إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

هذه المقالات تعكس المأساة التي عاشتها مصر ابتداء بالدكتاتور الأول جمال عبد الناصر - الذي انتزع السلطة من سيده محمد نجيب - وانتهاء بالحمار المنوفي الغبي اللص محمد حسني مبارك. وأخيرا عملية تدمير مصر تحت حكم الصهيوني الحقير بلحة بن عرص المعروف أيضا باسم عبد الفتاح السيسي English blog: http://www.hegazi.blogspot.com

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

بين التحجب والتحنقب

الشيخ الوهابي "يعقوب" الذي ظهر على التلفاز بالصوت والصورة لكي يفتي بتحريم الصور في البيوت - قارن حجم ذقنه بحجم عقله

الحجاب والنفاق الاجتماعي
بقلم: خالد منتصر

في مسألة الحجاب أعتقد أن المناقشة الدينية أو السجال بالنصوص لا يكفيان، لأن هذا بمثابة نقل المباراة إلى ملعب الخصم، فعباءة النصوص فضفاضة وباعهم طويل في التلاعب بهذه النصوص لصالحهم، ناهيك عن التفسير الرجعى لهذه النصوص والذي سيطروا به على العقول التي أقنعت تماما بأن تفسيرهم للنص هو النص نفسه، وهذا لا يعنى ترك ساحة النصوص لهم يفسرون على هواهم ويأولون كما يحلو لهم ولكن مطلوب أيضاً وبشكل ملح توسيع ساحة النقاش وتعدد زوايا النظر إلى نفس الموضوع وإفساح المكان للعلوم الإنسانية لكي تمنح التحليل رحابة وعمقا.

ولذلك سأحاول تحديد بعض المفاهيم المرتبطة بموضوع الحجاب، أولها مفهوم الزي، ولنبدأ بتساؤل: هل الزي مجرد ستر لبدن الإنسان؟ أو بمعنى آخر هل هو مجرد الامتداد الطبيعي لورقة التوت التي غطى بها الإنسان الأول جسده العاري؟ بالطبع لا، فالزي له وظيفة أخرى وهى التعبير، إنه دلالة ومعنى أيضاً، فهو حيناً يعبر عن مهنة (الضابط – الطبيب)، وحيناً يعبر عن مكانة اجتماعية (ماركة عالمية)، أو عن ظرف زمني مؤقت (ملابس الحداد أو العرس)، أو حيناً آخر - وهذا ما يهمنا - يعبر عن اختلاف فيصبح صرخة احتجاج عبرت عن نفسها بالزي مثل القمصان البنية والزرقاء للنازية والفاشية في الغرب، أو مصر الفتاة والإخوان المسلمين في الشرق، فالمرتدي لهذه الملابس يقول أنا مختلف عنكم، وفى حالة الحجاب تقول المحجبة وتعلن للأخريات السافرات: أنا مختلفة عنكن بل ويزيد أنني أشرف منكن!

وهنا نأتى إلى المفهوم الثاني والمهم وهو مفهوم الشرف، فنحن حين نطلق على رجل صفة أنه غير شريف فمن الممكن أن يكون لصاً أو مرتشياً أو نصاباً، ولكننا حين نصف امرأة بأنها غير شريفة فنحن نقصد بالضرورة أنها داعرة! فمقياس الشرف الشرقي شديد المرونة "أول سايز" بالنسبة للرجال أما بالنسبة للمرأة فهو من الحجر الصوان.

ويصرخ أحدهم قائلاً: أخضعت مفهوم الزي والشرف للتحليل وقلت أنهما من الممكن أن يتغيرا فهل العورة أيضاً مفهوم متغير؟ وأقول نعم، حتى مفهوم العورة مفهوم متغير حسب الزمان والمكان مثله مثل أي سلوك، فما هو عورة في الماضي ممكن جداً ألا يكون عورة في الحاضر، وما هو عورة في الريف محتمل ألا يكون عورة في المدينة، وما هو عورة في المدينة لا يعتبر كذلك على البلاج، وهكذا .. حتى تغير الموقف ممكن أن يغير من مفهوم العورة، فمثلا كثيرا ما نشاهد امرأة بملاية لف تخرج ثديها لإرضاع طفلها في أتوبيس عام بلا خجل، ويستقبل الركاب هذا الأمر بلا فزع أو استنكار، ولكن إذا حذفنا الرضاعة من الموقف دخلنا في قضية آداب!

وهكذا فإن تحديد العورة بشكل مطلق خارج حدود الزمان والمكان والظروف عملية مستحيلة وضد أي منطق، بدليل أننا حين نلقى نظرة على صور فوتوغرافية لنساء مصريات في الستينيات مثلاً نجد أن الجسد لم يكن يعامل بمثل هذه الريبة والخوف والخجل، والأهم أن موضوع الحجاب هذا لم يكن مثاراً أصلا مع أن النصوص كانت موجودة في بطون الكتب وأذهان الناس، فهل نزلت الهداية علينا فجأة؟ أم أنها أخلاقيات البدو وسلوكيات ما بعد الجاز التي تحتقر المرأة وتعاملها فقط كمصدر للمتعة وماكينة للتفريخ.

وإذا كنا لا نستطيع أن نناقش مسألة الحجاب بمعزل عن المفاهيم السابقة المرتبطة به فإننا لا نستطيع أن ندرسها ونحللها بعيداً عن السياق الاجتماعي الذي ظهرت فيه قديماً وحديثا،ً لا نستطيع أولا أن ندرس الحجاب بمعزل عن النظرة البدوية القديمة المحتقرة للمرأة والمهمشة لدورها، فقمة الجبل الثلجي هي أنها الدرة المصونة والجوهرة المكنونة وربة الصون والعفاف، أما الجزء المختفي من الجبل فهو احتقار ومهانة وذل، وبنظرة واحدة على أدبيات السلفيين نستنتج عمق هذه النظرة الاستعبادية للمرأة، وإليكم بعض ما يبثونه في كتاباتهم مما يتعارض كلية مع ما نعرف من أخلاق النبي الرفيعة وتكريمه للمرأة وصراعه مع التقاليد البدوية المتحجرة:


● "الكلب والحمار والمرأة تقطع الصلاة إذا مرت أمام المؤمن فاصلة بينه وبين القبلة" البخاري جـ1 ص 99.
● "سوء الحظ يوجد في أشياء ثلاثة البيت والمرأة والفرس" البخاري جـ 3 ص 243.
● "لم أترك بعد أي سبب للفوضى أكثر شؤماً للرجل سوى النساء" البخاري جـ3 ص 243.

ولضيق المساحة سأكتفي بهذا القدر ولكم الحكم.

ولا نستطيع أيضاً أن ندرس ظاهرة الحجاب بمعزل عن السلوك البدوي وقتها وجلافته وغلظته والتي فرضت وقتها مثل هذا الزي ومنها السلوك الذي عاملوا به النبي صلى الله عليه وسلم وقت زواجه بزينب بنت جحش، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فسأذكر واقعة ذكرت في شرح القرآن للنيسابوري، لكي تستحضروا الصورة وتلمسوا كم كانوا أجلافاً حتى على المصطفى عليه الصلاة والسلام .. والواقعة هي أن عيينة بن حصن - وهو رئيس قبيلة كبيرة - شاهد عائشة أثناء زيارته للنبي فقال له من هذه الجالسة إلي جانبك؟ وعندما أعلمه النبي بأن هذه عائشة أم المؤمنين اقترح عليه المبادلة بأن يأخذ هو عائشة ويعطيه بدلاً منها امرأة أجمل منها، فرد عليه النبي بهدوء أن الله منع مثل هذه الممارسات بالنسبة للمسلمين، وأترك الحكم لكم هذه المرة أيضاً ، هل تغير الزمن أم لا ؟

ولا نستطيع في النهاية أن ندرس ظاهرة الحجاب بدون طرح هذه القضية التي يتصور السلفيون أنها مصدر إفحام للجميع، وهى أن الحجاب نزل للحفاظ على كرامة المرأة. والواقع أن نزول الحجاب ليست له أية علاقة بمسألة الكرامة هذه، لأن الكرامة لا تتجزأ وإذا كان إظهار الشعر إهداراً للكرامة فبماذا نسمى امتلاك الجواري وممارسة الجنس مع ملك اليمين؟ بماذا نسمى الرق الذي انتهى بقانون غربي علماني سنة 1926، ورفضت السعودية التوقيع عليه حتى سنة 1962 ، هل هذه الممارسات ليست إهداراً للكرامة ومجرد ظهور خصلات الشعر هو قمة الإهدار؟! ولهذا السبب تحرك السلفيون بقوة لحمايتها من عيون الذئاب بدلا من تغيير فكر هؤلاء الذئاب وتحويلهم إلى حملان!

