حينما جاء انقلاب 1952 استطاع عبد الناصر بالخديعة أن ينفرد بالحكم فوضع العاقل الوحيد من رجال الثورة المزعومة – محمد نجيب – في محبسه الخاص بالمرج وبدأ عملية تدمير غير مقصودة لمصر وحضارتها وشعبها، انتهت بنا إلى حكم مافيا فريد في فساده وتغلغله تحت قيادة اللص المدعو محمد حسني مبارك. لا أعتقد أن دولة أخرى على سطح الكرة الأرضية قد وصل بها الأمر إلى ما أوصلنا إليه ذلك اللص السفيه من ضياع شامل ممنهج لصالح عدونا الصهيوني الرابض على حدودنا ولا يفصلنا عنه اليوم سوي دولة شرم الشيخ التي يحتمي بها ابن عنايات من الشعب المصري الذي لو أمسك به لتدلى من أحد أعمدة النور.
أعود إلى موضوع هذا المقال وهو تمثيل العمال والفلاحين بالمجالس النيابية وهي إحدى خزعبلات عبد الناصر التي ابتدعها عن حسن مقصد وظن أنها تؤدي إلى ضمان حق العامل والفلاح، لكنها في النهاية أدت إلى تدني التمثيل النيابي وتحويله إلى جمع من المصفقين والمنتفعين.
الفلاح المصري مكانه فوق أرضه يزرعها و يرعاها، والعامل المصري مكانه المصنع الذي يبذل فيه جهده ليخدم بيديه أسرته وأمته. كلاهما جزء من النسيج الاجتماعي للوطن. كلاهما نعرف قدره لأنه يبذل الجهد والعرق لكي يوفر لنفسه وأسرته العيش الكريم على أرض وطنه الذي لم يتمكن من إنصافه وتقديم مستوى العيش اللائق له على مر العصور. لكن كلاهما لا يصلح للتمثيل النيابي الذي يحتاج العلم والقدرة على الدراسة والتخطيط لأمور كثيرة ومتشعبة، وعلى الفلاح والعامل المصري أن يثق بالنخبة التي تمثله وليس مطلوبا منه سوى أن يحسن الاختيار عندما يتوجه للإدلاء بصوته مستقبلا في انتخابات حقيقية تعادل أو تتفوق على ما كان قبل 1952.
لو كان الأمر بيدي لوضعت شرطا لمن يريد الترشح للمجالس النيابية هو أن يكون حاصلا على حد أدنى من المؤهلات الدراسية بأي من فروع المعرفة الإنسانية لكي يمكن له الإسهام في اتخاذ القرارات عن وعي ومعرفة. لكن ذلك اقتراح مثالي في عالم غير مثالي. المطلوب اليوم هو إلغاء ذلك التقسيم الفئوي لممثلي الشعب وأن نأمل ممن ليس على المستوى المعرفي اللائق أن يعرض من تلقاء نفسه عن الترشح لمهمة لا يملك أدواتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق