خطاب شرف وسياسة الأيدي المرتعشة
أكد خطاب عصام شرف ليلة أمس ما تشكك فيه الكثيرون من أن تلك الحكومة لم ولن تكون حكومة الثورة، فبالرغم من ادعاء رئيس الحكومة بأنه استمع لمطالب الثوار يوم الجمعة العظيمة 8 يوليو في ميادين التحرير بكل مدن مصر، إلا أنه خرج علينا بخطاب مقتضب أقل ما يوصف به أنه جاء متأخرا عدة شهور وأنه جاء أقل كثيرا من الحد الأدنى لمطالب الثوار. حيث حاول شرف امتصاص غضب المصريين مؤكدا إنهاء خدمة الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين وتعجيل محاكمتهم مع الفاسدين في دوائر قضائية خاصة وكذلك إصدار تكليفات لوزراء حكومته بتحقيق مطالب الثوار!!
ونحن نؤكد أن أول مطالب الثوار هو إقالة تلك الحكومة التي تثبت كل يوم أن أغلب وزرائها ينتمون للنظام البائد وسياساته، فبعد أربعة شهور من الحكم لم تتحرك حكومتك يا د. شرف إلا بعد أن فاض الكيل بالشعب الذي يصرخ مطالبا بحكومة ثورية تحقق مطالب الثوار في تطهير الداخلية وباقي أجهزة الدولة مثل الجامعات والنقابات واتحاد العمال، ومن رجال النظام البائد والعزل السياسي لأعضاء مجالس الشعب والشورى والمحليات من الحزب الواطي، وإيقاف محاكمة المدنيين عسكريا وإلغاء القانون (الفضيحة) لتجريم الاعتصام والإضراب الصادر عن حكومتك وفرض حد أدنى عادل للأجور وحد أقصى واسترداد الشركات التي تم خصخصتها في صفقات مشبوهة ومصادرة أموال وأراضي الفاسدين سارقي قوت الشعب والتسعير الجبري للسلع الأساسية.
هذا بعض ما طالب به الثوار وهو ما يحقق شعار الثورة التي يدعي دكتور شرف انتماؤه إليها (تغيير – حرية – عدالة إجتماعية)، ولم يعد مقبولا التماس الأعذار له بأن الجيش يقيد حركته، فقد أكد بنفسه في ميدان التحرير أمام الملايين أنه إذا فشل في تحقيق أهداف الثورة سيعود إلى الميدان وصفوف الثوار وهو ما تؤكد الأحداث كذبه.
الفرق بين الإصلاح والثورة أصبح واضحا للجميع فما تحتاجه مصر اليوم هو حكومة ثورية لا ترتعش أمام المجلس العسكري مرة، وأمام الإخوان والسلفيين مرة، وأمام رجال الأعمال والمستثمرين مرات، فهذه الحكومة لا تحقق طموح الثوار بل تخدم مصالح حلف الثورة المضادة من رجال النظام السابق المنتشرين بحكم استشراء الفساد والاستبداد خلال ثلاثين عاما في كل المؤسسات بل وفي المجلس العسكري والحكومة ذاتها.
لقد جاء الرد على الخطاب الهزيل سريعا في كل أنحاء مصر: تمثيلية ... تمثيلية. فالشعب لم تعد تنطلي عليه أكاذيب النظام وقد فاض به الكيل من الانتظار. آن الأوان لأن يتكلم الشعب وأن ينصت النظام .. والشعب يريد إسقاط النظام.
معتصمون حتى تحقيق مطالب الثورة التي سالت في سبيلها أغلى الدماء
المجد للشهداء والنصر للثورة والسلطة للشعب
الاشتراكيون الثوريون
10/7/2011
===========================================
تعليق
بقلم: محمد عبد اللطيف حجازي
الكلام أعلاه قد يحمل بعض المبالغة لكنه بالفعل يعطي صورة لما يحدث الآن من تعتيم وتزييف للكثير من الأمور الحساسة التي يريد الناس حسمها دون لف أو دوران.
ثبت أن المجلس العسكري لا يصلح لإدارة البلاد في هذه المرحلة تحت قيادة الفريق طنطاوي الذي تجاوز عمر التقاعد وكان تصريحه الأول عند خلع مبارك هو التغني بعطاء عميل الصهيونية الأمريكية "في الحرب والسلم" أي كما يقول المثل الدارج "أول القصيدة كفر". المجلس العسكري بكامله محل تشكك بحكم ولائه المطلق لرئيسه المخلوع الذي انتقاهم جميعا وأجزل لهم العطاء بصورة تضمن الولاء المطلق الذي نرى آثاره اليوم في بقاء مبارك آمنا لستة أشهر بمملكة شرم الشيخ. كان على المجلس العسكري نصب المشانق بميدان التحرير في الأيام الأولى للثورة ليتدلى منها محمد حسني مبارك وحبيب العادلي بتهمة الخيانة العظمي للأول، وتهمة إصدار الأوامر بضرب الثوار بالرصاص للثاني. لم يكن الأمر يتطلب سوى محاكمة ثورية سريعة لا تستغرق سوى سويعات قليلة. لو كان ذلك قد تم في حينه فإن فئران الداخلية كانت تلوذ بجحورها ولا تتفرغ لبث الفوضى والبلطجة، وإرهاب المواطنين ظنا في إمكان حدوث المستحيل بالعودة إلى عهد مضى وانقضى إلى غير رجعة.
على المجلس العسكري أن يصحح أخطاؤه بالإسراع في المحاكمة العسكرية الثورية لمبارك وأذنابه وإصدار أحكام الإعدام على مبارك وعشرين أو ثلاثين من أعوانه من كبار ضباط الشرطة وغيرهم ممن تلاعبوا بمقدرات الوطن. لقد عاشت مصر بدون شرطة خلال أصعب أيام الثورة ويمكنها أن تعيش بدون شرطة إلى أن يتم التطهير الكامل لهذا الجهاز الحساس من الكلاب المسعورة التي أدمنت احتقار المواطن والتنكيل به. عندئذ يطمئن الناس ويعطونكم الوقت اللازم لاستمرار الإصلاح الممنهج. المواطن المصري صدره رحب ويثق بالمؤسسة العسكرية، ولكن .. للصبر حدود.