والتفسير الذي أستريح له والذي يحمى عندي الإسلام وصورته المشرقة، هو أن الحجاب وقتي كما كان نظام الرق وقتياً لا يمكن إلغاؤه مرة واحدة لأن هذا سيهدد المجتمع الذي يعتمد عليهما اقتصادياً بالخراب . فالمسألة ليست مسألة كرامة لأن صفة العدل الإلهية تمنع هذا الفصل وتمنع أيضا أن تكون الأولوية لتغطية الشعر وان يترك جسد الإماء نهباً لمن يملك مالاً أكثر.

وأخيراً أقول أن الحجاب مجرد إشارة لظاهرة أعمق، وهى النفاق الاجتماعي الذي نعيش فيه إلى النخاع، فالمهم عندنا دائماً هو المظهر وليس الجوهر لدرجة أننا أصبحنا كصاحب البقالة الذي يعرض الطعام في فاترينة ثلاجة أنيقة .. الطعام مرصوص جيداً ومغلف بعناية لحفظه من الذباب، أما زجاج الفاترينة فلامع ومصقول ولكن التاجر للأسف نسى أن يضع الفيشة لتوصيل الكهرباء أظنكم توافقونني أن العفن هو المصير.

تعليق:
بقلم: م ع حجازي

خالد منتصر واحد من القلة الواعية المستنيرة التي تنبهت لمدى خطورة انتشار الفكر الوهابي العفن الذي يعصف بشبابنا المصري، إنه يمثل صرخة في واد لن يسمعها الكثيرون بعد أن تمكن هذا الفكر المغلق من عقول أبنائنا. كنت أظن على البعد أن الشابات المصريات تحت ضغط ويلبسن هذا الزي قسرا لخوفهن من الغوغاء، لكنني تبينت فيما بعد أن للقضية أبعادا أخرى.

المتأمل للإعلام العربي يكتشف أن هناك حملة منظمة لنشر الفكر الوهابي عن طريق عدد هائل من المرتزقة الملتحين على الفضائيات التي تبث ليل نهار بهدف صرف الشباب عن نظم الحكم الفاسدة التي تريد التخلف للشعوب لكي تبقى هي. فبينما وضعت الصين وأوربا الدين جانبا لكي تتفرغ للعمل وتوفير الرخاء لأهلها نجد أن الإعلام العربي أصبح ذو شقين رئيسيين. إذا كبست زر التلفاز لترى إحدى تلك الفضائيات العربية فإنك إما أن ترى حمارا ملتحيا يحدثك عما كان في عصر "السلف الصالح" وكيف أن هذا السلف هو القدوة والمثال الذي يجب التمسك بعاداته وتقاليده ووسائله البدائية من الحجامة إلى شرب البول، وإما أن ترى "كليب" لمطربة تتقصع وتغني بأردافها. فإذا شئت الفرار من ذلك وقلبت الفضائيات بحثا عن بعض الاعتدال فأغلب الأمر أنك ستصادف العديد من المسلسلات التي تدور أحداثها الهزيلة وأفكارها السخيفة بين القلة من أصحاب الملايين، متنكرة للسواد الأعظم من أبناء الشعب العربي الكادح الذي يبحث عن قوت يومه في بلاد لا تعرف نظم الضمان الاجتماعي مهما بلغت من الغنى.

هذا الإعلام العفن قد تمكن من عقول شبابنا لدرجة أن المهاجرين الجدد القادمين من أرض الكنانة يصلون إلينا هنا في أستراليا ملتحين ونساؤهم "محنقبات"، ويتمسكون بهذا المظهر الفريد دون أي وعي متأمل أو احترام أو ملاحظة لسلوكيات وملبس أهل الوطن الجديد الذي يستضيفهم ويتحمل مرحلة تخبطهم إلى أن يستوعبوا أصول العيش في المجتمعات الراقية. ومرد ذلك إلى اعتقادهم الراسخ المبرمج بأنهم على حق وأن ملبس أجدادهم بصحراء العرب هو الصواب الذي يجب أن يجعله الفرنجة الكفرة قدوة لهم!

