الشيخ الوهابي "يعقوب" الذي ظهر على التلفاز بالصوت والصورة لكي يفتي بتحريم الصور في البيوت - قارن حجم ذقنه بحجم عقله
الحجاب والنفاق الاجتماعي
بقلم: خالد منتصر
في مسألة الحجاب أعتقد أن المناقشة الدينية أو السجال بالنصوص لا يكفيان، لأن هذا بمثابة نقل المباراة إلى ملعب الخصم، فعباءة النصوص فضفاضة وباعهم طويل في التلاعب بهذه النصوص لصالحهم، ناهيك عن التفسير الرجعى لهذه النصوص والذي سيطروا به على العقول التي أقنعت تماما بأن تفسيرهم للنص هو النص نفسه، وهذا لا يعنى ترك ساحة النصوص لهم يفسرون على هواهم ويأولون كما يحلو لهم ولكن مطلوب أيضاً وبشكل ملح توسيع ساحة النقاش وتعدد زوايا النظر إلى نفس الموضوع وإفساح المكان للعلوم الإنسانية لكي تمنح التحليل رحابة وعمقا.
ولذلك سأحاول تحديد بعض المفاهيم المرتبطة بموضوع الحجاب، أولها مفهوم الزي، ولنبدأ بتساؤل: هل الزي مجرد ستر لبدن الإنسان؟ أو بمعنى آخر هل هو مجرد الامتداد الطبيعي لورقة التوت التي غطى بها الإنسان الأول جسده العاري؟ بالطبع لا، فالزي له وظيفة أخرى وهى التعبير، إنه دلالة ومعنى أيضاً، فهو حيناً يعبر عن مهنة (الضابط – الطبيب)، وحيناً يعبر عن مكانة اجتماعية (ماركة عالمية)، أو عن ظرف زمني مؤقت (ملابس الحداد أو العرس)، أو حيناً آخر - وهذا ما يهمنا - يعبر عن اختلاف فيصبح صرخة احتجاج عبرت عن نفسها بالزي مثل القمصان البنية والزرقاء للنازية والفاشية في الغرب، أو مصر الفتاة والإخوان المسلمين في الشرق، فالمرتدي لهذه الملابس يقول أنا مختلف عنكم، وفى حالة الحجاب تقول المحجبة وتعلن للأخريات السافرات: أنا مختلفة عنكن بل ويزيد أنني أشرف منكن!
وهنا نأتى إلى المفهوم الثاني والمهم وهو مفهوم الشرف، فنحن حين نطلق على رجل صفة أنه غير شريف فمن الممكن أن يكون لصاً أو مرتشياً أو نصاباً، ولكننا حين نصف امرأة بأنها غير شريفة فنحن نقصد بالضرورة أنها داعرة! فمقياس الشرف الشرقي شديد المرونة "أول سايز" بالنسبة للرجال أما بالنسبة للمرأة فهو من الحجر الصوان.
ويصرخ أحدهم قائلاً: أخضعت مفهوم الزي والشرف للتحليل وقلت أنهما من الممكن أن يتغيرا فهل العورة أيضاً مفهوم متغير؟ وأقول نعم، حتى مفهوم العورة مفهوم متغير حسب الزمان والمكان مثله مثل أي سلوك، فما هو عورة في الماضي ممكن جداً ألا يكون عورة في الحاضر، وما هو عورة في الريف محتمل ألا يكون عورة في المدينة، وما هو عورة في المدينة لا يعتبر كذلك على البلاج، وهكذا .. حتى تغير الموقف ممكن أن يغير من مفهوم العورة، فمثلا كثيرا ما نشاهد امرأة بملاية لف تخرج ثديها لإرضاع طفلها في أتوبيس عام بلا خجل، ويستقبل الركاب هذا الأمر بلا فزع أو استنكار، ولكن إذا حذفنا الرضاعة من الموقف دخلنا في قضية آداب!
