلك الدول إلى حلول خاصة بها ، وإذا ما اتسمت ثوراتهم بالعنف – لسوء الحظ – لأن من يملكون يرفضون المشاركة بالحسنى مع من لا يملكون فإن ما يتوصلون إليه يكون خاصا بهم وليس نمطا أمريكيا لا يريدونه ، ولا يريدون - في المقام الأول - أن يصبه الأمريكيون في حلوقهم قسرا"
وفي معرض الحديث عن حرب فيتنام وقف مارتن لوثر كنج الإبن في كنيسة ريفرسايد بمدينة نيويورك في 4 أبريل 1967 والقى خطبة بعنوان "حان الوقت لكسر الصمت" جاء ضمنها قوله "ليس لدينا أية دوافع شريفة في فيتنام. أقل ما نتوقعه هناك هو أن نحتلها لتكون مستعمرة أمريكية نحافظ على استقرارها الاجتماعي من أجل استثماراتنا. وهذا يفصح عن أسباب استخدام المروحيات الأمريكية ضد المحاربين في كولومبيا وبيرو. إن دورنا يزداد وضوحا كأمة ترفض التخلي عن الامتيازات والمباهج التي تدرها علينا الاستثمارات بالخارج."
وفي كتاب بعنوان " خدائع الديمقراطية القاتلة - أعوامي الخمسة والعشرين بوكالة المخابرات المركزية " كتب رالف ماجي Ralph McGehee الموظف السابق بالوكالة قائلا "قامت وكالة المخابرات المركزية بتشكيل واستخدام فرق الاغتيال بأنحاء العالم منذ أواخر الأربعينيات ، وهي حقيقة تتجاهلها وسائل الإعلام التي تملكها الصفوة". لا أدري إذا ما كان السيد ماجي يعلم أن ما أسماه بالصفوة هو ببساطة يهود أمريكا الأغنياء الذين يملكونه شخصيا ومعه كل وسائل الإعلام والتجارة والحكومة.
وبعنوان "الولايات المتحدة الأمريكية – الحقوق للجميع" United States of America - Rights for All قالت منظمة العفو الدولية أن الولايات المتحدة الأمريكية " قامت بتزويد الحكومات والجماعات المسلحة بالسلاح والتدريب فمارسوا التعذيب والاغتيالات السياسية وغير ذلك من الانتهاكات لحقوق الإنسان بشتى أنحاء العالم". وهو قول لا يخفى علينا معناه ونحن نعيشه بمصر كل يوم منذ نصف القرن.
وقال الرئيس ويلسون عن الولايات المتحدة في حديث أثناء الحرب العالمية الأولى "لقد أصبحت حكومتنا من أسوأ حكومات العالم من حيث خضوعها التام للسيطرة والتحكم. لم تعد حكومتنا حكومة للرأي الحر ، ولم تعد حكومة بالاقتناع وصوت الأغلبية، وإنما حكومة برأي وقهر من مجموعات صغيرة أو أفراد مسيطرين ". والرؤية الآن واضحة تماما عمن هؤلاء المسيطرين من الصهاينة وأتباعهم، الذين يعيثون في الأرض فسادا داخل وخارج الولايات المتحدة.
نوايا بريطانيا - حليفة أمريكا الأولى اليوم – تتضح من أقوال ونستون تشرشل حينما قال بأن بريطانيا يجب أن تصبح المالك أو "المتحكم عند المنبع" لبعض متطلباتها من النفط . كان تشرشل حينئذ يرسم سياسة بريطانيا تجاه العراق في عام 1913، وهي سياسة لم تتغير كثيرا في عام 1991 وحتى اليوم، وهي نفس السياسة التي دفعت بهذا التحالف الأنجلوأمريكي المشبوه إلى أفغانستان طمعا في الاقتراب من منطقة بحر قزوين التي تحوي مخزونا هائلا من النفط.