الأحد، 6 ديسمبر 2009

المسلمون واستفزاز الآخرين


هناك مسلمات منطقية لابد من مراعاتها. منها أنه إذا كنت مسلما تعيش ضيفا على بلد أجنبي - أو تعيش عالة على أهله كما هو الحال في استراليا مثلا حيث وفد عليها في أعقاب الحرب الأهلية اللبنانية عدد كبير من المسلمين الأميين وأنصاف المتعلمين ممن يعجزون أو يعرضون عن الانخراط في القوة العاملة بالبلاد – وجب عليك الاستحياء وعدم محاولة فرض نمط حياتك وسلوكياتك على أصحاب البلاد. كنا نعيش في هذه البلاد قبل ذلك في وئام مع أهلها يحترموننا ويحاولون فهمنا والتعايش معنا دون تأفف إلى أن وردت تلك النوعيات الكئيبة التالية من المتأسلمين:

● هؤلاء الذين يربون فوق أصداغهم "مقشة ليف" ويرتدون الجلابيب التي تكون عادة رثة ومنفرة إلى جانب أنها تختلف اختلافا لا مبرر له ولا جدوى من ورائه سوى التحدي السافر لما ألفه أهل البلاد من ملبس.

● النسوة ممن يغطين رؤوسهن بالخرق المسماة "الحجاب"، والتي لم تعرفها أمي أو جدتي بالقاهرة في النصف الأول من القرن العشرين.

● العدد القليل الذي بدأ في الظهور بشوارع المدن الأسترالية من مرتديات الزي الوهابي المسمى"النقاب". كان هذا الزي الغريب الشاذ مثيرا للعجب لدرجة أنني – نظرا لشكي المستمر بنوايا اليهود – اعتقدت أن تلك النسوة من اليهوديات الذين يودون تنشيط الكراهية للمسلمين وتصويرهم بمظهر التخلف والخروج عن المقبول لأهل البلاد، إلى أن صادفت إحداهن على طاولة مجاورة لي بأحد المطاعم، تصارع ملبسها الغريب لكي تستطيع إيصال الطعام إلى فمها. كانت تتكلم اللهجة المصرية وتجالس مصرية أخري من البشر العاديين، فلم أتمالك نفسي وسألتها في أدب عن سر ملبسها الغريب، ففهمت منها أن زوجها يرغمها على ارتدائه. عجبت للأمر وثارت بنفسي شفقة بالمرأة المسكينة فنصحتها بالثورة على زوجها وعدم الخضوع لرغبته. لا أعتقد أن نصيحتي أفادتها فالمرأة كانت على ما يبدو من النوع سلس القياد الذي اعتاد الطاعة العمياء والاستسلام للأوامر، شأنها في ذلك شأن كل المصريين بالوطن الأم الذين أسلموا قيادهم للحمار المنوفي محمد حسني مبارك يفعل بهم ما شاء ويسرق ويزور إرادتهم.

هؤلاء المتأسلمين هم شر البرية وسبب نكبتنا الحالية في بلاد الفرنجة. وحينما يكره أهل سويسرا مآذن المساجد فإن ذلك لا يكون بسبب شكلها المعماري الجميل وإنما السبب هو شكل من يرتاد تلك المساجد من حيث شذوذ ملبسهم ومسلكهم، ومع ذلك فإن سويسرا لم تمنع بناء المساجد رغم أن بعض الدول الإسلامية يمنع بناء الكنائس.

الجمعة، 4 ديسمبر 2009

وزراء جهلة وحكام أجهل من دابة



فن إرضاء الرئيس

بقلم: علاء الأسواني

1 ديسمبر 2009

لم أكن لأصدق هذه الواقعة لولا أن شاهدتها بنفسى على شريط تسجيل لقناة المحور:


أثناء مؤتمر الحزب الوطنى الأخير.. وصلت السيدة سوزان مبارك الى القاعة، يحيط بها أفراد الحراسة، وهرع الوزراء والمسئولون لتحيتها ثم اقتربت منها عائشة عبدالهادى وزيرة القوى العاملة وأخذت تلاحقها، كانت الوزيرة عائشة تتحدث فى موضوع بدا أنه لا يحظى باهتمام السيدة سوزان لكنها ظلت تنصت للوزيرة وعلى وجهها ابتسامة مهذبة. ثم فجأة، أمام الحاضرين وعدسات المصورين وكاميرات التليفزيون، انحنت الوزيرة عائشة عبدالهادى على يد السيدة سوزان مبارك وأخذت تقبلها.

بدا المشهد غريبا للغاية.. إن تقبيل الرجل ليد المرأة عادة فرنسية غير منتشرة فى مصر.. المصريون قد يقبلون يد الأم أو الأب تعبيرا عن الاحترام العميق وفيما عدا ذلك، فإن تقبيل الأيدى يعتبر فى بلادنا أمرا منافيا للكرامة وعزة النفس..

فى عام 1950 كان حزب الوفد قد أنهكه وجوده خارج السلطة لعدة أعوام، وعندما تولى الوفد تشكيل الحكومة الجديدة التقى زعيم الوفد مصطفى النحاس بالملك فاروق وانحنى ليقبل يده وكان ذلك تصرفا مشينا ظل يلاحق مصطفى النحاس حتى وفاته. ما الذى يدفع وزيرة فى الدولة إلى الانحناء وتقبيل الأيدى؟.

الحق أن عائشة عبدالهادى لم تحلم يوما بتولى الوزارة لسبب بسيط أنها لم تكمل تعليمها الأساسى، أى أنها فشلت فى الحصول على الشهادة الإعدادية ونجحت فى أن تكون وزيرة.. فى بلد يضم عشرات الآلاف من حملة الدكتوراه.. إن الوزيرة عائشة تدرك أن توليها للوزارة لا يعود الى كفاءتها أو قدرتها على العمل وإنما يرجع فقط الى رضا الرئيس وأسرته عنها، ومن أجل الاحتفاظ بالرضا الرئاسى فإنها على أتم استعداد لأن تفعل أى شىء بما فى ذلك تقبيل أيدى الرئيس وقرينته وولديه.. السؤال: هل يمكن أن نتوقع من الوزيرة عائشة أن تدافع عن كرامة المصريين وحقوقهم كما يقتضى منصبها كوزيرة للقوى العاملة؟. الإجابة بالنفى القاطع، إن آلاف المصريين الذين يعملون فى دول الخليج يتعرضون لنهب مستحقاتهم على يد الكفيل، ويعانون من المعاملة السيئة المهينة وكثيرا ما يتم حبسهم وجلدهم ظلما.. وهم ينتظرون من حكومة بلادهم أن تدافع عن حقوقهم لكن السيدة عائشة، التى تقبل الأيدى، لا تفعل لهم شيئا.. بل على العكس، فقد أعلنت عائشة عبدالهادى منذ عامين أنها تعاقدت مع السلطات السعودية من أجل توريد آلاف الخادمات المصريات ليعملن فى بيوت السعوديين.. وقد أصابت هذه الصفقة الشاذة المصريين بالصدمة، أولا لأن فى مصر مئات الآلاف من حملة المؤهلات العليا الذين هم أولى بالتعاقد على العمل فى الخليج .. ثانيا لأن إرسال المصريات للعمل كخادمات يتنافى مع أبسط قواعد الكرامة الوطنية ويعرضهن إلى المهانة والإذلال والاعتداءات الجنسية.. ثالثا: لأن مصريات كثيرات من هؤلاء يحملن مؤهلات متوسطة وعالية لكنهن اضطررن تحت ضغط الفقر والبطالة إلى الموافقة على العمل كخادمات.. رابعا: لأن السلطات السعودية التى تتشدد فى كل ما يخص الدين وتشترط وجود رجل محرم مع السيدات فى رحلات الحج والعمرة، فعلت العكس هذه المرة وطلبت أن تذهب الخادمات المصريات الى السعودية وحدهن بدون مرافق.

وقد دافعت الوزيرة عائشة عن صفقة الخادمات التى عقدتها وقالت إن الخدمة فى البيوت لا تعيب أحدا ونصحت معارضيها بأن يتخلصوا من الحساسيات التى لا معنى لها.. وأذكر أن مثقفا مصريا هو الدكتور إيمان يحيى قرر آنذاك أن يرد على الوزيرة بطريقة عملية ومبتكرة.. فقام بنشر الإعلان التالى فى الصفحة الأولى من جريدة الكرامة.. «مطلوب خادمة سعودية مقيمة لأسرة مصرية ميسورة.. مرتب مجز».. ثم ترك رقم تليفونه للاتصال.. وعلى مدى أسابيع، انهالت عليه اللعنات والشتائم من عشرات السعوديين الذين اعتبروا الإعلان مهينا لبلادهم.. وقد اضطرت عائشة الى التراجع عن إرسال الخادمات الى السعودية تحت ضغط الرأى العام.. لكنها عادت وأعلنت فى الشهر الماضى أنها عقدت اتفاقا جديدا لإرسال الخادمات المصريات الى الكويت هذه المرة..

لا أفهم ما سر إصرار بعض المسئولين فى الخليج على استقدام الخادمات من مصر بدلا من الأطباء والمهندسين والمهنيين المصريين الأكفاء الذين يعود إليهم الفضل فى النهضة التى يشهدها الخليج الآن؟.. هل يحقق استعمال المصريين كخدم لذة معينة لدى بعض الخليجيين؟ ولا أفهم أيضا سر ولع هذه الوزيرة الغريبة بتوريد الخادمات لبلاد الخليج؟.. لكنى أفهم أن فاقد الشىء لا يعطيه وأن من تسمح لنفسها بتقبيل أيدى الناس على الملأ لا يمكن أن تدافع عن كرامة أحد..

إن واقعة تقبيل الوزيرة عائشة ليد السيدة سوزان مبارك تعكس علاقة الوزراء وكبار المسئولين بالرئيس مبارك وأسرته.. فى نفس التسجيل الذى شاهدته لقناة المحور، يظهر الدكتور على الدين هلال، مسئول الإعلام فى الحزب الوطنى وأستاذ العلوم السياسية وقد وقع فى ورطة طريفة.. فقد شاء حظه أن يجد نفسه واقفا فى طريق السيدة سوزان مبارك، فارتبك بشدة ولم يدر ماذا يفعل: فهو يخشى أن يفسر إعطاء ظهره للسيدة الأولى وكأنه استهانة بمكانتها فتكون العاقبة وخيمة، كما أنه لا يستطيع أن يغامر بالتوجه إليها والحديث معها مادامت لم تطلب منه ذلك.. ولو أنه قرر الابتعاد فجأة عن مسار السيدة سوزان قد يبدو ذلك أيضا تصرفا لا يليق.. ماذا يفعل إذن؟ بدا المسئول الكبير مضطربا ومشتت الذهن وظل يتأرجح فى مكانه حتى جاء إليه ضابط حراسة وأزاحه بعيدا حتى تتقدم السيدة سوزان مبارك فى طريقها.

هذا الخضوع التام للرئيس وأسرته سمة مشتركة للوزراء جميعا فى مصر. ولعلنا نذكر فى العام الماضى كيف قام جمال مبارك بتوبيخ وزير التعليم العالى هانى هلال على الملأ فى احتفال للجامعة الأمريكية ومنعه من الجلوس بجواره على المنصة ثم أشار إليه بيده أن ينصرف فورا، لم يغضب الوزير هانى هلال آنذاك لتوبيخه علنا وإنما أصابه الجزع فقط لأن جمال مبارك غاضب عليه.. فى الدول الديمقراطية، يصل الوزير الى منصبه بواسطة انتخابات نزيهة، وهو يدين بالفضل للناخبين ويبذل كل جهده لكى يحتفظ بثقتهم وأصواتهم. وإذا اختلف الوزير هناك مع رئيس الدولة فإنه يقدم استقالته فورا لأنه يعلم أنه سيعود الى منصبه إذا فاز فى الانتخابات المقبلة.. أما فى النظام الاستبدادى فإن رأى الناس لا يهم الوزير إطلاقا، لأنه يتولى الوزارة ليس بسبب كفاءته أو عمله وإنما بفضل ولائه للرئيس. وبالتالى فإن مستقبله السياسى كله معلق بكلمة واحدة من سيادة الرئيس. لن تجد فى مصر أبدا وزيرا يناقش الرئيس مبارك فيما يقوله أو يختلف معه أو حتى يتحفظ على كلمة واحدة قالها. كلهم يمجدون الرئيس ويشيدون بعبقريته وإنجازاته العظيمة التى لا نراها نحن المصريين ولا نشعر بها، (لأنها ببساطة غير موجودة)..