وهكذا فإن تحديد العورة بشكل مطلق خارج حدود الزمان والمكان والظروف عملية مستحيلة وضد أي منطق، بدليل أننا حين نلقى نظرة على صور فوتوغرافية لنساء مصريات في الستينيات مثلاً نجد أن الجسد لم يكن يعامل بمثل هذه الريبة والخوف والخجل، والأهم أن موضوع الحجاب هذا لم يكن مثاراً أصلا مع أن النصوص كانت موجودة في بطون الكتب وأذهان الناس، فهل نزلت الهداية علينا فجأة؟ أم أنها أخلاقيات البدو وسلوكيات ما بعد الجاز التي تحتقر المرأة وتعاملها فقط كمصدر للمتعة وماكينة للتفريخ.
وإذا كنا لا نستطيع أن نناقش مسألة الحجاب بمعزل عن المفاهيم السابقة المرتبطة به فإننا لا نستطيع أن ندرسها ونحللها بعيداً عن السياق الاجتماعي الذي ظهرت فيه قديماً وحديثا،ً لا نستطيع أولا أن ندرس الحجاب بمعزل عن النظرة البدوية القديمة المحتقرة للمرأة والمهمشة لدورها، فقمة الجبل الثلجي هي أنها الدرة المصونة والجوهرة المكنونة وربة الصون والعفاف، أما الجزء المختفي من الجبل فهو احتقار ومهانة وذل، وبنظرة واحدة على أدبيات السلفيين نستنتج عمق هذه النظرة الاستعبادية للمرأة، وإليكم بعض ما يبثونه في كتاباتهم مما يتعارض كلية مع ما نعرف من أخلاق النبي الرفيعة وتكريمه للمرأة وصراعه مع التقاليد البدوية المتحجرة:
● "الكلب والحمار والمرأة تقطع الصلاة إذا مرت أمام المؤمن فاصلة بينه وبين القبلة" البخاري جـ1 ص 99.
● "سوء الحظ يوجد في أشياء ثلاثة البيت والمرأة والفرس" البخاري جـ 3 ص 243.
● "لم أترك بعد أي سبب للفوضى أكثر شؤماً للرجل سوى النساء" البخاري جـ3 ص 243.
ولضيق المساحة سأكتفي بهذا القدر ولكم الحكم.
ولا نستطيع أيضاً أن ندرس ظاهرة الحجاب بمعزل عن السلوك البدوي وقتها وجلافته وغلظته والتي فرضت وقتها مثل هذا الزي ومنها السلوك الذي عاملوا به النبي صلى الله عليه وسلم وقت زواجه بزينب بنت جحش، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فسأذكر واقعة ذكرت في شرح القرآن للنيسابوري، لكي تستحضروا الصورة وتلمسوا كم كانوا أجلافاً حتى على المصطفى عليه الصلاة والسلام .. والواقعة هي أن عيينة بن حصن - وهو رئيس قبيلة كبيرة - شاهد عائشة أثناء زيارته للنبي فقال له من هذه الجالسة إلي جانبك؟ وعندما أعلمه النبي بأن هذه عائشة أم المؤمنين اقترح عليه المبادلة بأن يأخذ هو عائشة ويعطيه بدلاً منها امرأة أجمل منها، فرد عليه النبي بهدوء أن الله منع مثل هذه الممارسات بالنسبة للمسلمين، وأترك الحكم لكم هذه المرة أيضاً ، هل تغير الزمن أم لا ؟
ولا نستطيع في النهاية أن ندرس ظاهرة الحجاب بدون طرح هذه القضية التي يتصور السلفيون أنها مصدر إفحام للجميع، وهى أن الحجاب نزل للحفاظ على كرامة المرأة. والواقع أن نزول الحجاب ليست له أية علاقة بمسألة الكرامة هذه، لأن الكرامة لا تتجزأ وإذا كان إظهار الشعر إهداراً للكرامة فبماذا نسمى امتلاك الجواري وممارسة الجنس مع ملك اليمين؟ بماذا نسمى الرق الذي انتهى بقانون غربي علماني سنة 1926، ورفضت السعودية التوقيع عليه حتى سنة 1962 ، هل هذه الممارسات ليست إهداراً للكرامة ومجرد ظهور خصلات الشعر هو قمة الإهدار؟! ولهذا السبب تحرك السلفيون بقوة لحمايتها من عيون الذئاب بدلا من تغيير فكر هؤلاء الذئاب وتحويلهم إلى حملان!