سياسة الخداع الأمريكية لم تتغير كثيرا في مضمونها عما كانت عليه في الماضي. يتضح ذلك بجلاء في وثيقة مفرج عنها ضمن الإفراج الدوري للوثائق الرسمية. الوثيقة هي مذكرة صادرة عام 1941 من مجلس العلاقات الخارجية Council of Foreign Relations وموجهة إلى وزارة الدولة US State Department تقول الوثيقة بالحرف الواحد "إذا ما كانت أهداف الحرب المعلنة تبدو معنية بالامبريالية الأنجلوأمريكية فقط فإنها لن تقدم الكثير للناس في بقية العالم. يجب التأكيد على مصالح الشعوب الأخرى لأن لذلك أثر دعائي أفضل. " لذلك فإن الإمبريالية الأنجلوأمريكية حينما تدك أفغانستان فإن الهدف المعلن يجب أن يكون إصلاح حال أفغانستان واستبدال حكومة استبدادية بأخرى ائتلافية ترعى مصالح الناس، وحينما تدك مدن العراق بالقنابل وتعذب عشرات الآلاف من الرجال والنساء بالسجون فهي إنما تفعل ذلك من أجل إرساء قواعد الديمقراطية بالعراق.
القول بأن أمريكا هي بلد الحرية والديمقراطية هو قول زائف بعد أن رأينا مؤخرا على شاشات التلفاز مواطنا أمريكيا من أصل عربي يمثل الجيل الثالث أو الرابع من أبناء المهاجرين العرب يقف مذهولا بعد أن فتشوا مكتبه وقلبوه رأسا على عقب لمجرد أنه يحمل اسما عربيا فيقول "كنت أعتقد أن أمريكا أفضل من ذلك". وهي حقيقة اكتشفها ألبرت أينشتين من قبله حينما قال في عام 1947 "جئت إلى أمريكا لأنني سمعت أن بها حرية عظيمة. كان اختياري لأمريكا كموطن للحرية خاطئا، وهو خطأ لن أتمكن من تصحيحه فيما تبقى لي من عمر"
أما ذلك اليهودي الخبيث "هنري كيسنجر" فقد قالها "على البلاطة" وبكل وضوح في مقال نشرته الواشنطون بوست في أبريل 1975 حينما لخص السياسة الأمريكية في جملة واحدة – في معرض الحديث عن فيتنام - هي أنه "يجب أن تقوم الولايات المتحدة بعمل ما في مكان ما من العالم يبين إصرارها على الاستمرار كقوة عالمية. "
أما رونالد ريجان – الرئيس الأمريكي الذي كان يعمل كممثل من الدرجة الثانية – فإن استخفافه بالعالم يبلغ القمة عندما قال بعد غزو جرينادا عام 1983 "اختلفت معنا مائة دولة بالأمم المتحدة على كل أمر تم عرضه عليهم وكان متعلقا بنا، لكن ذلك لم يؤثر إطلاقا على تناولي فطوري. "
من ذلك نرى أن الصلف والغرور الأمريكي كان على قدم وساق حتى من قبل أن ينهار الاتحاد السوفيتي. بعد ذلك خلعت أمريكا "برقع الحياء" فلم تعد آراء الآخرين تعنيها في شيء، وأصبح ضروريا شدها إلى أرض الواقع لتعلم أن الدنيا "دوارة" وأن الإمبراطوريات قامت وانهارت. تلك هي سنة التاريخ التي لا تملك الدول لها تبديلا.
لقد جاء وقت الحساب لكلاب أمريكا المسعورة على أرض الرافدين. لن تؤثر في أحد ولولة الأمهات بأمريكا على شبكات التلفاز الأمريكية الصهيونية ، فقد ولولت من قبلهن أمهات عراقيات وأمهات فلسطينيات. ولتعلم كل أم أمريكية وكل أم إنجليزية أن أحدا لم يدفع بابنها إلى تلك الحرب العدوانية، فالخدمة العسكرية على قدر علمي ليست إجبارية بتلك البلاد. ولتعلم تلك الأمهات أن فلذات أكبادهن إنما قد سقطوا ضحايا الإمبريالية الصهيونية التي تحكم بلادهم وتوهمهم بأنهم يدافعون عن أوطانهم بالتعدي على الآخرين في بلاد بعيدة كل البعد عن بلادهم.
بقلم: محمد عبد اللطيف حجازي
قالت الإحصائيات أن عدد الضحايا الأمريكان في أحداث 11 سبتمبر 2001 قارب الستة آلاف. قامت الدنيا ولم تقعد من أجل هذا العدد الضئيل نسبيا، وتحركت الجيوش وتباكى "القادة" القوادين العرب وغير العرب لهول الكارثة وكأن الأرواح الأمريكية لها سعر خاص في بورصة النفوس. نسي الجميع أو تناسوا الرقم الضخم لموتى العراق حتى ذلك التاريخ – هؤلاء الذين ذبحتهم أمريكا وجيوش العملاء العرب المرتزقة من أذنابها خلال الحملة الإرهابية على شعب العراق في عام 1991 (200 ألف نسمة حسب أقل الإحصائيات الأمريكية) - والذي سألوا عنه حينئذ مجرم الحرب الأمريكي كولن باول Colin Powell فأجاب على السؤال دون اكتراث بقوله "إنه رقم لا يهمني كثيرا"
It's really not a number I'm terribly interested in.
لقد تأكد لنا فعلا أن الأرواح لا تهم مجرمي الحرب الأمريكيين ، طالما أنها أرواح الآخرين من غير الأمريكيين، فقد رأينا بأعيننا قصف البيوت وسقوط القتلى من موظفي الأمم المتحدة والأبرياء من سكان المدن الأفغانية التي تعرضت للقصف. هؤلاء المساكين البسطاء الذين لا يعلمون الكثير عن العالم الخارجي المشتعل من حولهم، ولا يريدون سوى أن يتركوا وشأنهم لمحاولة العيش في الظروف الطبيعية الصعبة من الجفاف ونقص الموارد. فإذا بأمريكا تلقي عليهم بالقنابل والإعلانات في صورة وجبات غذائية رمزية يرمونها عليهم وسط حقول الألغام. ثم جاء العدوان السافر على العراق في 2003 ليثبت دون أدنى شك ان الهمجية الأمريكية واقع لا يقبل الجدل وأن منطق العدوان على الغير لا يلزمه أي مبررات حقيقية. قامت القوات الأمريكية الخسيسة بإلقاء أطنان أخرى من القنابل على المدن العراقية. ومنعت الإعلام العالمي من تغطية الأحداث حتى لا ينكشف حجم المأساة.
التاريخ الإرهابي الأمريكي حافل بأحداث الاعتداء على الآخرين ففي الثالث من يوليو عام 1988 قامت البارجة الحربية فينسنز Vincennes التابعة للبحرية الأمريكية عامدة متعمدة بإسقاط طائرة ركاب إيرانية كانت تطير في الممر الجوي التجاري بالأجواء الإيرانية في رحلة عادية فمات ركابها جميعا - وكان عددهم 290 - في عمل أقل ما يوصف به هو أنه عمل إرهابي إجرامي، لكن مجرم الحرب جورج بوش الأب وقف في صلف وصفاقة يقول في معرض التعليق على الحادث " لن أعتذر أبدا عن الولايات المتحدة ، ولا يهمني أمر الحقائق. " I will never apologize for the United States of America - I don't care what the facts are. ومعنى الكلام هو أن رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية لا يعتذرون لأحد عن أخطائها مهما كان الأمر.
بعد أن قامت طائرات أمريكا وبريطانيا بعمل 10 آلاف طلعة جوية خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 1999 لقتل المئات من أهل العراق قامت الواشنطون بوست بعمل مقابلة مع أحد زبانيتهم واسمه البريجادير جنرال وليام لوني William Looney في 30 أغسطس 1999 والذي قال بكل ثقة وغرور " إذا فتحوا راداراتهم سوف ننسف صواريخهم . إنهم يعلمون جيدا أننا نملك بلادهم ونملك مجالهم الجوي … نحن نملي عليهم كيف يعيشون وكيف يتكلمون . تلك هي عظمة أمريكا اليوم ، وهذا شيء حسن، خاصة إذا ما كان لديهم هناك نفط وفير نحن في حاجة إليه. "
الادعاءات الأمريكية بأنها حامية حمى الديمقراطية وحقوق الإنسان هي ادعاءات زائفة والتاريخ شاهد على ذلك، ففي عام 1948 وقف جورج كينان George Kennan وزير الدولة لتخطيط السياسات يشرح موقف أمريكا وشعورها بالتفوق الاقتصادي والسياسي فقال "لكي نحافظ على موقفنا المتفوق يجب علينا التخلي عن العواطف وأحلام اليقظة … يجب أن نتوقف عن حديث الأهداف المبهمة غير الواقعية مثل حقوق الإنسان ورفع مستوى المعيشة والتحول إلى الديمقراطية … ليس ذلك اليوم ببعيد ، حينما سيكون مفروضا علينا أن نتعامل بمفهوم القوة المجردة … فكلما قلت إعاقتنا بالشعارات المثالية حينئذ كلما كان ذلك أفضل". ومعنى الكلام أن منطق الولايات المتحدة هو منطق القوة دون اعتبار للعوامل الأخلاقية، وهي سياسة اتبعتها الولايات المتحدة دوما وإن كانت قد عمدت في السنوات الأخيرة إلى تغطية مواقفها بالزيف والكذب مثل ادعاء الدفاع عن المستضعفين بالكويت. وكان آخر لون للزيف والاختلاق لتبرير ضرب الآخرين والتدخل في شئونهم هو محاربة "الإرهاب". والتفسير المزيف للمادة رقم 5 من ميثاق الأمم المتحدة يلوي ذراع القانون الدولي ويحاول تطويعه ليوافق هوى أمريكا والدائرين في فلكها. كيف يكون الهجوم على دولة أخرى دفاعا عن النفس؟
رغم تجار الحروب ومصاصي الدماء من يهود أمريكا فإنها لم تخل يوما من العظماء، فهناك رمزي كلارك Ramsey Clarkالمدعي العام السابق إبان حكم الرئيس الأمريكي لندون جونسون Lyndon Johnson الذي قال دون مواربة "إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة هي أكبر جريمة تم ارتكابها بعد الحرب العالمية الثانية". لكن السؤال الذي لا يسأله أحد ولا يعرف معظم الأمريكيين له إجابة هو لماذا؟ لماذا أصبحت السياسة الخارجية الأمريكية جريمة؟ ولماذا تسببت تلك السياسة في معاقبة أمريكا بتلك القسوة؟ ورغم أن الإجابة واضحة وضوح الشمس إلا أن الأمريكيين يهربون منها دوما. اللعنة الأمريكية هي يهود أمريكا. اليهودي بطبعه لا ولاء له لدولة مولده أو دولة معيشته أو الدولة التي يحمل جنسيتها. ولاء اليهودي هو ليهوديته فقط. لكن الأمريكيون لا يودون معرفة ذلك لأنهم لا يحبون التفرقة بين الناس على أسس عنصرية!