رأيت من سنوات مسئولا اقتصاديا بارزا فى الدولة يؤكد على شاشة التليفزيون أن الرئيس مبارك بالرغم من كونه لم يدرس الاقتصاد إلا أن سيادته يتميز «بالإلهام الاقتصادى» الذى يجعله يتوصل الى أفكار اقتصادية جبارة ومبهرة تستعصى على أساتذة الاقتصاد أنفسهم(!). إن طريقة تولى المناصب فى مصر تستبعد تلقائيا أصحاب الكفاءات والشخصيات القيادية والذين يتمتعون بعزة النفس ويحرصون على كرامتهم.. بينما تمنح المناصب عادة للفاشلين والأتباع والمنافقين والمتعاونين مع أجهزة الأمن.. وقد أدى ذلك الى تدهور الأحوال فى مصر حتى وصلت الى الحضيض فى معظم المجالات.

إن اللحظة التى انحنت فيها عائشة عبدالهادى لتقبل يد السيدة سوزان مبارك، تحمل فى معناها التفسير الكامل لضياع حقوق المصريين داخل الوطن وخارجه. عندما يتم إصلاح ديمقراطى حقيقى، سوف تأتى الانتخابات بمسئولين أكفاء ومحترمين لا يقبلون الأيدى ولا ينافقون الرئيس وأسرته، عندئذ فقط سوف تنهض مصر. الديمقراطية هى الحل.

تعليق
بقلم: محمد عبداللطيف حجازي


من الطبيعي جدا أن تجد وزيرة جاهلة أو وزير مثقف منافق في دولة رأسها حمار لما يربو على ربع القرن، ومن الطبيعي جدا أن تجد امرأة في دونية سوزان مبارك في منصب "حمارة مصر الأولى". ما هو غير طبيعي هو أن يستكين ويصبر على ذلك 80 مليون مواطن مصري بدلا من ثورة شعبية تنهي هذه المهزلة وتنقذ مستقبل مصر وتنتقل بها إلى القرن الحادي والعشرين، فيحكمها أهل العلم والمعرفة من أبنائها البررة وليست ثلة من المنحرفين واللصوص والانتهازيين الذين لا يهمهم مستقبل البلاد في شيء.

هذه المدونة

هذه المقالات كتبت على مدى ثلاثة عقود وهي أصلح ما تكون في سياقها التاريخي، فمثلا مقالي عن الحجاب المكتوب في ثمانينيات القرن الماضي يصف من ترتديه بضيق الأفق لأن تلك الغربان كانت أعدادها قليلة، أما اليوم فإن من ترتدي ذلك الزي السخيف لا يليق وصفها بضيق الأفق إذا ما كانت مكرهة على لبسه خوفا مما قد تعانيه من مشاكل في مواجهة الغوغاء الذين يريدون فرض هذا الزي الوهابي بالقوة بحجة أنه "فرض عين" أو أنف أو أذن، وأن من واجبهم تغيير المنكر بأيديهم مفترضين أن نساء القاهرة الجميلات كن كافرات في الخمسينيات والستينيات، وأن ذلك أهم من القضاء على حسني مبارك وعصابته ممن أودوا بمصر إلى التهلكة.


أرشيف المدونة الإلكترونية

من أنا

ملبورن, فيكتوريا, Australia
أنا واحد من آلاف المصريين الذين فروا من الدولة الدكتاتورية البوليسية التي يرأسها السوائم ولا يشارك في حكمها سوى حثالة أهلها من اللصوص والمرتزقة والخونة وينأى الأشراف بأنفسهم عن تولى مناصبها الوزارية.