والتفسير الذي أستريح له والذي يحمى عندي الإسلام وصورته المشرقة، هو أن الحجاب وقتي كما كان نظام الرق وقتياً لا يمكن إلغاؤه مرة واحدة لأن هذا سيهدد المجتمع الذي يعتمد عليهما اقتصادياً بالخراب . فالمسألة ليست مسألة كرامة لأن صفة العدل الإلهية تمنع هذا الفصل وتمنع أيضا أن تكون الأولوية لتغطية الشعر وان يترك جسد الإماء نهباً لمن يملك مالاً أكثر.
وأخيراً أقول أن الحجاب مجرد إشارة لظاهرة أعمق، وهى النفاق الاجتماعي الذي نعيش فيه إلى النخاع، فالمهم عندنا دائماً هو المظهر وليس الجوهر لدرجة أننا أصبحنا كصاحب البقالة الذي يعرض الطعام في فاترينة ثلاجة أنيقة .. الطعام مرصوص جيداً ومغلف بعناية لحفظه من الذباب، أما زجاج الفاترينة فلامع ومصقول ولكن التاجر للأسف نسى أن يضع الفيشة لتوصيل الكهرباء أظنكم توافقونني أن العفن هو المصير.
تعليق:
بقلم: م ع حجازي
خالد منتصر واحد من القلة الواعية المستنيرة التي تنبهت لمدى خطورة انتشار الفكر الوهابي العفن الذي يعصف بشبابنا المصري، إنه يمثل صرخة في واد لن يسمعها الكثيرون بعد أن تمكن هذا الفكر المغلق من عقول أبنائنا. كنت أظن على البعد أن الشابات المصريات تحت ضغط ويلبسن هذا الزي قسرا لخوفهن من الغوغاء، لكنني تبينت فيما بعد أن للقضية أبعادا أخرى.
المتأمل للإعلام العربي يكتشف أن هناك حملة منظمة لنشر الفكر الوهابي عن طريق عدد هائل من المرتزقة الملتحين على الفضائيات التي تبث ليل نهار بهدف صرف الشباب عن نظم الحكم الفاسدة التي تريد التخلف للشعوب لكي تبقى هي. فبينما وضعت الصين وأوربا الدين جانبا لكي تتفرغ للعمل وتوفير الرخاء لأهلها نجد أن الإعلام العربي أصبح ذو شقين رئيسيين. إذا كبست زر التلفاز لترى إحدى تلك الفضائيات العربية فإنك إما أن ترى حمارا ملتحيا يحدثك عما كان في عصر "السلف الصالح" وكيف أن هذا السلف هو القدوة والمثال الذي يجب التمسك بعاداته وتقاليده ووسائله البدائية من الحجامة إلى شرب البول، وإما أن ترى "كليب" لمطربة تتقصع وتغني بأردافها. فإذا شئت الفرار من ذلك وقلبت الفضائيات بحثا عن بعض الاعتدال فأغلب الأمر أنك ستصادف العديد من المسلسلات التي تدور أحداثها الهزيلة وأفكارها السخيفة بين القلة من أصحاب الملايين، متنكرة للسواد الأعظم من أبناء الشعب العربي الكادح الذي يبحث عن قوت يومه في بلاد لا تعرف نظم الضمان الاجتماعي مهما بلغت من الغنى.
هذا الإعلام العفن قد تمكن من عقول شبابنا لدرجة أن المهاجرين الجدد القادمين من أرض الكنانة يصلون إلينا هنا في أستراليا ملتحين ونساؤهم "محنقبات"، ويتمسكون بهذا المظهر الفريد دون أي وعي متأمل أو احترام أو ملاحظة لسلوكيات وملبس أهل الوطن الجديد الذي يستضيفهم ويتحمل مرحلة تخبطهم إلى أن يستوعبوا أصول العيش في المجتمعات الراقية. ومرد ذلك إلى اعتقادهم الراسخ المبرمج بأنهم على حق وأن ملبس أجدادهم بصحراء العرب هو الصواب الذي يجب أن يجعله الفرنجة الكفرة قدوة لهم!