وهناك من عظماء أمريكا الجنرال دافيد شارب David Sharp القائد السابق للبحرية الأمريكية الذي قال قولة حق في عام 1966 عن دول العالم الثالث " أعتقد أننا لو لم ندس في الماضي – وإذا لم ندس مستقبلا – أصابعنا القذرة الملوثة بالدماء والمنقوعة في الدولار في شئون تلك الدول المليئة بالمعاناة والكآبة والاستغلال لتوصلت تلك الدول إلى حلول خاصة بها ، وإذا ما اتسمت ثوراتهم بالعنف – لسوء الحظ – لأن من يملكون يرفضون المشاركة بالحسنى مع من لا يملكون فإن ما يتوصلون إليه يكون خاصا بهم وليس نمطا أمريكيا لا يريدونه ، ولا يريدون - في المقام الأول - أن يصبه الأمريكيون في حلوقهم قسرا"
وفي معرض الحديث عن حرب فيتنام وقف مارتن لوثر كنج الإبن في كنيسة ريفرسايد بمدينة نيويورك في 4 أبريل 1967 والقى خطبة بعنوان "حان الوقت لكسر الصمت" جاء ضمنها قوله "ليس لدينا أية دوافع شريفة في فيتنام. أقل ما نتوقعه هناك هو أن نحتلها لتكون مستعمرة أمريكية نحافظ على استقرارها الاجتماعي من أجل استثماراتنا. وهذا يفصح عن أسباب استخدام المروحيات الأمريكية ضد المحاربين في كولومبيا وبيرو. إن دورنا يزداد وضوحا كأمة ترفض التخلي عن الامتيازات والمباهج التي تدرها علينا الاستثمارات بالخارج."
وفي كتاب بعنوان " خدائع الديمقراطية القاتلة - أعوامي الخمسة والعشرين بوكالة المخابرات المركزية " كتب رالف ماجي Ralph McGehee الموظف السابق بالوكالة قائلا "قامت وكالة المخابرات المركزية بتشكيل واستخدام فرق الاغتيال بأنحاء العالم منذ أواخر الأربعينيات ، وهي حقيقة تتجاهلها وسائل الإعلام التي تملكها الصفوة". لا أدري إذا ما كان السيد ماجي يعلم أن ما أسماه بالصفوة هو ببساطة يهود أمريكا الأغنياء الذين يملكونه شخصيا ومعه كل وسائل الإعلام والتجارة والحكومة.
وبعنوان "الولايات المتحدة الأمريكية – الحقوق للجميع" United States of America - Rights for All قالت منظمة العفو الدولية أن الولايات المتحدة الأمريكية " قامت بتزويد الحكومات والجماعات المسلحة بالسلاح والتدريب فمارسوا التعذيب والاغتيالات السياسية وغير ذلك من الانتهاكات لحقوق الإنسان بشتى أنحاء العالم". وهو قول لا يخفى علينا معناه ونحن نعيشه بمصر كل يوم منذ نصف القرن.
وقال الرئيس ويلسون عن الولايات المتحدة في حديث أثناء الحرب العالمية الأولى "لقد أصبحت حكومتنا من أسوأ حكومات العالم من حيث خضوعها التام للسيطرة والتحكم. لم تعد حكومتنا حكومة للرأي الحر ، ولم تعد حكومة بالاقتناع وصوت الأغلبية، وإنما حكومة برأي وقهر من مجموعات صغيرة أو أفراد مسيطرين ". والرؤية الآن واضحة تماما عمن هؤلاء المسيطرين من الصهاينة وأتباعهم، الذين يعيثون في الأرض فسادا داخل وخارج الولايات المتحدة.
نوايا بريطانيا - حليفة أمريكا الأولى اليوم – تتضح من أقوال ونستون تشرشل حينما قال بأن بريطانيا يجب أن تصبح المالك أو "المتحكم عند المنبع" لبعض متطلباتها من النفط . كان تشرشل حينئذ يرسم سياسة بريطانيا تجاه العراق في عام 1913، وهي سياسة لم تتغير كثيرا في عام 1991 وحتى اليوم، وهي نفس السياسة التي دفعت بهذا التحالف الأنجلوأمريكي المشبوه إلى أفغانستان طمعا في الاقتراب من منطقة بحر قزوين التي تحوي مخزونا هائلا من النفط.
