إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

هذه المقالات تعكس المأساة التي عاشتها مصر ابتداء بالدكتاتور الأول جمال عبد الناصر - الذي انتزع السلطة من سيده محمد نجيب - وانتهاء بالحمار المنوفي الغبي اللص محمد حسني مبارك. وأخيرا عملية تدمير مصر تحت حكم الصهيوني الحقير بلحة بن عرص المعروف أيضا باسم عبد الفتاح السيسي English blog: http://www.hegazi.blogspot.com

الأربعاء، 11 يناير 2017

التاريخ في سلسلة مقالات - الجزء الرابع


(23)
التاريخ في سلسلة مقالات
من أقوال الصحف العالمية

ترجمة وعرض: محمد عبد اللطيف حجازي

mehegazi@yahoo.com تاريخ المقال: 14/06/2002

لويس رينيه بيريز Louis Rene Beres كاتب صهيوني متخصص في الكتابة والفبركة في شئون القانون الدولي وأما يوش تسيدون شاتو Yoash Tsiddon-Chatto فهو ضابط طيران صهيوني متقاعد كان يرأس شئون التخطيط بسلاح الطيران الإسرائيلي وقد تلقى تعليمه في المدرسة العليا للطيران الحربي في باريس Ecole Superieure de Guerre Aerienne وكان عضوا بالوفد الإسرائيلي في مباحثات مدريد في 1991. جلس كلاهما وكتبا حجة في التضليل الإعلامي نشرتها آرتز شيفا Arutz Sheva الإسرائيلية في 9/6/2002 بعنوان "إسرائيل والعراق والقانون الدولي" تقول: 

(مر اليوم 21 عاما على تدمير المفاعل النووي العراقي "أوزيراك" " الذي دمرته المقاتلات وقاذفات القنابل الإسرائيلية قبيل إعداده للعمل. كان رد الفعل العالمي في ذلك الوقت شديد العداء، حتى أن مجلس الأمن في قراره رقم 487 في 19 يونية 1981 أوضح أنه "يدين الهجوم" وأن "العراق له الحق في التعويض المناسب عن الأضرار التي لحقت به."
يبدو هذا الإجراء الدفاعي المثير للجدل شديد الاختلاف اليوم عما كان عليه في يونية 1981، فنحن نعلم الآن على وجه اليقين أن خطة صدام حسين لبناء المفاعل الوارد من فرنسا - في مركز الأبحاث النووية في "التويثه" التي تبعد حوالي 20 كيلومترا من بغداد - كان الهدف منه هو إنتاج كميات من البلوتونيوم ذات قيمة حربية. لم يكن هناك غرض آخر. كان الهدف العراقي ببساطة هو صناعة أسلحة نووية قد تحقق السيادة الإقليمية لصدام ويمكن لها عند الضرورة أن تنتج مقومات الحرب النووية. كان لاحتمال امتلاك النظام العراقي الدكتاتوري للأسلحة النووية تبعات دولية بعيدة المدى لا تؤثر فقط على حكومة إسرائيل "الكافرة" بل تؤثر أيضا على أمن تلك الدول الأخرى التي يلزمها نفط الشرق الأوسط وتلك الدول التي اشتركت فيما بعد في حرب الخليج عام 1991 . وعلى ذكر ذلك فإن المجتمع الدولي قد فشل فشلا ذريعا في منع جهود صدام لبناء الأسلحة النووية بعد حرب الخليج، مما سمح للعراق الآن بأن يجهز لإنتاج أسلحة أشد ضراوة. لو أن هذا المجتمع الدولي كان على استعداد لاتخاذ نفس الموقف البطولي الذي أخذته إسرائيل في 7 يونية 1981 - بدلا من إدانته بغباء - لما واجه عالمنا الحساس اليوم خطر الهجمات العراقية غير العادية.
إسرائيل لم تتصرف في أوزيراك بطريقة غير قانونية. القانون الدولي ليس تحالفا للانتحار. هناك حق مألوف منذ أمد بعيد معروف باسم الدفاع عن النفس ضد خطر متوقع. كل دولة لها الحق في توجيه الضربة الأولى إذا ما كان الخطر الداهم "سريع وقهري لا يترك خيارا للوسيلة أو لحظة للتفكير" . وكما ذكرنا أعلاه فإن هذا الحق قد أصبح اليوم أكثر ضرورة إذا ما كان الفشل في توجيه الضربة الأولى للعراق قد يجلب الرعب النووي للولايات المتحدة والفناء لإسرائيل.
إسرائيل لم تقترف اعتداء على أوزيراك. فقد أصر العراق دائما على أنه في حالة حرب مع "الكيان الصهيوني" ، وهذا يستتبعه أن القدس لا يمكن أن تكون قد اقترفت مثل هذه "الجريمة ضد السلام" لأنه من غير الممكن أن تقترف دولة ما عملا عدائيا ضد دولة أخرى هي في حالة حرب قائمة معها بالفعل.
إسرائيل لم تنتهك القوانين الدولية للحرب في أوزيراك. اشترك في الهجوم 14 طائرة حربية. منها ثمان طائرات F-16 Falcon تحمل كل منها قنبلتين تزن الواحدة منهما 1000 كيلوجرام، وصاحبتها ست طائرات F-15 Eagle للحراسة. تم تدمير المفاعل تماما بدون خسائر مدنية وقبل أن يكون هناك خطورة من أي إشعاع نووي. وهذا يختلف عن الهجمات العراقية على إسرائيل إبان حرب الخليج حين أطلقت العراق 39 صاروخ سكد SCUD كان من الواضح أنها موجهة لإلحاق الأذى بالمدنيين الأبرياء، بينما كان الهجوم الإسرائيلي على أوزيراك بهدف توفير الحماية الضرورية للمدنيين.
لقد تآمرت العراق لتدمير دولة إسرائيل منذ إنشائها في 1948. انضمت بغداد إلى عدد آخر من الدول العربية التي هاجمت إسرائيل في يوم إعلانها الاستقلال. لقد أصرت العراق دائما على موقف عدائي دائم وثابت، بينما قامت مصر ولبنان والأردن وسوريا تباعا بتوقيع اتفاقيات للهدنة مع الدولة اليهودية في 1949، ووقعت مصر والأردن بعد ذلك على معاهدات سلام حقيقي.
إذا ما وضعنا كل الأمور في الحسبان فإن الضربة الدفاعية الإسرائيلية ضد دولة عدوة خارجة على القانون تجهز لحرب إبادة لم يكن قانونيا فحسب وإنما كان لفرض تطبيق القانون. يعتمد القانون الدولي- في غياب القدرة المركزية لفرض التطبيق - على إرادة بعض الدول للقيام منفردة بالعمل نيابة عن المجتمع الدولي. هذا هو بالضبط ما حدث منذ 21 عام، حينما قامت المقاتلات والقاذفات الإسرائيلية بعملية جراحية دقيقة لمنع الخيار النووي العراقي. أما اليوم فإن انتظار "الطلقة الأولى" قد يحكم بالفناء على دولة صغيرة مثل إسرائيل، لهذا السبب فإن الاعتراف بشرعية الدفاع الوقائي عن النفس يجب أن يلقي اعترافا وقبولا عاما يفوق ما كان في أي وقت مضى.
إن الكثيرين مدينون بحياتهم لشجاعة إسرائيل ومهارتها وبعد نظرها في يونية 1981 ، وهذا يشمل على الأقل المواطنين الإسرائيليين - يهودا وعربا والأمريكيين وغيرهم من قوات التحالف التي اشتركت في حرب الخليج. فلولا ذلك الهجوم البارع على أوزيراك لكانت قوات صدام مسلحة بالرؤوس النووية في 1991. ومن السخرية أن السعوديين أيضا مطوقين بهذا الدين للقدس. فلولا قرار رئيس الوزراء مناحم بيجن بحماية شعبه في يونية 1981 لتسببت صواريخ صدام التي سقطت فوق السعودية في خسائر هائلة وإشعاعات قاتلة.
إذا ما وضعنا كل ذلك في الاعتبار لتأكد لنا أمر واحد هو أن الوقت قد حان لكي يعترف المجتمع الدولي بوجه عام والأمم المتحدة بوجه خاص بما هو واضح. وهو أن الضربة الوقائية الإسرائيلية في 1981 كانت عملا بطوليا لا غنى عنه لفرض تطبيق القانون الدولي.
إن الاعتراف بضرورة اللجوء للضربة التوقعية للدفاع عن النفس مستقبلا - سواء كان القائم بها إسرائيل أو أي دولة أخرى تواجه اعتداء غير تقليدي - قد يوفر دافعا هاما للقيام بالعمل اللازم لإنقاذ الأرواح البشرية في نطاق السلطة الشرعية للقانون الدولي.
التطور النووي العراقي اليوم يتهدد الأمن الإقليمي والعالمي. لذلك فإن الوقت قد حان لالتزام عام قوي بحقوق الدفاع عن النفس في الشئون الدولية. تلك الحقوق القانونية التي تستهدف منع العدوان في عالم تزداد به الفوضى ولتأكيد استمرار الحياة بالأوطان. لقد تصرفت إسرائيل في يونية 1981 مؤيدة لتلك الحقوق الهامة.
يجب علينا اليوم وبعد واحد وعشرين عام أن نسأل أنفسنا عما إذا كنا قد أخذنا دروس أوزيراك أخيرا بصورة جدية وعما إذا كان استيعابها سيتحقق دون فوات الوقت.)

هل رأيت يا عزيزي القارئ هراء يعادل في تفاهته مثل هذا التخريف من "الخبراء" اليهود الذين تحفل بهم الحياة الإعلامية والسياسية الأمريكية؟ هذا هو نوع التزييف والتدليس الذي يتعرض له المواطن الأمريكي ويتأثر به بصورة دائمة. هذا هو نوع التزييف الذي يحول الفدائي إلى إرهابي ويحط من قدر الدوافع الوطنية النبيلة التي تجعله يضحي بحياته في سبيل إفناء عدد من اليهود المعتدين الذين سرقوا منه وطنه والذين لا يساوون شيئا في ميزان الآدمية. فاليهود هم حثالة البشرية وليس لهم من هم في الحياة سوى تدمير حياة الآخرين بكل الصور المباشرة وغير المباشرة.
إن إصرار العراق على أنه في حالة حرب مع الكيان الصهيوني - رغم أنه لم يطلق رصاصة واحدة في 1948   -هو موقف كل عربي أصيل من هذا الكيان العفن وهو نقيض للعهر السياسي الذي بدأه السادات ويرقص مبارك على أنغامه وسط جوقة من عوالم "القادة" العرب، الذين نصبوا من أنفسهم حماة للصهيونية وأعداء للعروبة والعرب. وهاهو العراق يقف اليوم مجاهرا بالعداء للصهيونية والإمبريالية الأمريكية البريطانية دون خوف أو جبن أو تبعية ذليلة. وهاهم أعداء العراق من صهاينة أمريكا وبريطانيا يجاهرون بالعداء ويعجزون عن الاعتداء، والعراق ماض علي طريق العزة والإباء.
يقولون عن صدام حسين أنه دكتاتور وطاغية. والله إني لأفضله في مواقفه الأخيرة على حسني مبارك فهو أيضا دكتاتور وطاغية، لكن حال العراق اليوم أفضل من حالنا في مصر. أمل العراق في التطور نحو الديمقراطية أفضل بكثير من أملنا في مصر، حيث يستحيل هذا التطور تحت حكم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية القائمة بأعمال الموساد الإسرائيلي. تصوري للمستقبل في مصر هو أن أي انطلاقة مصرية للخلاص من دولة العسكر لن تكون إلا في صورة انطلاقة شعبية جارفة تهب معها وحدات من جيش الشعب الوطني تقوم بعصيان أوامر وكلاء السلطة. تلك هي سنة حركات التحرير الشعبية التي كانت دائما مخضبة بالدماء. قالوا لنا أن الديمقراطية ستأتي بالتدريج ولم نر سوى ترسيخا للدكتاتورية والقهر وفوضى اللاقانون والفساد الشامل وحكم القبائل الرأسمالية ورئيسا فاشلا متخاذلا يود البقاء الأبدي في حمى الأعداء وكأنه الوحيد الأوحد الذي لم يخلق سواه. حذرونا من فوضى الثورات الشعبية التي لا تبقي ولا تذر، فهل يفطنون إلى أن كافة السبل السلمية قد سدت تماما؟
يوجد على الإنترنيت موقع مضلل ربما أنشأه الموساد الإسرائيلي للدعاية ونشر الأكاذيب الصهيونية تحت ستار الادعاء بأنه موقع لما وراء الأخبار من أسرار. يطلق ذلك الموقع على نفسه اسم "التقرير الخاص لملف دبكا DEBKAfile Special Report”. لفت نظري تقرير ورد به بتاريخ 11/6/2002 تخت عنوان "المصالح المشتركة في محادثات بوش وشارون" عن زيارة شارون الأخيرة لأمريكا والحملة التي تمهدها الصهيونية الأمريكية ضد فلسطين والعراق والمنطقة العربية. سأترجم التقرير كاملا ثم أترك الاستنتاج لك يا سيدي القارئ، حيث تم دس بعض الأسماء الفلسطينية المشبوهة المعروفة بتعاونها مع الأجهزة الإسرائيلية في صورة زعماء وطنيين:

(كان حديث الرئيس جورج دبليو بوش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أريل شارون يوم 10 يونية تقريرا موجزا عن مشاورات البيت الأبيض مع رؤساء الشرق الأوسط التي بدأت بولي العهد السعودي الأمير عبدالله وشملت الملك عبدالله الأردني والرئيس المصري حسني مبارك. كان هناك حذف غير ملحوظ لاسم وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الذي عدل عن نيته زيارة واشنطون لأسباب وجيهة.
كانت سوريا هي الموضوع الرئيسي على جدول مناقشات بوش وشارون، بينما لم تزد أولوية الموضوع الفلسطيني عن المرتبة الثالثة في تلك المناقشات بسبب توافق آراء الرئيسين. وافق الرئيس الأمريكي على اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن طريق الإصلاح ما زال طويلا أمام إدارة ياسر عرفات، قبل أن يصبح في الإمكان عقد مؤتمر للسلام. وطبقا لتصريح بوش - عند ظهوره بصحبة شارون أمام المراسلين - فإن المؤتمر لم يعقد بعد "لأن أحدا لا يثق في الحكومة الفلسطينية التي تتشكل حاليا."
أعطى شارون للرئيس الأمريكي شرحا مفصلا عن التعضيد النشط للإرهاب الذي يقوم به نظام الأسد واشتراكه في مخططات إرهابية كبرى في إسرائيل. وقال أن دمشق هي مأوى لأشد المنظمات الفلسطينية تطرفا ومحطة انتقال "ترانزيت" لأعضاء القاعدة الذين يجوبون الشرق الأوسط، وأنها تضع برميلا من البارود تحت إسرائيل واستقرار المنطقة بتأييدها الهائل وتسليحها لحزب الله اللبناني، ليس فقط بالآلاف من صواريخ الكاتيوشا عيار 220مم والقذائف والمدافع والذخيرة وإنما أيضا بالرؤوس الكيماوية لمدافع حزب الله قصيرة المدى. قال رئيس الوزراء الإسرائيلي أن سوريا تضيف من عندها زيادة إلى المؤن الإيرانية من الأجهزة الحربية والأسلحة الثقيلة التي تنقل بالطائرات عن طريق دمشق.
أضاف أن الرئيس بشار الأسد لا يعمل بمفرده، فهو يتسلم الدعم السياسي الهادئ والدعم المادي من ولي العهد السعودي الأمير عبدالله. يحرص الحكام السعوديين على بقاء أيديهم نظيفة من دعم الإرهابيين الإسلاميين ويدفعون الثمن للرئيس السوري لكي يقوم بذلك نيابة عنهم. يقوم الأسد بتحقيق أهداف زبائنه السعوديين في الشرق الأوسط، بينما ينطلق ولي العهد السعودي حرا لتسويق خطة سلامه في واشنطون خلف واجهة بريئة.
حدث في يوم 21 أو 22 مايو أن القصر الرئاسي في دمشق قد أعطى الضوء الأخضر لقادة حزب الله بالإضافة إلى الدعم المادي والعسكري للتنسيق مع الفلسطينيين للقيام بعمليات إرهابية متزامنة داخل إسرائيل عن طريق ست أو سبع خلايا لحزب الله مزروعة عبر الحدود. وهم يعملون في قطاع غزة بالاشتراك مع "اللجان الشعبية للمقاومة" والجماعات الإسلامية وجهاز الأمن الخاص بمحمد دحلان. ويعملون في الضفة الغربية وبين عرب إسرائيل بالاشتراك مع الجهاد الإسلامي والحركة الإسلامية الإسرائيلية تحت القيادة العامة للعقيد توفيق الطيراوي قائد كتائب شهداء الأقصى والمخابرات العامة للضفة الغربية. وقد أعطت المخابرات العسكرية السورية أمرا في الشهر الماضي لعميلها أحمد جبريل رئيس القيادة العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بأن يرسل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة عددا من المظلات الجوية ذات المحركات والشراعيات gliders  (آلات الطيران الشراعي الصغيرة) المصنوعة في أسبانيا وإيطاليا وألمانيا بهدف تسهيل العبور إلى داخل إسرائيل في عمليات إرهابية كبيرة.
في ضوء هذا الإرهاب المتفجر - الذي تنسق دمشق عملية بنائه بالتعاون على المستوى الاستراتيجي مع ياسر عرفات وصدام حسين - يقول مندوبنا السياسي أن شارون قد نصح بوش بأن مؤتمرا للسلام في الشرق الأوسط على غرار ذلك المؤتمر الذي تحث عليه وزارة الدولة الأمريكية يعد ببساطة إشارة البدء لكي تبدأ الاشتباكات العنيفة على حدود إسرائيل الشمالية أو لكي تنشأ حملة إرهابية عنيفة لتخريب أي جهود للسلام أو كلا الاحتمالين معا. وينطبق الأمر أيضا على أي بحث جدي لاقتراحات السلام المقدمة من ولي العهد السعودي.
طبقا لمصادرنا العسكرية بحث بوش مع شارون الاستعدادات العسكرية الأمريكية لحملتها على العراق وخاصة فيما يتعلق بالأجزاء التي تتداخل فيها المصالح مثل الدفاع عن الأردن ضد الغزو، أو الهجوم العراقي والاستعدادات الدفاعية الأمريكية الإسرائيلية ضد الهجوم العراقي الكيماوي أو البيولوجي على إسرائيل، أو على الأهداف العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط.
قام رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم 11 يونية بالطواف السريع بكابيتول هل حيث قابل رؤساء الكونجرس وأعضاء لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ. وكان قد قام يومي الاثنين والثلاثاء بزيارة ديك شيني Dick Cheney نائب الرئيس وكونداليسا رايس Condaleezza Rice مستشارة الأمن القومي وبول ولفوفيتز Paul Wolfowitz نائب وزير الدفاع. وقد اجتمع أيضا مع زعماء يهود أمريكا قبل أن يقلع عائدا إلى الوطن عن طريق لندن في مقابلة قصيرة مع توني بلير.) 

أما الأهرام المصرية فهي على عهدنا بها من الاستخفاف بذكاء المواطن المصري، إذ نشرت الآتي في 11/6/2002:

(أكد السيد أحمد ماهر وزير الخارجية أن زيارة الرئيس حسني مبارك للولايات المتحدة كانت ناجحة وإيجابية للغاية‏.‏ وقال إن الإدارة الأمريكية أبدت استجابة وتفهما للآراء التي عرضها الرئيس‏.‏
وأوضح ماهرـ في مؤتمر صحفي عقده أمس ـ أنه كان هناك اتفاق علي بنود أساسية‏,‏ حيث أكد الرئيسان‏,‏ مبارك وجورج بوش‏,‏ ضرورة قيام الدولة الفلسطينية‏,‏ وأهمية التوصل في مرحلة ما إلي جدول زمني لقيام هذه الدولة‏.‏
وأكد ماهر أن الأفكار والآراء التي عرضها الرئيس تركت بصمتها علي التفكير الأمريكي‏,‏ وقال إن الاتصالات ستستمر مع الإدارة الأمريكية لمتابعة نتائج زيارة الرئيس‏,‏ مشيرا إلي أن الرئيس مبارك أكد ضرورة أن تستغل الإدارة الأمريكية الفترة المقبلة لإجراء اتصالات مع جميع الأطراف‏.‏ وأعرب عن اعتقاده بأن وزير الخارجية الأمريكية كولين باول قد يقوم بجولة في المنطقة‏.‏
وأكد ماهر أن نتائج زيارة الرئيس للولايات المتحدة تحظى بارتياح عربي‏.‏ وقال إن جميع الأطراف العربية تعمل جميعا في اتجاه واحد‏,‏ والتشاور مستمر‏,‏ وليس هناك أي نوع من التناقض أو التنافس‏‏.)

الكلام الفارغ أعلاه يدل على مدى إسفاف الأهرام ومدى تدني المصداقية في صحف السلطة الصفراء. الأفكار والآراء التي عرضها الرئيس بالتأكيد لم تترك أي بصمات على التفكير الأمريكي، ربما تكون قد تركت بصمات متسخة على صفحات التاريخ المصري الذي عهدناه في الماضي ناصعا مناصرا للقضية الفلسطينية حتى وقت قريب. الرئيس على أي حال ليست له أفكار ذات قيمة ولا يدري من أمره شيئا سوى أن عليه أن يردد كل ما يعطى له من تعليمات أمريكية. كلنا يعلم أنه - وقد ذكرنا ذلك على هذه الصفحات من قبل سوف يردد نفس المقولات الصهيونية المضللة عن ضرورة "إصلاح السلطة الفلسطينية" رغم أن الأحق بالإصلاح هو مبارك نفسه ونظامه الدكتاتوري الفاشل. مبارك - شأنه شأن كل "القادة" العرب يريد البقاء في السلطة بأي ثمن وعلى حساب مستقبل مصر والعرب. لقد آن له الأوان لكي يبدي شيئا من الحياء فيترك السلطة لمن هو أكفأ منه على إدارة صراعنا مع العدو الصهيوني الأمريكي ، ومصر بالتأكيد ليست عاقرا وليس كل أبنائها على هذا القدر الغريب من البلادة السياسية.
نشرت صحيفة جيروسالم بوست Jerusalem Post الصهيونية من إسرائيل خبرا يمثل العمق الأكبر للكذب والتزييف اليهودي. فتحت عنوان "إسرائيل تنقذ مراهقا انتحاريا" نشرت تلك الجريدة في 12/6/2002 خبرا من مراسلتها جانين زكريا Janine Zacharia في واشنطون يقول:

(أنقذت إسرائيل يوم السبت صبيا فلسطينيا في الثالثة عشر من عمره كانت حماس قد اختطفته لكي ترغمه على أن يصبح "متفجرا انتحاريا". هذا هو ما كشف عنه اليوم رئيس الوزراء أريل شارون أمام أعضاء اللجنة البرلمانية للعلاقات الخارجية.
لم يقدم شارون أي تفصيلات أخرى عن الحادثة أو الصبي. ولم تكن هناك أي معلومات فورية إضافية متاحة عن تلك الحادثة التي لم تصدر بشأنها أية تقارير سابقة. أنهى شارون زيارته السادسة للولايات المتحدة باستقبال حار من الكونجرس الذي أوشك على إنهاء موافقته على صرف 200 مليون دولار كمعونة إضافية لإسرائيل.)
تمضي الصحيفة إلى شرح تفاصيل رحلة عودة شارون وكيف أنه تلقى دعوات من عدد من الرؤساء الأوربيين مما قد يتطلب زيارة أوسع لأوربا في المستقبل. ثم تتحدث عن مقابلات شارون التي تمت مع الجهات الأمريكية المتعددة والحفاوة التي قوبل بها.
يهمنا من هذا الخبر أن نتأمل الافتراء والكذب العلني عن أن حماس تختطف الأطفال لكي ترغمهم على الاستشهاد. هؤلاء هم اليهود وتلك هي طبيعتهم الكاذبة المضللة التي تشوه الحقائق. العالم كله يعلم أن طوابير من يطلبون العمل في وظيفة "الاستشهادي المتفجر" يفوق عدد أحزمة القنابل المتاحة. وكلنا يعلم أن هناك من الأمهات الفلسطينيات من تفخر بإعداد وليدها لمثل تلك المهمة الفريدة في نبلها ووطنيتها والشجاعة التي تلزم للقيام بها. المتفجر الاستشهادي الفلسطيني هو أرقى درجات الوطنية والإقدام ولا يوجد بين أمة اليهود كلها من يستطيع القيام بمهمة تعادلها، حيث يكون الموت أثناء أدائها مضمونا تماما. من هنا كانت خرافة شارون الغريبة حيث أن عقل السفاح الجبان لا يمكن له أن يستوعب دوافع مثل هذا القدر من التضحية والفداء في سبيل استرجاع الوطن السليب.
نشرت طهران تايمز الإيرانية بتاريخ 13/6/2001 خبرا عن زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية البلجيكي لويز ميشل Louis Michel لإيران والتي دامت يومين. أقتطف من الخبر الفقرة التالية:

(قام ميشيل بإخطار روحاني بأن بلجيكا تؤمن بضرورة التوصل إلى اتفاق تجاري بين إيران والاتحاد الأوربي في أقرب وقت ممكن. وكان لميشيل ملاحظات مشجعة أهمها قوله أن " سياسة الاتحاد الأوربي تجاه إيران تختلف عن سياسة الولايات المتحدة" وأن "كتلة الاتحاد ذات الخمسة عشر عضوا قد بلغت مرحلة النضج السياسي وتحدد سياساتها المستقلة." تشير تلك الملحوظات بوضوح إلى الموقف الجديد للاتحاد الأوربي تجاه الجمهورية الإسلامية.
أما فيما يتعلق بقضية فلسطين والصراع في الشرق الأوسط فقد قال الرسمي البلجيكي أن الاتحاد الأوربي يؤمن بضرورة إقامة دولة فلسطينية. وهي نفس الفكرة التي طرحها الرسميون الإيرانيون منذ وقت طويل. وقال أن الاتحاد يمكنه أن يقوم بدور الضامن الدولي لتكوين تلك الدولة الفلسطينية.)

كتب مارتن ولاكوت Martin Woollacott مقالا في الجارديان The Guardian البريطانية بتاريخ 14/6/2002 تحت عنوان "إن العالم يصبح مكانا خطيرا إذا ما غاب عنه التفاؤل" تحدث فيه عن خلافات الإدارة الأمريكية وتصادم آراء بوش مع باول. المقال يحوي أفكارا وتقييما للأمور من وجهة نظر غربية قد نختلف معها، لكنه يحوي أيضا لمحات براقة عن مشاكلنا وكيف تقوم الولايات المتحدة بتعقيدها. هذه هي ترجمة المقال الطويل:

 (سوف يقع الحدث في يوم من الأيام. سواء كان الإمساك بصاحب القنبلة المزعوم انقلابا حقيقيا أو لم يكن، وسواء كانت سياسة الضربة الوقائية حكيمة أو لم تكن، وسواء كان خلق وزارة عملاقة للأمن بالولايات المتحدة خطوة سليمة أو لم تكن، فإن هجوما إرهابيا ناجحا واقع لا محالة إن آجلا أو عاجلا. هذا لا يعني أن تنظيم القاعدة والمجموعات المتعاونة معه أو المشابهة له قد انتصروا. لقد خسروا في الواقع عندما لجئوا للأساليب التي اختاروها في منفاهم بأفغانستان، وقد خسروا مرة أخرى بأشكال مختلفة منذ 11 سبتمبر. لكن مجرد وجود بعض بقاياهم قد يوقع أضرارا هائلة.
أما الخطة المتواضعة للحكومة البريطانية بجمع قوة من جنود الاحتياط فإنها تتجاوب مع هذا الواقع. إن هذا الواقع شبه المؤكد يفرض ضرورة أن يكون العالم المتلقي لتلك الضربات عالما صلبا، ليس فقط من زاوية الترتيب المسبق لوسيلة عملية لجمع البقايا في أعقاب الكوارث.
ما يجب عمله يكون ضروريا حتى في غير وجود تنظيم القاعدة، فنحن لا نعلم إلى أي مدى اقتربت الهند وباكستان من حافة الحرب في الأسابيع الأخيرة، ولا نعلم مدي اقترابهما منها إذا ما كانا لا يزالان على موقفهما. ربما كانا أقل اقترابا مما تخيل البعض وإن كان المؤكد أنهما قريبان بدرجة كافية. يجب أن نستوعب أن المشكلة التي تواجهنا هي سلسلة من الأزمات التي تنشأ في هذا العالم وتتطور إلى حد أبعد من القدرة الدبلوماسية والعسكرية للولايات المتحدة والدول الأخرى على التحكم فيها. لا يمكن أن ننكر أن مثل تلك الأزمات بجنوب آسيا والشرق الأوسط قد زاد من حدتها رد الفعل لحدث 11 سبتمبر. فهذا الحدث قد أدى إلى زيادة حدة الصراع في المنطقتين، واستمرت نشاطات وحسابات المجموعات المتطرفة في تعقيد مهمة من يحاول الوساطة. هذه المواقف يمكن أن تصبح شديدة الخطورة حتى لو لم يكن هناك وجود لتنظيم القاعدة وإذا ما كان برجي مركز التجارة العالمية مازالا قائمين في مكانهما. وعلى كل حال هل يمكن أن نتصور أننا نهتم بتنظيم القاعدة في أعقاب تبادل نووي بين الهند وباكستان؟ إن العديد من أعضائه يكون قد تبخر في الهواء، وما تبقى لن يكون سوى عنصر واحد من عديد جماعات المتطرفين والألفيينmillennialists  (المؤمنين بالثورة لكي يحل بعودة المسيح ألف عام من السلام والهناء) والثأريين، التي ستقفز بلا شك إلى الوجود في كل مكان في أعقاب حرب كهذه.
وعلى الطرف الآخر من تلك المشكلة نجد الصراع العربي الإسرائيلي، رغم أن أحد طرفيه فقط يملك السلاح النووي فلا ضمان لأن يستمر الوضع على حاله لوقت طويل. بالإضافة إلى ما يشاع كثيرا من أن العراق سيمتلك السلاح النووي، توجد أيضا جهود إيرانية في نفس الاتجاه، وهناك من دول الشرق الأوسط من يبقي على هذا الخيار مفتوحا. لذلك فإن الاحتمال الكئيب قائم لقيام منطقة تسلح نووي تمتد من تل أبيب إلى شنغهاي.
تزداد الأدلة على أن فريق بوش منشق وغير واثق فيما يتعلق بنوع الريادة الذي يود أن يقدمه. فبينما الأمر يتطلب بذل الجهد لتغيير الشكل السياسي العالمي نجد أن ذلك الجهد كثيرا ما يتم بذله في غير موضعه في إجراءات دفاعية تصلح للتسويق المحلي. الإدارة لديها خطة للأمن القومي الداخلي وخطة أخرى للضربة العسكرية الوقائية ضد الدول المنحطة rogue states. الخطة الأولى عبارة عن عملية إعادة ترتيب بيروقراطية قد تساعد أو لا تساعد أو قد تصبح نموذجا للدول الأخرى. أما الخطة الثانية فهي تقدم كفلسفة لها تعميما شاملا قد يكون مقبولا من حيث المبدأ لكنه يحتاج من الناحية العملية إلى البحث والتمحيص. لا شك أن تلك الخطة لا تعطي الشرعية للهجوم المسبق على العراق مثلا، وهي في ذات الوقت تعطي للإسرائيليين والهنود تشجيعا غير مقبول لكي يقوموا بالعمليات "الوقائية" الخاصة بهم.)

يمضي المقال الطويل إلى القول بأن الإدارة الأمريكية تقدم حلولا عامة جدا لمشكلات خاصة جدا وتركز على المكاسب في المدى القصير، والتي قد تكون لها نتائج سيئة في المدى البعيد. وضرب أمثلة بتعاون أمريكا مع لوردات الحرب في أفغانستان ووضع كشمير ضمن مشكلات الحرب على الإرهاب العالمي ثم يستطرد الكاتب:

(إذا ما كان غياب التخطيط في جنوب آسيا يدعو إلى القلق فإنه واضح تماما في الشرق الأوسط. فمنذ أن دعا بوش إسرائيل في خطابه في أبريل إلى الانسحاب من المناطق ( الفلسطينية) نجحت جهود أريل شارون في تشتيت وتأخير ظهور أي سياسة مترابطة، وأقنع شارون السيد بوش بأن يتبنى فرض شروط مستحيلة أو غير متعلقة بالأمر قبل المحادثات السياسية. نجح شارون - بمساعدة من حلفائه في واشنطون في أن يشل الإصلاح الفلسطيني وأن يفترض استحالة التعامل مع شخصية عرفات وأن يفرض ضرورة توقف العنف قبل التفكير في المحادثات السياسية، وجعل من كل ذلك عوائق تفتيش على الطريق ذات فعالية كبيرة. يعلم سكرتير الدولة كولن باول حقيقة أمر شارون، لكن السيد بوش ما زال يميل إلي رئيس الوزراء الإسرائيلي، وإذا ما استمر على ذلك فإنها تكون وصفة للحرب وليس السلام وللمزيد من تغريب أصدقاء أمريكا من العرب.
تتكلم إدارة بوش عن الدور الريادي الأمريكي، وهذا صحيح فلا أمريكا ولا بقية العالم يمكن له التصرف كما لو كانت أمريكا مجرد دولة أخرى من الدول. صحيح أن معظم من ينتقد أمريكا يقول ذلك، ولكن قولهم ليس بمعنى أنهم يطلبون من الولايات المتحدة أن تمتنع عن التدخل في شئونهم وإنما بمعنى أنهم يودون رؤية هذا التدخل أو التأثير يسلك مسلكا آخر. هناك وقود أكثر ضرورة للعالم من النفط نسميه التفاؤل. يبنى هذا التفاؤل على الفهم بأن الأمور تحت السيطرة، يتم توجيهها نحو الحلول أو يتم احتوائها على الأقل. كان لدينا هذا التفاؤل إبان الحرب العالمية الثانية حينما عمل الحلفاء على هزيمة ألمانيا واليابان، وكان لدينا هذا التفاؤل أثناء الحرب الباردة حينما تقبلت القوى المتضادة أن السعي نحو هدف النصر الشامل فيه الكثير من المخاطرة، وأن مجرد التنافس الشديد على جبهات معزولة يتمشى مع التعايش السلمي.
كان لدينا هذا التفاؤل في التسعينيات حيث بذلت بعض الجهود لتسوية بعض المشاكل التي أهملت أثناء الحرب الباردة أو التي خلقها الخلاف أو زادها سوءا. لكن السؤال الهام هو عما إذا كان لدينا الآن مثل ذلك التفاؤل، وهو سؤال ما زلنا لا نملك له إجابة.)

آخر ما أقدمه في هذه الحلقة هو خبر طريف عن اليهود وأفعال اليهود الذين يريدون أن يكون لهم باع في كل شيء، حتى أنهم ادعوا فيما ادعوا أنهم بناة أهرام الجيزة ووكلوا عنهم فاروق حسني ذات يوم لكي يغرس هرم الماسونية فوقه. أراد اليهود أن يكون لهم باع في الرياضة فادعوا أن بعض أعضاء فريق كرة القدم السنغالي في كأس العالم من اليهود. إذا نقرت على وصلة الإنترنيت:
فإنك تصل إلى موقع جريدة "الأمريكي اليهودي" لكي تقرأ عليه أن كلا من الحاج ضيوف El Hadji Diouf وباب بوبا ديوب Pape Bouba Diop من اليهود. لكنك إذا ما نقرت على الوصلة:
لوصلت إلى موقع محترم لأخبار الكرة ورد فيه صراحة قول الحاج ضيوف عن نفسه أنه مسلم لا يؤمن بالخرافات. حقا إن الكذب والتضليل اليهودي ليس له حدود ويفوق تضليلهم سوء أداء الفريق السعودي في مباراته ضد ألمانيا.

(24)
التاريخ في سلسلة مقالات
من أقوال الصحف العالمية

ترجمة وعرض: محمد عبد اللطيف حجازي

mehegazi@yahoo.comتاريخ المقال: 21/06/2002
تحت عنوان " ضباب المخابرات" كتب بيتر برستون Peter Preston في 17/6/2002 بصحيفة الجارديان The Guardian البريطانية يحذر من خطر ازدياد تدخل أجهزة المخابرات على حياة عامة الناس في الدول الغربية. وقد تصدرت المقال العبارة الرئيسية "احترس من ادعاءات أجهزة المخابرات عن الحرب على الإرهاب" . يقول الكاتب:

(حينما تتحد قوى الحكومات الأوربية والبريطانية لإزالة المزيد من ضمانات الحفاظ على سرية خصوصياتنا - ونحن لا نعني بذلك مراسل جرائد الفضائح الذي يقف أمام البوابة وإنما نعني التجسس على البعد بالتصنت على الهاتف واختراق البريد الإلكتروني
فإن الأمر يكون متعلقا بالحريات المدنية. هذا صحيح، فليس في الأمر على الإطلاق ما يريح بال المهتم بالحريات المدنية. يعد وزير الداخلية المتبلد الحس بوب اينزورث Bob Ainsworth أقل هذه المنغصات شأنا وهو يطبل عن دور "مفوض الاتصالات" الذي اتضح أنه أحد مخلفات المحافظين يحاول الدس بإصبعه في عالم الاتصالات.
لماذا يريدون معرفة كل صفحة زرتها على الإنترنيت؟ وكل زقاق دخلته وهاتفك المحمول مفتوح؟ هل هذا بسبب "الحرب على الإرهاب" أم لأن أي كومة من المعلومات أفضل من لا شيء؟ أم أن ما زاد يود المزيد؟)

يمضي الكاتب إلى الشكوى من عدم فاعلية أجهزة المخابرات وكيف أن المزيد من المال ينفق عليهم دون جدوى، وكيف أن أحدا لا يحاسبهم على عجزهم إلى أن يقول:

(يمكنهم أن يقولوا ما شاءوا دون أن يكون لهم وجود عندما تتساقط شظايا النقد فيما بعد. إنهم آخر بقايا الثقافة المؤممة التي يحذرنا السيد بلير منها باستمرار. إنهم لا يتقيدون كثيرا بقواعدهم الخارجية، وعندما يفشلون كما حدث في حالة 11 سبتمبر تسرع الحكومات والبرلمانات لإعطائهم المزيد من المال وليس إنقاصه. إنهم غير خاضعين لأي مسئولية. هل تتذكر على سبيل المثال ون هو لي Wen Ho Lee خبير الكمبيوتر المولود في تايوان وكان يعمل في لاس ألاموس Las Alamos منذ 3 سنوات؟ قالت عنه النيويورك تايمز حينئذ أنه "الرجل الذي تسبب في أشد أعمال الجاسوسية ضررا في فترة ما بعد الحرب الباردة" . لقد كان بريئا تماما كما أوضح التقرير الرسمي لوزارة العدل عن هذه الفضيحة الكاذبة. وتم إلقاؤه في غياهب السجن لأسباب هزلية سخيفة.
من الذي جاء بأسرار غير موثقة؟ الصين. كيف عرف مكتب التحقيقات الفدرالي FBI أن "ون هو لي" قابل الرسميين الصينيين في إحدى غرف نوم بكين؟ لأن "لي" قال لهم ذلك. لماذا تنافسوا على حق الدخول على حاسوبه ومراقبته؟ لأنهم كانوا من الغباء بحيث نسوا أن "لي" مثلهم قد وافق عند تعيينه في وظيفته على أن يكون حاسوبه خاضعا للرقابة .
لقد علمنا في الأسبوع الماضي ما تم في موضوع احتجاز المدعي العام آشكروفت Ashcroft المغوار للمتهم في موضوع "القنبلة القذرة" الذي خطط ودبر لتركيع واشنطون. إنه في واقع الأمر لم تكن لديه أي مؤامرة مدبرة، ولم يكن يمتلك المادة القذرة اللازمة لصنع القنبلة، كما أن القنبلة لم يكن لها أي هدف محدد. لم يكن أكثر من شخص اتهمه رفيقنا القديم عضو القاعدة "أبو زبيده" من زنزانة استجوابه حيث يبدو أن أبا زبيده يغني باستمرار مثيرا للشك ثمنا لعشائه. كانت زوبعة الشهر الماضي أخبارا قديمة تم إطلاقها عندما أصبحت إحدى لجان التحقيق بمجلس الشيوخ قريبة بدرجة غير مريحة.
نحن نعلم أيضا ما حدث في رؤية دون رامزفلد لكتائب القاعدة التي أحضرت معها خطر الكارثة النووية عبر الخطوط الأمامية إلى كشمير. انتشر الضباب الفوري. لقد توجه الجنرال مشرف إلى رمزفيلد بسؤال عن الدليل فأسرع وزير الدفاع الأمريكي بإلغاء ما نطق به مؤخرا. وربما لا نعرف من الذي أرسل خطابات الجمرة الخبيثة أو أفشى الأسرار التي جعلت آشكروفت وغيره يحذرون من ضربات وشيكة كل 10 دقائق منذ 11 سبتمبر. لكننا نعلم أن أن تلك التحذيرات كانت كاذبة أو مضللة. ربما كانت نتيجة للمخابرات لكنها كانت خالية من الخبرة من حيث أسلوب استخدامها الذي لم يكشف المستور بقدر ما حاول ستر المكشوف.
إن القواعد الأساسية تنطبق هنا دائما. فنحن ندفع في بريطانيا ما يزيد على البليون كل عام لتوفير المال للخدمات السرية. لكن أمريكا - التي ينبغي أن تكون نسبة إنفاقها حوالي عشرة أضعاف ذلك - ما زالت تأتي بنتائج مؤسفة. وعلى ذلك فإن المال ليس هو الحل. وليس الحل هو جمع المزيد من المعلومات، وقد رأينا مغبة ذلك في أعقاب الحادث الأمريكي. هذا هو الخطأ الذي حدث يوم 11 سبتمبر على وجه التحديد، عندما وجد مكتب التحقيقات الفدرالي FBI ووكالة المخابرات المركزية CIA أن لديهما نقص في أعداد الرجال على أرض الواقع.
هل هناك اعتراض من أي منا على التنازل عن بعض حرياتنا في سبيل مقاومة الإرهاب؟ ربما لا يوجد اعتراض طالما كانت للمسببات نتائج. لكن الحقيقة هي أنه لا توجد نتائج، بل ان العكس هو الصحيح. يوجد الإغراق بالبيانات وزيادة الحمل بما لا يجدي. لو طلبت الأمن القومي لأفرغوا سلة مهملاتك قبل الفطور.)

كان هوبرت فيدرين Hubert Vedrine يعمل وزيرا للخارجية الفرنسية حتى شهر مايو الماضي وأستطيع التكهن دون أن أكون بعيدا عن الصواب بأنه يهودي. كتب فيدرين بالواشنطون بوست اليهودية الأمريكية Washington Post مقالا في 17/6/2002 تحت عنوان "أمريكا فقط تستطيع أن تجلب السلام إلى الشرق الأوسط" يقول فيه:

(يجب على الرئيس بوش الذي يقول أنه يود أن يمسك بزمام المبادرة في الشرق الأوسط أن يفرض تسوية سلمية. يجب عليه أن يفعل ذلك ويتحتم عليه أن يفعل ذلك وهو يستطيع أن يفعل ذلك. لا أحد غيره في مثل وضعه، فلا أحد سوى رئيس الولايات المتحدة يمتلك الوسيلة أو السلطة اللازمة. إذا ما أمسك بزمام القيادة فسيؤيده العالم أجمع. ربما باستثناء المحافظين الأمريكيين والجناح اليميني الإسرائيلي بالإضافة إلى الشبكات الإرهابية وأشد الحركات الفلسطينية الأصولية تطرفا. لكن كل هؤلاء المعارضين يمكن التغلب عليهم.
لقد توصلت إلى هذا الاستنتاج بعد إعادة النظر إلى كل محاولات السلام السابقة وأسباب فشلها، بما في ذلك عديد المحاولات التي أيدتها وكنت وزيرا للخارجية الفرنسية أثناء بعضها.
إذا ما استمر المحافظون واليمينيون المتطرفون في فرض سياساتهم على بقية العالم - بما في ذلك رفضهم لأي عملية سلام حقيقية - فإن مشكلة الشرق الأوسط لن تحل، ولن تكون إسرائيل آمنة، ولن يستطيع أي قائد فلسطيني احتواء غضب شعبه اليائس، وستستمر المنطقة كبرميل من البارود، ولن يستمر أي تحالف ضد الإرهاب. كل هؤلاء الذين يودون صدام الحضارات ويعولون عليه سوف يكون لهم ذلك المستقبل الذي يريدونه.
كل المعقولين يعلمون أن سياسة حرمان الفلسطينيين من طموحاتهم القومية لا يمكن أن يحل المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية، وهي السياسة التي يتم فرضها باسم الصراع ضد الإرهاب بالإضافة إلى التأجيل المستمر لكافة عمليات التفاوض. إن قبول تلك السياسة أو السماح لها بأن تحدد جدول العمل ليس في صالح الولايات المتحدة أو المصالح الغربية. إن انتقاء كبوش الفداء أو الادعاء بأن عدم التوصل إلى حل يرجع إلى أن كلا من الطرفين لا يثق في الآخر وهو أمر واضح سيؤدي إلى طريق مسدود. يجب علينا أن نبحث عن مخرج.
ليس من الصعب تحديد الهدف، وهو خلق دولة فلسطينية لا تكون مبنية على اتفاقيات كامب دافيد التي لم تكن محددة تماما وإنما تكون بناء على المحادثات اللاحقة في شرم الشيخ وطابا. يعادل أهمية ذلك الحاجة إلى الأمن والاستعدادات الاقتصادية التي تضمن التعايش السلمي لدولتي إسرائيل وفلسطين جنبا إلى جنب وسط الاستقرار الإقليمي.)

يمضي الكاتب إلى شرح تفاصيل خطته التي تتطلب الوجود العسكري الأمريكي أو الدولي لفصل الأطراف المتنازعة وأن يصمد بوش أمام المعارضة في أمريكا وإسرائيل، ويختتم مقاله بقوله:

(يريد الفلسطينيون أن يعيشوا حياة طبيعية، ولن يستطيع القادة الفلسطينيون فرض شروط مسبقة إذا ما واجهوا إدارة أمريكية حازمة. أما عن الحركات الإرهابية فليس هناك ما هو أسوا لهم من عودة الأمل في الحل السلمي بدلا من الاضطهاد العسكري المستمر، وستكون هناك القدرة على احتواء الإرهابيين بالتعاون بين جهات الأمن الإسرائيلية والفلسطينية إذا ما تم التوصل إلى اتفاق.
أعلم أن الوضع الحالي ونوايا اللاعبين الأساسيين ومدى عمق الاعتراض تسد الطريق أمام مثل هذا الاجتهاد للتوصل إلى مخرج من الأزمة، لكن الوقت قد أزف وليس هناك حلول أخرى.)

الكاتب إما مراوغ أو حالم. فاليهود في أمريكا وإسرائيل لا يريدون قيام الدولة الفلسطينية لأن قيامها يعني التعجيل بانهيار المخطط الصهيوني الذي سوف ينهار على أي حال طال الزمن أو قصر. الحل القائم اليوم هو استمرار العمليات الاستشهادية وتطويرها لتصبح خطرا كاسحا يأخذه صهاينة أمريكا بجدية. عندئذ فقط يبدأ اليهود في التفكير في خيار السلام. ومع مضي الوقت سيتقبل اليهود تدريجيا أن المخطط الصهيوني ومشروع إسرائيل الكبرى كانت أوهاما من أضغاث أحلامهم.
نشرت جيروسالم بوست Jerusalem post بالكيان الصهيوني في 18/6/2002 مقالا إخباريا بقلم مراسلتها مارجوت ددكفيتش Margot Dudkvitch جاء كالنبوءة قبل ساعات من العملية الاستشهادية الكبرى التي تمت في نفس اليوم ونقلت 19 يهوديا من إحدى حافلات القدس إلى جهنم. المقال تحت عنوان "عودة القدس وحيفا إلى أقصى حالات التأهب ضد الإرهاب":

(عادت شرطة القدس وحيفا يوم أمس إلى حالة الدرجة القصوى من التأهب بعد وصول تحذيرات المخابرات من هجوم وشيك على إحدى المدينتين أو كليهما. أكدت مصادر الشرطة يوم أمس أن محاولات منع هجوم على العاصمة تقوم بها مروحيات الشرطة وحواجز التفتيش على الطرق وزيادة أعداد الشرطة في الشوارع.
وقد تحددت الحافة الشمالية مرة أخري - بطبيعتها المسامية - كمدخل جائز للمتفجر المحتمل.
كشف ميكي ليفي قائد شرطة القدس يوم الأحد أن ثلاثة متفجرين انتحاريين محتملين قد تم اعتراضهم منذ نهاية عملية الدرع الدفاعي.
تلقت قوات الأمن والشرطة مساء أمس تحذيرا من أن إرهابيا قد نجح في التسرب إلى المدينة وأنه كان يبحث عن مكان لتفجير حزامه الناسف وأن شخصيته معروفة للشرطة. كان آخر تفجير انتحاري بالعاصمة (يقصد القدس) يوم 12 أبريل في سوق "ماهانه يهودا" المكشوف، وقد مات في ذلك الهجوم 6 وجرح 84.
كانت شرطة حيفا قد أعلنت التأهب في مستهل اليوم ضد هجوم ممكن بالمدينة. تم تعزيز دوريات الشرطة مع الاهتمام الخاص بمحطات القطار والباص والمراكز التجارية والمطاعم والمقاهي. كانت حواجز التفتيش واضحة على مداخل بعض البلاد والمدن بالمنطقة الساحلية الممتدة من Hadera حتى عكا Acre في الشمال.)

يمضي التقرير إلى المزيد من الحديث عن استعدادات الأمن وعن بعض العمليات التي تمت مؤخرا وعن التجهيزات لمقاومة عمليات الإرهاب الكبير mega terror وهو نفس المصطلح الذي أكثر الأمريكان من استخدامه مؤخرا للإشارة إلى احتمالات استخدام أسلحة أقوى مثل المواد الكيماوية أو المواد النووية التي ينسبونها لصدام حسين والقاعدة.
يهمنا الإشارة هنا إلى غرابة تسرب الأخبار عن العمليات الفدائية قبل القيام بها، وهل هذا التسرب مقصود من جماعات المقاومة الفلسطينية بهدف التمويه أو إثارة الرعب في قلب العدو أم بسبب اختراق العدو لصفوف المقاومة. سمعت في هذا الشأن من صديقي الفلسطيني "جبرائيل رافول" أن الصهاينة يجندون بعض من يجيدون العربية منهم لاختراق جماعات المقاومة الفلسطينية وأن الفلسطينيين في المقابل يجندون أيضا بعض من يجيد العبرية من بينهم لاختراق أجهزة العدو. لذلك فإن المقاومة الفلسطينية تبدو اليوم وقد أصبحت من النضج والوعي بحيث يمكنها أن تنظف صفوفها من الخونة وأن تستمر في ضرب العدو الصهيوني في الصميم. الدليل على ذلك هو معدل العمليات الاستشهادية التي تتوالى هذه الأيام وتتم بكفاءة عالية في قلب العمق الإسرائيلي رغم الانتهاك العسكري الصهيوني المتكرر للمدن الفلسطينية بالضفة الغربية ورغم مزاعم شارون عن نجاح اجتياحه الشمل لتلك المدن في عملية "الدرع الدفاعي" التي لم تحقق سوى إنهاك القدرات المادية والبشرية للكيان الصهيوني.
نشرت التايمز Times اللندنية في 20/6/2002 خبرا بعنوان "دليل فيديو لصنع القنابل" وهو نفس الموضوع الذي تداولته مؤخرا وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية. يقول الخبر أن الجيش الإسرائيلي قد وجد دليلا لصنع القنابل على شريط فيديو يشرح فيه فلسطيني ملثم طريقة صنع الأحزمة الناسفة وكيفية استخدامها للفتك بأكبر عدد ممكن من ركاب الحافلات. أقتطف التالي من الخبر:

(لقد أصبحت عمليات التفجير الانتحارية أشد الأسلحة فتكا خلال الانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي التي بلغت من العمر 20 شهرا وقتلت عشرات الإسرائيليين المدنيين شاملا ذلك 19 شخصا في حافلة بالقدس يوم الثلاثاء.
أعلنت حماس مسئوليتها عن التفجير وهو أشد الهجمات فتكا في القدس خلال 6 سنوات. لم يتم التأكد من مصدر شريط الفيديو بواسطة مصدر إخباري مستقل، وقد أفادت الجهات الفلسطينية التي تم الاتصال بها بأن الجماعات المسلحة قامت في الماضي بتوزيع أشرطة مماثلة عن كيفية صنع القنابل.)

هكذا يكون الكفاح. لقد أثبت الشعب الفلسطيني أنه فعلا يستحق الحياة. يبدو أيضا أن الأحزمة الناسفة قد تطورت بحيث أصبحت قادرة على الفتك بأعداد كبيرة من لصوص الأوطان اليهود، ولا أستبعد أن يأتي يوم يتم فيه تطوير هذه الأحزمة الناسفة لتحتوي على مواد كيماوية أو مشعة أكثر فتكا. الفلسطينيون أذكياء والتقنية النووية ليست بعيدة عن متناول شبابهم الذي يحظى بنسبة عالية جدا من التعليم العالي من بين كافة الشعوب العربية. المواد المشعة متوفرة بالسوق السوداء العالمية، بل إنها يمكن شراؤها من اليهود أنفسهم إذا امتلكوها.
نشرت طهران تايمز Tehran Times الإيرانية خبرا من القاهرة في 20/6/2002 تحت عنوان منع الرسميين الإسرائيليين عن التلفاز العربي كجزء من حملة إعلامية":

(القاهرة اجتمع وزراء الإعلام العرب هنا يوم الأربعاء لمناقشة إطلاق حملة إعلامية ضد إسرائيل تتكلف 20 مليون دولار، وتسعى الخطة أيضا إلى منع المقابلات الرسميين الإسرائيليين.
تم الاجتماع ليوم واحد بمقر جامعة الدول العربية التي يبلغ عدد أعضائها 22 دولة. وقد شارك في الاجتماع وزراء من 13 دولة هي البحرين ومصر والعراق والأردن ولبنان وموريتانيا والمغرب وعمان والسعودية والسودان وسوريا وتونس واليمن. (مرتبة أبجديا)، أما باقي أعضاء المنظمة فقد كان تمثيلهم بموظفي إعلام على مستوى أقل ولم تحضر قطر لأنها قد ألغت وزارة الإعلام بها.
رأس الاجتماع وزير الإعلام السوري عدنان عمران وجرت مناقشة مشروع "دعوة الدول العربية لإطلاق حملة إعلامية" ضد إسرائيل "موجهة إلى الرأي العام العالمي" بتكلفة قدرها 20 مليون دولار. ستقوم الحملة ضمن هذا المشروع بمقاومة فعل "المحاولات الإسرائيلية الأمريكية لتصوير الكفاح الوطني الفلسطيني بصورة الإرهاب غير المبرر". وتدعو المسودة أيضا إلى دعوة "وسائل الإعلام العربية إلى عدم السماح للرسميين الإسرائيليين بمخاطبة الرأي العام العربي في محاولاتهم لتبرير العدوان". يبدو أن هذا القرار يستهدف قناة الجزيرة الفضائية في قطر. كانت قطر قد رفضت حتى الآن إرغام قناة الجزيرة على عدم إذاعة تعليقات الرسميين الإسرائيليين على الصراع في الشرق الأوسط.
قال وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي في كلمة له أن الخطة "لم ينفق عليها دولار واحد" لكي تبدأ رغم أنها على طاولة البحث منذ حوالي العام. أنحى العريضي باللائمة على "الخلافات بين العرب" وقال أن بعض الدول العربية - دون تسميتها تفضل العمل خارج إطار جامعة الدول العربية. جذبت تعليقات العريضي ردود فعل من السعودية ومصر حيث قال فؤاد الفارسي وزير الإعلام السعودي أن المملكة "مستعدة للإسهام بمبلغ 3,36 مليون دولار بشرط أن تقوم بقية الدول العربية الأخري بالإسهام". وقال صفوت الشريف وزير الإعلام المصري أن على الدول العربية أن "توحد وأن تنظم جهودها قبل جمع المال". حثت مسودة المشروع الدول العربية على "الإسراع في إنشاء قناة فضائية تخاطب الرأي العام العالمي والأمريكي"، وحذر عمرو موسى السكرتير العام لجامعة الدول العربية من أن إسرائيل قد أمسكت بزمام المبادرة بالفعل وسوف تطلق قناة عربية يوم 25 يونية لمخاطبة الرأي العام العربي، وأضاف "نحن جميعا نعلم مدى الزيف المتوقع من القناة الإسرائيلية."
تدعو مسودة المشروع وسائل الإعلام العربية والعالمية إلى "القيام بجهد منظم لجمع الأدلة عن جرائم الحرب الإسرائيلية لكي تتم محاكمة الجنرالات الإسرائيليين والضباط والمستوطنين أمام المحاكم الدولية" وسوف تستنكر الحملة المقترحة إنشاء إسرائيل للسور الذي يعزل بيت المقدس عن بقية الضفة الغربية وغير ذلك من "الإجراءات العنصرية والعقاب الجماعي" ضد الفلسطينيين.
يوفر المشروع "الدعم العاجل" لكي تتمكن السلطة الفلسطينية من "إعادة بناء البنية الإعلامية التحتية التي دمرتها إسرائيل ولتمويل دار طباعة للجرائد في غزة". قل عمران الوزير السوري أن الإعلام العربي يجب أن يكون أكثر نشاطا لأن الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر قد لطخت سمعة العرب.)

واضح من الخبر أن الأمر متعلق بالإعلام الرسمي العربي، وهو نوع الإعلام الذي بات اليوم يعمل ضد المصالح العربية لأن كل همه هو حماية أنظمة الحكم التي أسقطت الانتفاضة الفلسطينية كل أقنعتها الزائفة. حماية نظم القادة العملاء وحماية المصالح العربية نقيضان لا يمكن اليوم الجمع بينهما. وقناة الجزيرة رغم كل عيوبها قدمت مثالا لما يمكن أن يكون عليه الإعلام العربي من حسن الأداء وكنت أتمنى أن تبث بلغات أخرى. من العجيب أن تغيب قطر عن الاجتماع بسبب قيام وزارة أخرى من وزاراتها بمهمة وزارة الإعلام الملغاة. على أي حال قطر الحكومية الرسمية في حد ذاتها تعد من أشد الدويلات الخليجية رغبة وإسهاما في التطبيع والصهينة، وإن لم يكن غيابها للاستهزاء فإنه ربما كان نوعا من الحياء في عصر خلع فيه كل القوادين العرب برقع الحياء.
قامت إحدى فضائيات دبي ببث النشرات الإخبارية بالإنجليزية لكنها للأسف الشديد تبدو وكأنها نشرات صادرة من تل أبيب، فالشهداء الفلسطينيون يسمون بالإرهابيين والتفجيرات الاستشهادية تسمى بالتفجيرات الانتحارية والمقاومة الفلسطينية تسمى إرهابا. صحيح أن ذلك يتم نقلا عن وكالات الأنباء العالمية اليهودية التي تستخدم تلك اللغة المضللة الخبيثة، لكن مثل تلك الأخبار المنقولة تلزم إعادة صياغتها بحيث لا يسمع ضمنها تلك التعبيرات العدائية أيا كان مصدرها. لا أدري إن كانت تلك المصيبة تتم لأن المسئولين بدولة الإمارات العربية غفل لا يعلمون أم أن ذلك يتم بمباركتهم. كلا الاحتمالين مصيبة تدل على مدى التفسخ العربي ومدى تغلغل الصهيونية في عقر ديارنا، فمعظم الأجانب من الأمريكيين والبريطانيين بدول الخليج من اليهود ويجب الحرص عند استخدامهم والتأكد من حقيقتهم، إلا إذا كانت فضائيات دبي تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، شأنها في ذلك شأن مراكز بحوث الدراسات الاستراتيجية المشبوهة في أبو ظبي وغيرها.
نشرت الإندبندنت البريطانية في 21/6/2002 خبرا لمراسلها مارك لافي Mark Lavie - لا بد وأن تكون بقية وسائل الإعلام قد نقلته - عن هجوم فلسطيني على مستوطنة "إيتامار Itamar" الإسرائيلية. الخبر تحت عنوان "الفلسطينيون يقتلون ستة مستوطنين في هجوم بالضفة الغربية". يصف الخبر النواح اليهودي المعتاد عن قتل "الأبرياء" والنساء والأطفال وعن الفزع والرعب الذي ينشره الفلسطينيون بين المستوطنين الآمنين. ثم يقول :

(أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسئوليتها. وقال متحدث تليفوني أن الهجوم كان ردا على اعتقال أحد قادة الجبهة ومحاولة إسرائيل فصل الضفة عن إسرائيل بحائط أمني.
استعارت ليمور ليفنات Limor Livnat وزيرة التعليم كلمات جورج بوش قائلة "يجب علينا توجيه ضربة وقائية وأن ننقل المعركة إلى أرضهم. الدفاع عن النفس لا يكفي. يجب أن نفكك البنية التحتية للإرهاب والنظام الذي يدعم الإرهاب". ليفنات عضوة في حزب الليكود الذي يرأسه شارون والذي يفضل معظم أعضائه نفي عرفات قائد الفلسطينيين خارج المناطق (الفلسطينية).
يعيش بالمستوطنة بعض من أشد المستوطنين المسلحين تشددا وليست محاطة بسور أمني، ويؤمن المستوطنون بها بوجه عام بأن الضفة الغربية بكاملها ملك لليهود. معظم سكان الضفة من الفلسطينيين. حدث في 29 مايو أن مسلحا فلسطينيا قد هاجم مدرسة ثانوية بنفس المستوطنة وقتل ثلاثة من الصبية الإسرائيليين. يأتي الهجوم الأخير في أعقاب هجومين اتتحاريين في القدس هذا الأسبوع أسفرا عن مقتل 26 إسرائيلي.
أخذت إسرائيل في استدعاء جنود الاحتياط حيث بدأت القوات في الدخول إلى المدن الفلسطينية ردا على الهجمات الانتحارية. أفاد الفلسطينيون والعسكريون (الإسرائيليون) بأن القوات الإسرائيلية قد جمعت الفلسطينيين لاستجوابهم في جنين وقليقلة وبيت لحم وضاحية بيتونيا في رام الله.)