بقلم: خالد منتصر
في مسألة الحجاب أعتقد أن المناقشة الدينية أو السجال بالنصوص لا يكفيان، لأن هذا بمثابة نقل المباراة إلى ملعب الخصم، فعباءة النصوص فضفاضة وباعهم طويل في التلاعب بهذه النصوص لصالحهم، ناهيك عن التفسير الرجعى لهذه النصوص والذي سيطروا به على العقول التي أقنعت تماما بأن تفسيرهم للنص هو النص نفسه، وهذا لا يعنى ترك ساحة النصوص لهم يفسرون على هواهم ويأولون كما يحلو لهم ولكن مطلوب أيضاً وبشكل ملح توسيع ساحة النقاش وتعدد زوايا النظر إلى نفس الموضوع وإفساح المكان للعلوم الإنسانية لكي تمنح التحليل رحابة وعمقا.
ولذلك سأحاول تحديد بعض المفاهيم المرتبطة بموضوع الحجاب، أولها مفهوم الزي، ولنبدأ بتساؤل: هل الزي مجرد ستر لبدن الإنسان؟ أو بمعنى آخر هل هو مجرد الامتداد الطبيعي لورقة التوت التي غطى بها الإنسان الأول جسده العاري؟ بالطبع لا، فالزي له وظيفة أخرى وهى التعبير، إنه دلالة ومعنى أيضاً، فهو حيناً يعبر عن مهنة (الضابط – الطبيب)، وحيناً يعبر عن مكانة اجتماعية (ماركة عالمية)، أو عن ظرف زمني مؤقت (ملابس الحداد أو العرس)، أو حيناً آخر - وهذا ما يهمنا - يعبر عن اختلاف فيصبح صرخة احتجاج عبرت عن نفسها بالزي مثل القمصان البنية والزرقاء للنازية والفاشية في الغرب، أو مصر الفتاة والإخوان المسلمين في الشرق، فالمرتدي لهذه الملابس يقول أنا مختلف عنكم، وفى حالة الحجاب تقول المحجبة وتعلن للأخريات السافرات: أنا مختلفة عنكن بل ويزيد أنني أشرف منكن!
وهنا نأتى إلى المفهوم الثاني والمهم وهو مفهوم الشرف، فنحن حين نطلق على رجل صفة أنه غير شريف فمن الممكن أن يكون لصاً أو مرتشياً أو نصاباً، ولكننا حين نصف امرأة بأنها غير شريفة فنحن نقصد بالضرورة أنها داعرة! فمقياس الشرف الشرقي شديد المرونة "أول سايز" بالنسبة للرجال أما بالنسبة للمرأة فهو من الحجر الصوان.
ويصرخ أحدهم قائلاً: أخضعت مفهوم الزي والشرف للتحليل وقلت أنهما من الممكن أن يتغيرا فهل العورة أيضاً مفهوم متغير؟ وأقول نعم، حتى مفهوم العورة مفهوم متغير حسب الزمان والمكان مثله مثل أي سلوك، فما هو عورة في الماضي ممكن جداً ألا يكون عورة في الحاضر، وما هو عورة في الريف محتمل ألا يكون عورة في المدينة، وما هو عورة في المدينة لا يعتبر كذلك على البلاج، وهكذا .. حتى تغير الموقف ممكن أن يغير من مفهوم العورة، فمثلا كثيرا ما نشاهد امرأة بملاية لف تخرج ثديها لإرضاع طفلها في أتوبيس عام بلا خجل، ويستقبل الركاب هذا الأمر بلا فزع أو استنكار، ولكن إذا حذفنا الرضاعة من الموقف دخلنا في قضية آداب!
وهكذا فإن تحديد العورة بشكل مطلق خارج حدود الزمان والمكان والظروف عملية مستحيلة وضد أي منطق، بدليل أننا حين نلقى نظرة على صور فوتوغرافية لنساء مصريات في الستينيات مثلاً نجد أن الجسد لم يكن يعامل بمثل هذه الريبة والخوف والخجل، والأهم أن موضوع الحجاب هذا لم يكن مثاراً أصلا مع أن النصوص كانت موجودة في بطون الكتب وأذهان الناس، فهل نزلت الهداية علينا فجأة؟ أم أنها أخلاقيات البدو وسلوكيات ما بعد الجاز التي تحتقر المرأة وتعاملها فقط كمصدر للمتعة وماكينة للتفريخ.
وإذا كنا لا نستطيع أن نناقش مسألة الحجاب بمعزل عن المفاهيم السابقة المرتبطة به فإننا لا نستطيع أن ندرسها ونحللها بعيداً عن السياق الاجتماعي الذي ظهرت فيه قديماً وحديثا،ً لا نستطيع أولا أن ندرس الحجاب بمعزل عن النظرة البدوية القديمة المحتقرة للمرأة والمهمشة لدورها، فقمة الجبل الثلجي هي أنها الدرة المصونة والجوهرة المكنونة وربة الصون والعفاف، أما الجزء المختفي من الجبل فهو احتقار ومهانة وذل، وبنظرة واحدة على أدبيات السلفيين نستنتج عمق هذه النظرة الاستعبادية للمرأة، وإليكم بعض ما يبثونه في كتاباتهم مما يتعارض كلية مع ما نعرف من أخلاق النبي الرفيعة وتكريمه للمرأة وصراعه مع التقاليد البدوية المتحجرة:
● "الكلب والحمار والمرأة تقطع الصلاة إذا مرت أمام المؤمن فاصلة بينه وبين القبلة" البخاري جـ1 ص 99.
● "سوء الحظ يوجد في أشياء ثلاثة البيت والمرأة والفرس" البخاري جـ 3 ص 243.
● "لم أترك بعد أي سبب للفوضى أكثر شؤماً للرجل سوى النساء" البخاري جـ3 ص 243.
ولضيق المساحة سأكتفي بهذا القدر ولكم الحكم.
ولا نستطيع أيضاً أن ندرس ظاهرة الحجاب بمعزل عن السلوك البدوي وقتها وجلافته وغلظته والتي فرضت وقتها مثل هذا الزي ومنها السلوك الذي عاملوا به النبي صلى الله عليه وسلم وقت زواجه بزينب بنت جحش، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فسأذكر واقعة ذكرت في شرح القرآن للنيسابوري، لكي تستحضروا الصورة وتلمسوا كم كانوا أجلافاً حتى على المصطفى عليه الصلاة والسلام .. والواقعة هي أن عيينة بن حصن - وهو رئيس قبيلة كبيرة - شاهد عائشة أثناء زيارته للنبي فقال له من هذه الجالسة إلي جانبك؟ وعندما أعلمه النبي بأن هذه عائشة أم المؤمنين اقترح عليه المبادلة بأن يأخذ هو عائشة ويعطيه بدلاً منها امرأة أجمل منها، فرد عليه النبي بهدوء أن الله منع مثل هذه الممارسات بالنسبة للمسلمين، وأترك الحكم لكم هذه المرة أيضاً ، هل تغير الزمن أم لا ؟
ولا نستطيع في النهاية أن ندرس ظاهرة الحجاب بدون طرح هذه القضية التي يتصور السلفيون أنها مصدر إفحام للجميع، وهى أن الحجاب نزل للحفاظ على كرامة المرأة. والواقع أن نزول الحجاب ليست له أية علاقة بمسألة الكرامة هذه، لأن الكرامة لا تتجزأ وإذا كان إظهار الشعر إهداراً للكرامة فبماذا نسمى امتلاك الجواري وممارسة الجنس مع ملك اليمين؟ بماذا نسمى الرق الذي انتهى بقانون غربي علماني سنة 1926، ورفضت السعودية التوقيع عليه حتى سنة 1962 ، هل هذه الممارسات ليست إهداراً للكرامة ومجرد ظهور خصلات الشعر هو قمة الإهدار؟! ولهذا السبب تحرك السلفيون بقوة لحمايتها من عيون الذئاب بدلا من تغيير فكر هؤلاء الذئاب وتحويلهم إلى حملان!
والتفسير الذي أستريح له والذي يحمى عندي الإسلام وصورته المشرقة، هو أن الحجاب وقتي كما كان نظام الرق وقتياً لا يمكن إلغاؤه مرة واحدة لأن هذا سيهدد المجتمع الذي يعتمد عليهما اقتصادياً بالخراب . فالمسألة ليست مسألة كرامة لأن صفة العدل الإلهية تمنع هذا الفصل وتمنع أيضا أن تكون الأولوية لتغطية الشعر وان يترك جسد الإماء نهباً لمن يملك مالاً أكثر.
وأخيراً أقول أن الحجاب مجرد إشارة لظاهرة أعمق، وهى النفاق الاجتماعي الذي نعيش فيه إلى النخاع، فالمهم عندنا دائماً هو المظهر وليس الجوهر لدرجة أننا أصبحنا كصاحب البقالة الذي يعرض الطعام في فاترينة ثلاجة أنيقة .. الطعام مرصوص جيداً ومغلف بعناية لحفظه من الذباب، أما زجاج الفاترينة فلامع ومصقول ولكن التاجر للأسف نسى أن يضع الفيشة لتوصيل الكهرباء أظنكم توافقونني أن العفن هو المصير.
تعليق:
بقلم: م ع حجازي
خالد منتصر واحد من القلة الواعية المستنيرة التي تنبهت لمدى خطورة انتشار الفكر الوهابي العفن الذي يعصف بشبابنا المصري، إنه يمثل صرخة في واد لن يسمعها الكثيرون بعد أن تمكن هذا الفكر المغلق من عقول أبنائنا. كنت أظن على البعد أن الشابات المصريات تحت ضغط ويلبسن هذا الزي قسرا لخوفهن من الغوغاء، لكنني تبينت فيما بعد أن للقضية أبعادا أخرى.
المتأمل للإعلام العربي يكتشف أن هناك حملة منظمة لنشر الفكر الوهابي عن طريق عدد هائل من المرتزقة الملتحين على الفضائيات التي تبث ليل نهار بهدف صرف الشباب عن نظم الحكم الفاسدة التي تريد التخلف للشعوب لكي تبقى هي. فبينما وضعت الصين وأوربا الدين جانبا لكي تتفرغ للعمل وتوفير الرخاء لأهلها نجد أن الإعلام العربي أصبح ذو شقين رئيسيين. إذا كبست زر التلفاز لترى إحدى تلك الفضائيات العربية فإنك إما أن ترى حمارا ملتحيا يحدثك عما كان في عصر "السلف الصالح" وكيف أن هذا السلف هو القدوة والمثال الذي يجب التمسك بعاداته وتقاليده ووسائله البدائية من الحجامة إلى شرب البول، وإما أن ترى "كليب" لمطربة تتقصع وتغني بأردافها. فإذا شئت الفرار من ذلك وقلبت الفضائيات بحثا عن بعض الاعتدال فأغلب الأمر أنك ستصادف العديد من المسلسلات التي تدور أحداثها الهزيلة وأفكارها السخيفة بين القلة من أصحاب الملايين، متنكرة للسواد الأعظم من أبناء الشعب العربي الكادح الذي يبحث عن قوت يومه في بلاد لا تعرف نظم الضمان الاجتماعي مهما بلغت من الغنى.
هذا الإعلام العفن قد تمكن من عقول شبابنا لدرجة أن المهاجرين الجدد القادمين من أرض الكنانة يصلون إلينا هنا في أستراليا ملتحين ونساؤهم "محنقبات"، ويتمسكون بهذا المظهر الفريد دون أي وعي متأمل أو احترام أو ملاحظة لسلوكيات وملبس أهل الوطن الجديد الذي يستضيفهم ويتحمل مرحلة تخبطهم إلى أن يستوعبوا أصول العيش في المجتمعات الراقية. ومرد ذلك إلى اعتقادهم الراسخ المبرمج بأنهم على حق وأن ملبس أجدادهم بصحراء العرب هو الصواب الذي يجب أن يجعله الفرنجة الكفرة قدوة لهم!