سياسة الخداع الأمريكية لم تتغير كثيرا في مضمونها عما كانت عليه في الماضي. يتضح ذلك بجلاء في وثيقة مفرج عنها ضمن الإفراج الدوري للوثائق الرسمية. الوثيقة هي مذكرة صادرة عام 1941 من مجلس العلاقات الخارجية Council of Foreign Relations وموجهة إلى وزارة الدولة US State Department تقول الوثيقة بالحرف الواحد "إذا ما كانت أهداف الحرب المعلنة تبدو معنية بالامبريالية الأنجلوأمريكية فقط فإنها لن تقدم الكثير للناس في بقية العالم. يجب التأكيد على مصالح الشعوب الأخرى لأن لذلك أثر دعائي أفضل. " لذلك فإن الإمبريالية الأنجلوأمريكية حينما تدك أفغانستان فإن الهدف المعلن يجب أن يكون إصلاح حال أفغانستان واستبدال حكومة استبدادية بأخرى ائتلافية ترعى مصالح الناس، وحينما تدك مدن العراق بالقنابل وتعذب عشرات الآلاف من الرجال والنساء بالسجون فهي إنما تفعل ذلك من أجل إرساء قواعد الديمقراطية بالعراق.
القول بأن أمريكا هي بلد الحرية والديمقراطية هو قول زائف بعد أن رأينا مؤخرا على شاشات التلفاز مواطنا أمريكيا من أصل عربي يمثل الجيل الثالث أو الرابع من أبناء المهاجرين العرب يقف مذهولا بعد أن فتشوا مكتبه وقلبوه رأسا على عقب لمجرد أنه يحمل اسما عربيا فيقول "كنت أعتقد أن أمريكا أفضل من ذلك". وهي حقيقة اكتشفها ألبرت أينشتين من قبله حينما قال في عام 1947 "جئت إلى أمريكا لأنني سمعت أن بها حرية عظيمة. كان اختياري لأمريكا كموطن للحرية خاطئا، وهو خطأ لن أتمكن من تصحيحه فيما تبقى لي من عمر"
أما ذلك اليهودي الخبيث "هنري كيسنجر" فقد قالها "على البلاطة" وبكل وضوح في مقال نشرته الواشنطون بوست في أبريل 1975 حينما لخص السياسة الأمريكية في جملة واحدة – في معرض الحديث عن فيتنام - هي أنه "يجب أن تقوم الولايات المتحدة بعمل ما في مكان ما من العالم يبين إصرارها على الاستمرار كقوة عالمية. "
أما رونالد ريجان – الرئيس الأمريكي الذي كان يعمل كممثل من الدرجة الثانية – فإن استخفافه بالعالم يبلغ القمة عندما قال بعد غزو جرينادا عام 1983 "اختلفت معنا مائة دولة بالأمم المتحدة على كل أمر تم عرضه عليهم وكان متعلقا بنا، لكن ذلك لم يؤثر إطلاقا على تناولي فطوري. "
من ذلك نرى أن الصلف والغرور الأمريكي كان على قدم وساق حتى من قبل أن ينهار الاتحاد السوفيتي. بعد ذلك خلعت أمريكا "برقع الحياء" فلم تعد آراء الآخرين تعنيها في شيء، وأصبح ضروريا شدها إلى أرض الواقع لتعلم أن الدنيا "دوارة" وأن الإمبراطوريات قامت وانهارت. تلك هي سنة التاريخ التي لا تملك الدول لها تبديلا.
لقد جاء وقت الحساب لكلاب أمريكا المسعورة على أرض الرافدين. لن تؤثر في أحد ولولة الأمهات بأمريكا على شبكات التلفاز الأمريكية الصهيونية ، فقد ولولت من قبلهن أمهات عراقيات وأمهات فلسطينيات. ولتعلم كل أم أمريكية وكل أم إنجليزية أن أحدا لم يدفع بابنها إلى تلك الحرب العدوانية، فالخدمة العسكرية على قدر علمي ليست إجبارية بتلك البلاد. ولتعلم تلك الأمهات أن فلذات أكبادهن إنما قد سقطوا ضحايا الإمبريالية الصهيونية التي تحكم بلادهم وتوهمهم بأنهم يدافعون عن أوطانهم بالتعدي على الآخرين في بلاد بعيدة كل البعد عن بلادهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق