إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

هذه المقالات تعكس المأساة التي عاشتها مصر ابتداء بالدكتاتور الأول جمال عبد الناصر - الذي انتزع السلطة من سيده محمد نجيب - وانتهاء بالحمار المنوفي الغبي اللص محمد حسني مبارك. وأخيرا عملية تدمير مصر تحت حكم الصهيوني الحقير بلحة بن عرص المعروف أيضا باسم عبد الفتاح السيسي English blog: http://www.hegazi.blogspot.com

الخميس، 11 يوليو 2013

صواب يحتمل الخطأ

  الرئيس الانتقالي عدلي محمود منصور

رأيي صواب يحتمل الخطأ! هكذا قلت لكل أصدقائي بالمهجر على سبيل الفكاهة، حينما واجهوني بالقول بأنني "مع الرايجة" وكيف كنت أدافع مستميتا عن الإخوان رغم كرهي لسحنتهم. الأمر ببساطة هو أنني مثل كل المحللين لا أملك كل الحقائق ولا علم لي بكل ما يجري خلف الكواليس، وإنما أحاول جهدي ربط بعض الحقائق القليلة المتوفرة والخروج منها بأكثر الاحتمالات قوة.

الحقائق المتوفرة قليلة والتكهنات كثيرة. فلنأخذ مثلا قصة انتخاب مرسي رئيسا لمصر. هل يعقل أن يختار المصريون هذا الفرد رئيسا لهم؟ هل يعقل أن يختار أغلبية أهل مصر حمارا لا يصلح لإدارة دكان بقالة، ولا يمتلك أيا من مقومات أو كفاءات رجل الدولة، قام بخلط الأمور بسرعة في هذيان سخيف عن إيران وسوريا لأنه عميل أمريكي بامتياز، ووقف عاجزا أو غير واع بمشكلة مصر الاقتصادية. الإجابة بلا شك تكون بالنفي. المصريون انتخبوا مرسي ليس لأنهم أرادوا الإخوان أو مرسي، بل لأنهم كانوا كارهين لمخلفات نظام مبارك التي جسدها اللص الهارب في الإمارات. انتخابات الرئاسة كانت مهزلة مدروسة أشرف عليها العسكر القدامى لكي تنتهي بانتخاب اللص، ولكنها انتهت بفوز الحمار، وبتعليمات أمريكية في اللحظات الأخيرة قبيل إعلان نتيجة التصويت، سواء كانت صحيحة أو مزورة. المتأمل للأمور في تلك الفترة يستطيع أن يرى كيف أن المشرف على الانتخابات كان رئيس المحكمة الدستورية العليا. يبدو ذلك لأول وهلة أمرا مطمئنا بافتراض أن المحكمة الدستورية العليا هي قمة الهرم القضائي، ومهما كانت درجة فساد القضاء بمصر فإن المفترض أن كبار قضاتها يكونون أبعد من غيرهم عن الفساد ، هذا هو المفترض لكن الواقع كان شيئا آخر. رئيس المحكمة الدستورية العليا كان خفي الذكر المستشار فاروق أحمد سلطان* الذي كان خبيرا وذو باع في تزوير الانتخابات.

 كنت مثل الكثيرين أومن بضرورة استمرار مرسي حفاظا على الديمقراطية الوليدة ولكن رأيي تغير وبشدة في الاتجاه المعاكس خلال الأيام القليلة الماضية لسببين، الأول هو أنه قد تبين بوضوح أن الإخوان المتأسلمين تنظيم إرهابي رجعي سري لا يعرف معظم أعضاؤه بتلك الحقيقة وينقادون كالخراف وراء قادتهم المتآمرين بسبب العقيدة العمياء، والسبب الثاني هو أن السيسي ليس طنطاوي بل كان على قمة جهاز المخابرات العسكرية القوي الذي يعرف كل الحقائق ويعرف "دبة النملة" في مصر. السيسي وزملاؤه فيما أعتقد - وأرجو من الله ألا أكون مخطئا - يمثل جيلا جديدا متفتحا من العسكر، على عكس طنطاوي ورفاقه ممن يسمونهم بالإنجليزية old guard أي القدامى المتحجرين، وكانوا في معظمهم من الفاشلين الفاسدين صبية مبارك اللص المترهل الذي باع كل شيء للصهيونية الأمريكية في مقابل استمرار حكمه الفاشي.

القائد العام للقوات المسلحة: عبد الفتاح سعيد السيسي
جاء مرسي بشرعية مزيفة أشرف على إنتاجها المجلس العسكري "الفلولي" الخائن بقيادة طنطاوي خادم المخلوع. قام مرسي بالخلاص من طنطاوي ومنح السيسي رتبتين دفعة واحدة في ترقية استثنائية من ضابط صغير نسبيا برتبة لواء إلى رتبة فريق أول، متخطيا رتبة فريق لكي يشتري ولاءه ولكن الضابط الصغير لم يتدنس ولاؤه لوطنه وكان على علم بما يحيكه قادة الإخوان المسلمين - من الدفع بمصر إلى مستنقع التطرف الديني - بحكم رئاسته السابقة للمخابرات العسكرية المصرية التي تعرف كل صغيرة وكبيرة بمصر. وحينما أحس السيسي بأن مرسي ينزلق بمصر بصورة لا يمكن تحمل تبعاتها قام بانقلاب عسكري لا يهدف إلى تمكين الحكم العسكري مرة أخرى وإنما يهدف إلى عودة مصر إلى الاعتدال ونبذ التطرف الديني المدمر ... شكرا للسيسي ... فقد أسأت الظن به في البداية وكنت - عن خطأ - من أنصار "الشرعية" التي لو استمرت لدمرت مصر تماما لصالح الصهيونية الأمريكية. اختار السيسي للرئاسة المؤقتة واحدا من أنزه قضاة مصر وأشرفهم هو الرئيس الحالي عدلي منصور الذي حلف اليمين أمام رفاقه بالمحكمة الدستورية العليا. تلك هي القصة باختصار شديد وعلى شباب الإخوان فهم الأمور جيدا فهم مخدوعين انضموا إلى جماعة متطرفة منبوذة من السواد الأعظم من المسلمين المعتدلين الذين لا يرمون الناس بالكفر وفي وئام مع شركاء الوطن من الأقباط. إما أن تثوبوا إلى رشدكم أو أن تلفظكم مصر التي كانت معتدلة على مر التاريخ وستستمر معتدلة ومنارة يشهد لها العالم بالرقي.

لكن الخوف من العسكر ما زال مشروعا فهم يشكلون دولة داخل الدولة، يتقاضى كبارهم رواتبا ضخمة ويفتئتون على العمالة المجانية للمجندين، والفساد المتوارث ما زال ينخر في الجيش بسبب سرية ميزانيته والأرباح التي يدرها النشاط الاقتصادي الضخم للمؤسسة العسكرية. الجيش المصري رغم وطنية وشجاعة جنده لا يستطيع الدفاع عن البلاد بسبب تخلف تسليحه الذي يعتمد على ما تمن به أمريكا وتعلم إسرائيل كل صغيرة وكبيرة عنه. وباستثناء الحالة الثورية التي نعيشها وفضل القيادة الحالية في تخليصنا من جرثومة الإخوان المسلمين إلا أنه ليس من المقبول أن يستمر تدخل الجيش في إدارة الدولة، بل يجب أن يكون ذلك متروكا لإدارة مدنية تكنوقراطية لم تتوفر لمصر على مدى 60 عاما من حكم العسكر الذي أثبتت التجربة مدى عقمه بأي دولة.

الوضع الحالي لا يبشر بالكثير من الخير. الإخوان المتأسلمين تحكمهم غريزة حب البقاء ويريدون نسف الدولة لكي يتمكنوا من العودة إلى الحياة. السلفيون من عملاء الوهابية السعودية أصبح لهم قوة ضغط بالمرحلة الانتقالية بحيث لم يمكن التخلص من شوائب التخلف الديني الدستوري، حيث ينص الإعلان الدستوري الأخير على أن مصر دولة "دينها الإسلام" وهي عبارة لا تصلح في القرن الحادي والعشرين وتضعنا في مصاف دولة عنصرية مثل إسرائيل. تمكن السلفيون - الذين لم نسمع بوجودهم بمصر إلا في السنوات الأخيرة - من أن تكون لهم تلك القوة، لأن سيدهم عاهر الحرمين قد أعطى وعودا ببلايين الدولارات المشروطة لمساعدة مصر على اجتياز أزمتها الاقتصادية، مثلما فعل نظيريه الكويتي والإماراتي. مشاكل مصر الاقتصادية المتراكمة مشاكل كبرى بالفعل وحجمها لا يسمح بالمماطلة والتسويف ولا يدرك الكثيرون مدى خطورتها ولن يتم حلها إلا بالإسراع في حل مشكلتها السياسية الحالية، وهو دور لا يقدر على حله سوى الحسم والحزم مع جهل بقايا التخلف الديني الذي يشدنا إلى الوراء. هؤلاء السلفيون يستحقون نفس المعاملة التي تلقاها الإخوان المتأسلمين لأنهم خطر أيديولوجي يعادل في ضرره الأخطار الاقتصادية إن لم يكن أبعد أثرا منها في المستقبل القريب والبعيد.

على كل حاكم قادم أن يدرك أن التعصب الديني المستورد من ضيعة آل سعود هو العدو الأول للتقدم والازدهار. هذا التدين الصوري لم ينهي الفقر والفساد بدولة آل سعود الغنية ولم يخلق بها نظما عادلة للضمان الاجتماعي تقتلع الفقر من جذوره، ولم يخلق بها أية قواعد صناعية كبرى تمتص البطالة المتفشية، أو نظما قضائية تحقق العدل وليس اجتثاث رؤوس البشر بالسيف. فليعلم أهل مصر جميعا أقباطا ومسلمين أن حاجتهم إلى المستشفيات النظيفة والمدارس الحديثة الفاعلة أهم من بناء المساجد والكنائس لأن الله لا يساعد من لا يساعد نفسه.
___________________________________________________________

المستشار المتقاعد: فاروق أحمد سلطان

* كان فاروق سلطان الأكبر درجة بين الفاسدين من قضاة مصر. خبراته السابقة لا تمت بصلة للمجال الدستوري وإنما كانت في المحاكم العسكرية والمحاكم سيئة السمعة مثل "محكمة القيم" وأمن الدولة. خرج من القوات المسلحة برتبة مقدم ليلتحق بعدها بالقضاء المدني، حيث عينه وزير العدل الفاسد ممدوح مرعي رئيسا لمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية في عام 2006 ثم استحدث له منصب مساعد أول وزير العدل لشئون المحاكم المتخصصة. قام المخلوع بكسر كل الأعراف وقام بتعديل فقرة دستورية لكي يتمكن في يوليو 2009 من تعيين ذلك القاضي الإمعة رئيسا للمحكمة الدستورية العليا بدرجة وزير. كان لتلك الترقيات السريعة المتتالية أهدافا منها تدمير النقابات المهنية والمساعدة في تزوير الانتخابات وتسهيل مشروع التوريث المرتقب في 2010. كانت هناك تكهنات أثناء الثورة بأن رئيس المحكمة الدستورية العليا سيكون رئيسا مؤقتا للبلاد فقطع فاروق سلطان مهمة له بتركيا وأسرع عائدا إلى مصر، لكن الأقدار شاءت له أن يستمر في ممارسة الهواية التي أجادها وتمرس في ألاعيبها وهي تزوير الانتخابات.


هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

مع كامل احترامي لرأيك أنصحك بألا تضع املا كبيرا على السيسي فكلهم متشابهون وان اختلفت الظروف والمواقف وان كان حكم الاخوان ظلما فانهاؤه بظلم آخر لن يؤدى بمصر الى خير.. ان كذب العسكر لا يختلف كثيرا عن كذب الاخوان وبين هذا و ذاك لا تراق الا دماء الابرياء من الطرفين.. واذا كانت ثورة 30 يونيو ثورة احرار بحق ما كانت لتغلق القنوات المؤيدة لمرسي حتى لو كانت على خطأ او تمنع مقالا منذ يومين لصحفى فى جريدة الشروق بأوامر عسكرية.. ان كانت الثورة على حق فلتتركهم ليقولوا ما يقولون و على الناس الاختيار اى فريق يصدقون.

Mohammed A. Hegazi يقول...

شكرا على ردك. ربما يكون في مقالي اللاحق شيئا من الإيضاح، حيث كتب على أهل مصر المفاضلة بين الأسوأ والأقل سوءا.

هذه المدونة

هذه المقالات كتبت على مدى ثلاثة عقود وهي أصلح ما تكون في سياقها التاريخي، فمثلا مقالي عن الحجاب المكتوب في ثمانينيات القرن الماضي يصف من ترتديه بضيق الأفق لأن تلك الغربان كانت أعدادها قليلة، أما اليوم فإن من ترتدي ذلك الزي السخيف لا يليق وصفها بضيق الأفق إذا ما كانت مكرهة على لبسه خوفا مما قد تعانيه من مشاكل في مواجهة الغوغاء الذين يريدون فرض هذا الزي الوهابي بالقوة بحجة أنه "فرض عين" أو أنف أو أذن، وأن من واجبهم تغيير المنكر بأيديهم مفترضين أن نساء القاهرة الجميلات كن كافرات في الخمسينيات والستينيات، وأن ذلك أهم من القضاء على حسني مبارك وعصابته ممن أودوا بمصر إلى التهلكة.


أرشيف المدونة الإلكترونية

من أنا

ملبورن, فيكتوريا, Australia
أنا واحد من آلاف المصريين الذين فروا من الدولة الدكتاتورية البوليسية التي يرأسها السوائم ولا يشارك في حكمها سوى حثالة أهلها من اللصوص والمرتزقة والخونة وينأى الأشراف بأنفسهم عن تولى مناصبها الوزارية.