لاحظ هنا أن تلك المستعمرة متبجحة أكثر من غيرها حيث يسكنها أسوأ أنواع اليهود وأشدهم تعصبا ممن تسيطر عليهم أسطورة أرض الميعاد وكيف أن الضفة الغربية ملك لهم. لقد وقع المخطط الصهيوني في شر أعماله بزراعة هذه الأقليات المتعصبة في تلك المستوطنات التي تشبه جزرا صغيرة معزولة يحميها الجنود الإسرائيليون وسط بحر من الفلسطينيين. كانت الأمور مستتبة والبحر هادئ، أما اليوم - بعد أن فار البحر وثار وعلت أمواجه - فإن تلك الجزر غارقة لا محالة. كان المخطط الصهيوني يعتمد على أن الفلسطينيين غير مسلحين وكل مهمتهم في الحياة هي توفير العمالة الرخيصة لتلك المستوطنات. تغيرت الصورة بعد الانتفاضة الفلسطينية الباسلة وأصبحت تلك المستوطنات مقابر لكل هؤلاء اليهود المتعصبين الذين ذهبوا باختيارهم للعيش بها بهدف سلب بقية فلسطين من أهلها، وهم الآن يلقون جزاءهم ولن تستطيع إسرائيل توفير الأمان لهم مستقبلا بعد أن انشغل جيشها بالدفاع عن الكيان الصهيوني الذي يتم الآن عزله ببناء "سور صهيون العظيم The Great Wall of Zion". يدعي اليهود أنهم أذكياء وهاهم الآن يعرضون على العالم أشد صور الغباء الذي لا يعي دروس التاريخ، فالنظام العنصري انتهي في جنوب أفريقيا بعد صراع طويل. وسيكون مصير سور صهيون العظيم هو نفس مصير سور الصين العظيم وحائط برلين.

(25)
التاريخ في سلسلة مقالات
من أقوال الصحف العالمية

ترجمة وعرض: محمد عبد اللطيف حجازي

mehegazi@yahoo.comتاريخ المقال: 28/06/2002

من أحق بنشر الرعب بين الأمريكيين من الجرائد اليهودية الرئيسية؟ أسهمت واشنطون بوست The Washington Post في ذلك بنشر افتتاحيتها الرئيسية يوم 24/6/2002 تحت عنوان "الإعداد للأزمة" بشرت فيه الأمريكيين بالرعب الأزلي قائلة:

(حدثت مناقشة عابرة في اجتماع أخير لمجلس النواب عن مساعدة الأفراد في الاستعداد للهجمات التي يمكن حدوثها. اقترحت جين هارمانJane Harman <يهودية طبعا> ممثلة كاليفورنيا ضرورة أن يكون الأمريكيين على نفس القدر من الاستعداد الذي يكون عليه أهالي كاليفورنيا عندما تبدأ الأرض في الاهتزاز. قالت "أعتقد أنه ربما كان 98% من أهل كاليفورنيا على علم بما يجب عمله عند حدوث زلزال، وأعتقد أن هذه هي الدرجة التي يجب الوصول إليها في هذا الأمر .. أن نسلح الفرد بمعرفة ما يجب عليه عمله، فإذا عرف ذلك فإنه لا يصاب بالهلع." كانت تلك لحظة قصيرة خلال ساعات من النقاش الذي انصب في معظمه على بحث أفضل طرق إعداد الموظفين الفدراليين للكشف عن أعمال الإرهاب ومنعها، لكن تلك النقطة تستحق الاهتمام بصورة أساسية ومستمرة. من الضروري أن يسمع المواطن بطريقة واضحة عن ردود الفعل الفردية المعقولة.)

يستمر المقال في الحديث عن الأخطار المحتملة من "قنابل قذرة" إلى ميكروبات الأمراض وضرورة التوعية عن رد الفعل لكل من تلك الأحداث الخاصة، ويستمر إلى القول:

(يستطيع الأمريكيون فهم الفروق واستيعاب شرحها إذا ما تم ذلك بصورة واضحة مباشرة. هناك بعض الاستعدادات الخاصة بالكوارث تصلح لكل المواقف، مثل تخزين الماء والأطعمة المعلبة والأدوية الضرورية، بحيث يمكن البقاء داخل المنزل لبضعة أيام إذا تطلب الأمر. تكلم مع أفراد الأسرة عن كيفية التصرف عند حدوث أزمة إذا ما كان الجميع متفرقين بين العمل والمدرسة. جهز كشاف يدوي وراديو وبطاريات. كن مستعدا للاستماع إلى تعليمات السلطات. لقد تم التأكيد على هذا النوع من النصائح العملية في أعقاب 11 سبتمبر، لكن الصوت خفت بعد ذلك. يجب تكرار تلك الرسالة، إلى جانب التوعية بطبيعة الأخطار المحدقة حتى يخف الرعب، فالقنبلة القذرة مثلا ليست مثل القنبلة الذرية.
يجب أن يقوم الرسميون أيضا بالمساعدة على فرز وتنحية بعض الاحتياطات غير الضرورية. هل تحتاج إلى جهاز للكشف عن الإشعاع؟ ربما لا. هل تحتاج إلى أقراص أيوديد البوتاسيوم؟ ربما كان ذلك يستحق البحث إذا ما كنت تعيش على مقربة من محطة طاقة نووية، حيث يقوم الرسميون في عدد من الولايات بتوفير تلك الأقراص، لكنها ليست بالضرورة ذات نفع في حالة القنبلة القذرة. هذا هو نوع الأسئلة التي يثيرها الإنذار عن الإرهاب، والإجابة عليها بصورة أكثر وضوحا وثباتا تسمح للمواطن بأن يستجيب للتحذيرات بالعقل والحكمة.)

لاحظ نغمة الرعب المباشر وغير المباشر التي تنشرها وسائل الإعلام اليهودية عن "بعبع" الإرهاب القائم الدائم الذي لا مفر منه. الدمار يتهدد أمريكا ولكننا لا نعرف كيف أو أين أو متى يكون. الحكومة تتولى صد ذلك الإرهاب الوهمي وما على المواطن إلا أن يسمع وأن ينفذ التعليمات، وفوق كل شيء أن يظل خائفا. هذا يبرر إرسال الجيوش إلى الخارج وضرب "الإرهاب" قبل أن يأخذ طريقه إلى أمريكا. هي حيلة بسيطة تنطلي على الأمريكي الساذج إلى أن تنشط المعارضة عند اقتراب موعد الانتخابات فينقسم معسكر الصهاينة على نفسه مؤقتا ويظهر بذلك جزء من الحقيقة. لكن الشعب الأمريكي الغبي المسكين لا يعي الدرس بالتكرار ولا يعرف أن عدوه الحقيقي هو صهاينة أمريكا، أو يهود أمريكا إن شئت الدقة، لأنه لولا اليهودية ما كانت الصهيونية.
نشرت جريدة إندبندنت Independent في 24/6/2002 خبرا لمراسلها في القدس إريك سلفر Eric Silver تحت عنوان "القوات الإسرائيلية تستكمل إعادة احتلالها لخمس مدن":

(أكملت قوات المشاة والقوات المدرعة الإسرائيلية بالأمس إعادة احتلالها لأجل غير مسمى لخمس مدن فلسطينية بالضفة الغربية، بينما استدعى الجيش ألفا من جنود الاحتياط.
قال بعض الناطقين أنهم باقون في نابلس وجنين وطولكرم وبيت لحم وقليقلة "طالما تطلب الأمر" لمنع مثل تلك الهجمات التي قتلت 31 إسرائيلي قبل وقوعها. وكانت تلك الهجمات في الأسبوع الماضي على جانبي حدود الضفة الغربية. قال وزير الدفاع بنيامين بن اليعازر Benjamin Ben-Eliezer أن تلك القوات قد تظل هناك لمدة قد تصل إلى ستة أشهر.
قابلت القوات الغازية مقاومة ضئيلة، وإن كانت بعض المصادر الطبية في طولكرم قد صرحت بأن قذيفة من دبابة قد قتلت رجلا وجرحت ثمانية آخرين. قال الجيش الإسرائيلي أن قواته قد تعرضت للنيران.
تم انتشار فرقة كاملة بكل مدينة من المدن الخمسة، والتي كان معظمها تحت حظر التجول ليلة أمس. احتلت القوات أيضا بعض القرى المحيطة بنابلس ورام الله، ومازال الجيش يتدبر أمر دخول مدن أخرى من بينها رام الله والخليل.)

يمضي الخبر إلى القول بأن مجلس الوزراء الإسرائيلي قد وافق على بناء الثلث الأول من السور الفاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل والذي يبلغ طوله 190 ميلا وأن السلطة الفلسطينية قد وضعت مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين تحت الإقامة الجبرية بمنزله. ونحن لا ندري إلى أي مدى يمضي ياسر عرفات في تنفيذ تلك المسرحية الهزلية والرضوخ للمطالب الإسرائيلية وتحمل الإهانات الأمريكية. المطالب الصهيونية الأمريكية باتت واضحة تماما وهي إقامة كيان إداري فلسطيني بالمناطق التي تسكنها أغلبية فلسطينية، يكون هذا الكيان الهش الذي تفككه المستوطنات خاضعا للمؤسسة الصهيونية تحت أي مسمى مثل "السلطة الفلسطينية المعدلة مارك تو" أو "دولة فلسطين المؤقتة" أو "مملكة عرفات الشعبية الجماهيرية التقدمية المتحدة" أو "الاتحاد الكونفدرالي الضفاوي الغزاوي" أو أي شيء من هذا القبيل يقبله البسطاء على أنه دولة ويكون الغرض الأساسي منه أن يقوم الفلسطينيون بقمع الفلسطينيين تحت مسمى "مقاومة الإرهاب"، تماما مثلما تفعل سلطة حسني بن مبارك مع الشعب المصري أو سلطات الملوك والأمراء مع بقية بلدان الشعب العربي، وبذلك يعود الكيان الصهيوني إلى مرحلة ما قبل الانتفاضة فلا تتعطل دولته وتنهار عن طريق الاستنفار العسكري الدائم الذي يشل حياته المدنية، وتعود للكيان الصهيوني القدرة على بناء المزيد من المستوطنات واستقبال المزيد من أحط نوعيات يهود روسيا وأوربا الشرقية، ويستتبع ذلك بالضرورة طرد المزيد من الفلسطينيين من أرضهم وتمكين مستعمرات الاستيطان من ابتلاع ما تبقى من فلسطين. المخطط الصهيوني واضح ولا يحتاج فهمه إلى ذكاء شديد. مقاومة هذا المخطط لا تكون بقبول دولة فلسطينية رمزية منقوصة السيادة تقوم بأعمال القمع البوليسية نيابة عن الصهيونية الأمريكية.
نشرت الأهرام المصرية - أكبر جرائد النظام الدكتاتوري المصري - في 25/6/2002 الخبر التالي تحت عنوان "سفير فلسطين في موسكو يحذر من استخدام إسرائيل للسلاح النووي":

(أكد السفير خيري العريدي سفير فلسطين في روسيا أنه لا يستبعد أن يقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي علي توجيه أي ضربة‏..‏ وقال إن الفلسطينيين لا يملكون المدرعات والمدافع ولا يحصلون علي المساعدة العسكرية من الخارج بالرغم مما يشاع‏.‏
وقال ـ في تصريحات صحفية في موسكو أمس ـ إن هذا يأتي في حين أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتبر من أقوي جيوش العالم معربا عن تخوفه من أن يخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون لاستخدام السلاح النووي ضد العرب العزل‏.‏

وأوضح أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لن ينصاع إلي الضغط الإسرائيلي الاستفزازي وسيظل موجودا في مقره في رام الله‏.‏
وقال السفير الفلسطيني إن الرئيس عرفات مازال يدين العمليات الإرهابية التي تودي بحياة المدنيين وتقتل الإسرائيليين والعرب علي حد سواء‏,‏ فالمتطرفون يعملون ضد مصالح الشعب الفلسطيني وتطلعه إلي إقامة السلام في الشرق الأوسط‏,‏ لذلك أصدرت السلطة الفلسطينية أمرا لجهاز الأمن والشرطة باعتقال منظمي العمليات التي وقعت في القدس‏.‏ وأشار إلي أن شارون يوجد بيئة مناسبة للتطرف والإرهاب واصفا ما تفعله إسرائيل ضد الفلسطينيين بأنه إرهاب الدولة‏.)

لا يهمنا كثيرا ما قاله "سفير فلسطين" في موسكو بقدر ما تهمنا هنا أن تقول جريدة الأهرام على لسان ذلك الشخص أن "الرئيس عرفات يدين العمليات الإرهابية" أي أن عرفات يصف المجاهدين الفلسطينيين بأنهم إرهابيين ومتطرفين، وهي "موضة" شائعة هذه الأيام بين معظم القوادين العرب الذين يتمسحون في الصهيونية الأمريكية ويحاولون التزلف لها باستعمال لغتها، وقد فهمناهم وخبرناهم وعرفنا طبيعتهم وعمالتهم وجبنهم وخوفهم على حياتهم. أما أن يقوم عرفات بترديد نفس الأقوال فإنه يكون متقولا على الأحرار من شعبه، وهذا لا يجوز أيا كانت الدوافع والأسباب لأن أي شهيد فلسطيني فجر نفسه أشرف ألف مرة من عرفات ومبارك وكافة القوادين العرب جميعا ولا يجوز التطاول على هؤلاء الشهداء الأشراف بأوصاف ومسميات صهيونية.
نشرت الإندبندنت أيضا في 26/6/2002 تقريرا عن خطاب بوش الأخير تحت عنوان "رد الفعل العالمي استمروا في نزف الدم الآن وفي النهاية ستكون لنا دولتان". والعنوان مستعار من تصريح وزير العدل الإسرائيلي السابق الوارد بالتقرير. عرض تقرير الجريدة مختارات مما قاله البعض كالآتي:

( جورج ميتشل George Mitchell زعيم الأغلبية السابق بمجلس الشيوخ (البريطاني) الذي رأس اللجنة التي وضعت خطة السلام:
"هناك المخاطرة بأن يأتي واحد من حماس أو الجهاد الإسلامي فيخلف عرفات ويصبح الأمر أشد سوءا بكثير."
كوفي عنان السكرتير العام للأمم المتحدة:
"قام الشعب الفلسطيني باختيار الرئيس ياسر عرفات في انتخابات حرة رحب بها المجتمع الدولي على نطاق واسع في 1996، وسيبقى رئيسا لهم إلى أن يختاروا من يقودهم مستقبلا في انتخابات جديدة تم الإعلان عنها."
حنان عشراوي المشرعة الفلسطينية:
"لقد تبنى بوش الأسلوب الإسرائيلي بوضع التحذيرات المسبقة على أي تحرك لعملية السلام. توضع هذه التحذيرات المسبقة على الفلسطينيين وحدهم. لقد عرض بوش تصورا دون أن يعطينا الخريطة التي توصلنا، وبدلا من أن يأخذ المبادرة العربية ليسير عليها فإنه لم يشر إليها ولو من بعيد. لقد بنى موقفه على الاستقطاب المبسط فإما أن تكون معنا أو أن تكون علينا. لم يطرح أي عملية فعالة. لقد اشترى المزيد من الوقت لشارون وأعطاه الضوء الأخضر ليستمر في تلك السياسات البالغة الخطورة."
الرئيس المصري حسني مبارك:
أيدت السلطة الفلسطينية هذا التصريح، وما دامت قد وافقت عليه‏ فنحن نؤيده‏، لأنه متوازن إلي حد كبير‏‏ .. لا أري في تلك الخطبة ما يدعو إلي إقصاء عرفات‏، وإنما طلبا لإصلاح السلطة الفلسطينية‏ وتشكيل إدارة جديدة‏."
الحكومة الأردنية:
"نحن نحث إسرائيل على أن ترقى إلى مستوى هذه اللحظة التاريخية، التأخير يؤدي إلى كارثة."
يوسي بيلن Yossi Beilin وزير العدل الإسرائيلي السابق وأحد مخططي اتفاقيات سلام أوسلو 1993:
" إن أسوأ ما يمكننا عمله هو أن نقول أننا قد حصلنا على ختم كوشير من الرئيس الأمريكي بأن لا نفعل شيئا. (ختم الكوشير هو ختم تدفع شركات الأغذية الأمريكية مبالغ طائلة لوضعه على منتجاتها ويعني أن المنتج حلال لليهود) إذا لم نفعل شيئا فإن ذلك يعني استمرار دائرة العنف. وحيث أنه لا توجد إشارة إلى مؤتمر دولي فإن بوش يقول للطرفين استمرا في نزف الدم الآن، وفي النهاية سوف تكون لنا دولتان.") 

لاحظ أن كل ما قيل يخدم غرض قائله. جورج ميتشل يخشى على إسرائيل من العمليات الفدائية. كوفي عنان يرقص على الحبلين بحكم وضعه الدقيق بين الحق والخوف من سيده الأمريكي. حنان عشراوي بحكمتها ولغتها الهادئة أبرزت تحيز بوش وغبائه. يوسي بيلن يخشى على قومه الصهاينة من نزف الدم. الحكومة الأردنية تقول ما يرضي أمريكا ولا يغضب الفلسطينيين. أما مبارك فإنه يتحزم و"هات يا رقص" على أنغام ذلك اللحن الأمريكي الجديد المسمى "إصلاح السلطة الفلسطينية". والله لو كانت أمريكا "عالمة" لكان مبارك صبيها. هناك مثل إنجليزي يقول أن "بعض الناس يكونون أكثر قبولا لدى الغير إذا ما أغلقوا أفواههم". فليت السيد حسني يطبق هذا المثل على نفسه فلا يخرج علينا بمثل تلك التصريحات الفجة التي لا تخدم سوى المصالح الصهيونية الأمريكية، وليترك الفلسطينيين وشأنهم يدبرون أمرهم بعيدا عن هذا الابتذال والإسفاف، يكفيه الآن اللعب بمقدراتنا نحن المصريين إلى أن يقضي الله أمرا.
أفضل تقييم لخطاب جورج بوش هذا جاء بقلم جوناثان فريدلاند Jonathan Freedland بالجارديان The Guardian البريطانية في 26/6/2002 تحت عنوان "حماقة جورج دبليو الدامية" (كلمة دامي bloody الإنجليزية المستخدمة ذات معنيين فهي أيضا تستعمل للاستنكار أو السباب المخفف) . إليك الترجمة الكاملة لمقاله الرائع الذي قد نختلف مع بعض مفرداته ومصطلحاته:

(لقد كان خطابا خياليا، وأنا أعني حرفية الكلمة. كانت كلمة جورج بوش عن الشرق الأوسط التي ألقاها خارج البيت الأبيض مساء الاثنين من وحي الخيال من بدايتها إلى نهايتها. لقد كانت صلتها بالواقع واهية حتى أن الدبلوماسيين حول العالم قضوا يوم أمس يهزون رؤوسهم غير مصدقين، قبل أن يسقطوا في دوامة من الغم والقنوط. أما وزارة خارجيتنا (البريطانية) فقد وقعت في محاولة العثور على شيء من المنطق في النص لكنها اعترفت بأن ذلك سباحة ضد التيار. أصيب الإسرائيليون من أنصار الوصول إلى حل سلمي للصراع بخيبة أمل، حتى شيمون بيريز وزير الخارجية في حكومة شارون قد نقل عنه قوله أن الخطاب كان "خطأ مميتا" وتحذيره من أنه يمكن توقع "حمام من الدم." كان لب رسالة الرئيس هو أن الفلسطينيين يجب أن يبدءوا عملية إصلاح داخلي شاملة قبل مجرد التفكير في العودة إلى طاولة المفاوضات. يجب عليهم أن يحولوا أنفسهم إلى نظام ديمقراطي لاقتصاد السوق، خال من الفساد وله نظام قضائي منفصل عن نظامه التشريعي، إن أرادوا أن يكونوا مؤهلين للدولة التي ستكون مؤقتة عند قيامها.
هل نحصي عدد الطرق التي توضح السخف التام لذلك؟ يطلب جورج بوش من فلسطين أن تصبح السويد قبل أن تكون فلسطين، فعليها أن تكون مستقرة ومزدهرة تباهي بترتيبات دستورية مازالت تستعصي على بريطانيا، فهيئتنا التشريعية ليست منفصلة عن الهيئة القضائية. ما بالك إذن بدولة من العالم العربي قبل أن تصبح مجرد دولة قيد الانتظار.
إن هذا يصبح مدعاة للسخرية لو كانت فلسطين جزءا من اسكندنافيا المستقرة الهادئة. حتى في اسكندنافيا لو طلبت من دولة - قبل أن تصبح دولة - أن تخلق مؤسسات لها تماثل مؤسسات دولة بالغة التطور فإن ذلك يعد من قبيل وضع العربة أمام الحصان. لكن تذكر أن هذا مطلوب من الفلسطينيين بناة الدولة التي وضع في طريقها كل عائق ممكن.
هناك أيضا حقيقة أنهم تحت الاحتلال العسكري. وكما أشارت النيويورك تايمز بالأمس "يبقى غامضا كيف يمكن توقع قيام الفلسطينيين بعمل انتخابات أو أن يحسنوا من أنفسهم بينما هم مقيدون بالجيش الإسرائيلي، فالوزراء الفلسطينيون يشكون من عدم قدرتهم على زيارة قرية تبعد 10 دقائق. يمكنهم سن القوانين دون تطبيقها، فهم وزراء للعرض يوجدون على الورق فقط. لكن عليهم الآن أن يبنوا سويسرا الشرق، حيث تكون الطرق نظيفة والحكومة تعمل كالساعة. تلك مادة تصلح لقصة "بوش في بلاد العجائب."
إن خطاب الاثنين يحمل في طياته لمسة من الكوميديا السوداء. قال الرئيس أن فلسطين الجديدة يجب أن تتعلم أساليب الحكم الجيد، مرشحا الدول العربية لدور المعلم. لك أن تتخيل دروسا في الديمقراطية من السعودية ودروسا متقدمة في الحرية من الكويت.
لكن ذلك ليس أعظم تخيلات الرئيس، فهو يقول أن عرفات يجب أن يذهب وإن كان لم يذكره بالاسم. ربما كان من المنعش أن نسمع رئيسا أمريكيا يصرح بأمانة عن اعتقاده بأن من حقه أن يختار رؤساء الدول الأخرى، لكن هذا المطلب يكشف بوضوح مدى خواء تفكير بوش. من في تصوره يمكن أن يخلف عرفات؟ ألا يعلم أن الفلسطينيين غاضبين من رئيسهم ليس لأنه ليس في صف الأمريكيين بما فيه الكفاية وإنما لأنهم يرون أنه شديد الاعتدال وعلى استعداد مفرط لعمل ما تراه إسرائيل. الشارع الفلسطيني لا يهتف مطالبا برجل ينقض على المحاربين الإسلاميين بصورة أشد أو يغني أغنية غربية عن التجارة الحرة وانتخابات المحليات.
لو تمت الانتخابات فإن النتيجة هي إما أن يعيد الفلسطينيون انتخاب عرفات تحديا لواشنطون، أو أن يختاروا من هو أكثر منه تشددا. سوف يتم سحب الثقة من أي قائد حائز على ختم القبول من إسرائيل أو الولايات المتحدة باعتباره ألعوبة في أيديهم ليصبح منبوذا على الفور. لدى عرفات ميزة لا يمتلكها أي من منافسيه، رغم كل عيوبه، فهو ما زال يمثل فلسطين بفضل تاريخه الطويل، وتوقيعه على أي تسوية تتضمن حلولا وسطا هو التوقيع الوحيد الذي يقنع شعبه بقبولها. إذا ما عجل بوش بإزاحته الآن فإنه يحرم أي تسوية سلمية قادمة من الفلسطيني الوحيد الذي يمكنه أن يتممها.
لذلك فإن خطاب الرئيس يوضح أنه رجل لا صلة له بحقائق الشرق الأوسط، وهذا خطير. أولا أعطى بوش الضوء الأخضر لشارون لكي يستمر في سياسة القوة العسكرية ورفض وقف بناء المستوطنات بالضفة الغربية. كلمات الخطاب تعني أن شارون غير ملزم بالانسحاب من المدن الفلسطينية أو تجميد المستوطنات إلا إذا قام الفلسطينيون بالانتهاء من تنفيذ قائمة رغبات الولايات المتحدة. يستطيع رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يفعل ما يريد طالما استمر العنف أو بقي عرفات في منصبه.
إذا وضعنا في الحسبان أن الرئيس قد رفض أن يحدد شكل التسوية النهائية - مؤجلا ذلك وغيره للمحادثات اللاحقة - فإنه يكون قد أعطى شارون الدافع لكي يعمل جهده الآن لبناء المستوطنات وإقامة الأسوار واستقطاع حدود جديدة. لو كان بوش قد أعلن أن الدولة الفلسطينية في النهاية سوف تكون على الجانب الآخر من حدود إسرائيل في عام 1967 لما كان هناك داع لأن تحاول إسرائيل إعادة رسم الخريطة، أما الآن فإن لدى شارون كل الدوافع لكي يخلق "الحقائق على الأرض" كما عرف عنه.
هناك خطر من الجانب الفلسطيني أيضا. لم يحتفل بالأمس سوى الإسلاميين المتطرفين من حماس والجهاد، موبخين الفلسطينيين المعتدلين لأنهم صدقوا يوما أن السياسة وليس العنف قد تجيء بنتيجة. لم يلوح بوش للفلسطينيين بأي "جزرة" جدية، فلم يعط وعودا بشأن القدس أو اللاجئين أو الحدود النهائية. حتى المؤتمر الدولي الذي خطط له كولن باول يبدو أنه قد اختفى. كل ما سيحصل عليه الفلسطينيين إذا ما أذعنوا لمطالب واشنطون قد يكون دولة مؤقتة على 42% من الضفة الغربية. قليلون هم الذين سيرون في ذلك جائزة تستحق التضحية برئيسهم والتحول القومي.
وعلى ذلك فإن خطة بوش الجديدة تلك ليست إلا سرحة من خيال خاطئ غير مسئول لا يمكن لها إلا أن تفشل وأن تجلب المزيد من إراقة الدماء والخراب لأهل الشرق الأوسط وهم في حالة من اليأس والتطلع إلى ما هو أفضل.
لكن ذلك سوف يتردد صداه إلى ما هو أبعد. سيضر ذلك بمركز الرئيس الأمريكي وأمريكا معه. فسوف يتم استعداء الأمم الإسلامية والعربية بهذه الخطة التي لا تقوم بأي عمل فعلي، بينما سيوقن ممثلو الدول من لندن حتى موسكو بأنهم يتعاملون مع زعيم لا يقدم كلاما مرضيا لهم أو للواقع البسيط.
هذا فشل لسياسة بوش الخارجية. لو كان من الديمقراطيين لقام الكونجرس وصحافة واشنطون بضم هذا الفشل إلى جانب خطر القاعدة الذي لم يتم إطفاؤه وبقاء أسامة بن لادن طليقا. عوامل الفشل هذه بالإضافة إلى الضمان الحالي للمزيد من المذابح في الشرق الأوسط يجب أن تدفع بالأسئلة الصعبة عن بوش وحربه على الإرهاب. يجب أن تنتزع الولايات المتحدة نفسها من خمول الوفاق العام الذي حل عليها بعد 11 سبتمبر لتعلم أن لديها مشكلة قيادية اسمها جورج بوش.)

هذا هو كلام صحفي أجنبي عن مدى ما صرح به جورج بوش من عبث وخرافة. قارن ذلك بأقوال السفهاء من القوادين العرب وأبواق دعايتهم من وسائل الإعلام الحكومي لكي تعرف لماذا فشلنا. وأهم من ذلك لكي تؤمن بأن ضرورة إزاحة هؤلاء القوادين العرب قد أصبحت ضرورة قومية، وأن الريادة الطبيعية في ذلك يجب أن تكون لمصر. هذا هو قضاؤها وهذا هو دورها المحتوم في منطقتنا العربية.

(26)
التاريخ في سلسلة مقالات
من أقوال الصحف العالمية

ترجمة وعرض: محمد عبد اللطيف حجازي

mehegazi@yahoo.comتاريخ المقال: 05/07/2002

(البحث عن هذه الحلقة يجري بدهاليز الشبكة العنكبوتية وسوف أنشر المقال المفقود  في هذا الحيز فور العثور عليه)
ها هو المقال المفقود " قص ولصق  copy and paste" من الموقع أعلاه، جزاهم الله كل الخير:
من أقوال الصحف العالمية
5/7/2002
ترجمة وعرض: محمد عبد اللطيف حجازي
mehegazi@yahoo.com
تصلك هذه الحلقات يا سيدي القارئ بعد أن تجتاز عدة حواجز. فمثلا يجب أن أكون على اتصال عن طريق الشبكة الدولية "الإنترنيت" لكي يتم أي شيء. وفي سبيل ذلك يجب أن أكون متصلا عن طريق أحد موزعي خدمة الإنترنيت باستراليا Internet Service Provider (ISP) والذي يمر عن طريقه كل ما هو داخل أو خارج من حاسوبي وبالتالي يصبح هو نقطة التفتيش والتحكم الأولى ويستطيع التدخل بوسائله الإلكترونية ويمكنه قطع اتصالي من آن لآخر. ولأن هذا الاتصال يتم عن طريق خط تليفوني فيمكنك أيضا أن تضيف وسائل التدخل والمراقبة التليفونية على مختلف النقاط التي تمر بها الاتصالات إلى أن تصل رسالتي إلى الزملاء المسئولين عن موقع الجريدة. ولأن محل إقامة كتيبة الشعب هو أرض الكنانة فيمكنك أن تضيف "غتاتة" أجهزة التخابر والقمع المصرية. أما أقل هذه المعوقات شأنا فهو الفيروسات التي أتلقاها ويتلقاها كتاب الشعب يوميا بمرفقات البريد الإلكتروني. أضف إلى كل ذلك أن موقع الجريدة مستهدف بصفة عامة وأن بعض الكتاب مستهدف بصفة خاصة من تشكيلة متنوعة من أجهزة التخابر الأجنبية والمحلية بالدول العربية.
لذلك فإن حلقة الأسبوع الماضي قد تكون قد ظهرت على شاشة حاسوبك كصفحة بيضاء من غير سوء. كل ما أستطيع قوله هو أن الحلقة وصلت الجريدة ولكنها لم تصلك. وهناك عدة نظريات لتفسير ذلك أقربها إلى المنطق هو أن مانعا قهريا قمعيا قد تدخل لوقف النشر. عند مراجعتي لما كتبت وجدت أنني قد ذكرت بالاسم إحدى الشخصيات القوادية العربية قائلا أنه لو كانت أمريكا "عالمة" لكانت تلك الشخصية المخصية صبيا لتلك العالمة. على كل الأحوال سأحاول من جانبي تجنب مثل ذلك التصريح وسأكتفي بالتلميح حتى يرضى عني وعنك كل الأغبياء من موظفي القمع. نحن في موقف يشبه تماما تلك النكتة القديمة التي زجر فيها أحد هؤلاء الموظفين مواطنا لعن عبد الناصر بقوله" الله يخرب بيتك يا عبد الستار". لذلك فإنني إذا كنيت عن البعير بتسميته "البارك" فإن الجميع  بما في ذلك موظف القمع - سوف يعلم أنني أقصد عجل أبيس السمين الذي سرق قوت الشعب وأجر البلاد "مفروشة" للصهيونية الأمريكية، فلماذا إذن الكناية والتورية ودفن الرأس في الرمال؟ لماذا لا نسمي البعير والحمير بأسمائها؟ لماذا لا نحلم بأن الحمير يوما ستقرأ الأسفار؟
كانت شيري بلير Cherie Blair  زوجة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير قد صرحت يوما بأن الدافع لدى الشباب الفلسطيني للقيام بالعمليات "الانتحارية" هو فقدان الأمل في المستقبل. هاجت الصحافة الصهيونية وماجت لهذا "التعاطف" مع "الإرهابيين" الفلسطينيين. كتب الكساندر تشانسيلور Alexander Chancellor عن ذلك بجريدة الجارديان البريطانية  The  Guardian بتاريخ 29/6/2002 تحت عنوان " الرابطة الانتحارية" قائلا:

(لا تستحق شيري بلير كل تلك المتاعب التي تعرضت لها من الصحافة. هذه قائمة بذنوبها الرئيسية: رئاسة لبعض الندوات في داوننج ستريت <مقر رئيس الوزارة البريطانية> وعدم لبسها للقبعة في صلاة اليوبيل الذهبي للملكة بكنيسة سان بول وما بدا منها من بعض التعاطف تجاه المتفجرين الانتحاريين الفلسطينيين. هذا سجل ضعيف لإثبات الشر أو سوء النية.
ربما شعرت ببعض الغضب من ندواتها في رقم 10 <المقر الحكومي> لكنني لا أشعر بأي غضب من عدم حملها للكراهية إلى الكاتدرائية. فلو أنها ظهرت بدون قبعة في أسكوت Ascot <سباق الخيل الشهير في لندن> لكان الأمر مختلفا، ولكن الكنيسة الإنجليزية ليست متشددة في مثل تلك الأمور، ولو أنها لبست القبعة في سان بول لاتهموها دون شك بأنها تسعى إلى دور أبرز في احتفالات اليوبيل، مثلما قالوا عن زوجها في وداع جثمان الملكة الأم قبل دفنها.
ما هو أكثر جدية هو اتهامها بأنها قد وقعت في خطأ دبلوماسي عندما قالت عن اضطرابات الشرق الأوسط "لن يحدث تقدم أبدا طالما شعر صغار السن بأنهم لا أمل لديهم سوى تفجير أنفسهم." تصدر ذلك الصفحات الأولى لمعظم الجرائد في اليوم التالي. ربما كان من الأفضل لشيري لو كانت أدانت التفجيرات كمقدمة لملحوظتها، لكن ما قالته في حد ذاته لم يكن محلا للجدل، فقد قال جاك سترو شيئا مشابها في وقت سابق من ذات اليوم حينما قال "حينما يذهب صغار السن ليلقوا حتفهم فإننا جميعا نشعر بشيء من التعاطف مع هؤلاء الصغار. لا بد وأنهم مكتئبين وأسيء توجيههم حتى يفعلوا ذلك." ويكون قول بنيامين إليعازر وزير الدفاع الإسرائيلي أقرب لصلب الموضوع، إذا ما وضعنا في الاعتبار شكوى السفارة الإسرائيلية العلنية ضد شيري. كان الوزير الإسرائيلي قد زار اثنين من نزلاء السجون ممن فشلت محاولاتهم الانتحارية لكي يبحث عن نوع "الوقود الذي يسير المهاجمين الانتحاريين" وتوصل إلى الاستنتاج بأنه "اليأس"، بل إنه قال أن تصرفات الجيش الإسرائيلي وإن كانت ضرورية إلا أنها قد أشعلت هذا اليأس وجعلت صغار الفلسطينيين أكثر عرضة للضغط والإقناع من هؤلاء الذين أرسلوهم إلى إسرائيل لكي يموتوا. قال الوزير لجريدة هاآرتز الإسرائيلية "بمجرد أن يشعر الفلسطينيون بحلم جديد عن حياة حقيقية أفضل ضاع البريق السحري لتلك المقطوعة التي باعوهم إياها عن عذارى الجنة وغير ذلك من اللغو الفارغ."
لذلك فإن تحليل شيري بلير لظاهرة التفجير الانتحاري مماثل لتحليل وزير الدفاع الإسرائيلي وإن كان التعبير عنه أكثر حذرا. الشيء الوحيد الذي يهمنا إذن هو ما إذا كان تحليلهما صحيحا. هل صحيح أن غياب "الأمل" يقف وراء هجمات القنابل تلك؟ إن الاعتقاد بذلك يدعو إلى التفاؤل لأنه يوحي بإمكان الوصول إلى حل. فما عليك إلا أن تعطي الفلسطينيين الحرية والحكم الذاتي داخل دولتهم الخاصة لكي يتوقفوا عن نسف الناس.
ولكن أليس من الجائز أن حملة التفجيرات التي بدأت دفاعا عن الحقوق الفلسطينية قد أصبحت اليوم جزءا من صراع أوسع بين الإسلام والغرب؟ إن المدافعين عنها أصبحوا الآن لا يوردون ذكر فلسطين كثيرا وإنما يؤكدون بدلا من ذلك نبل أي صورة للاستشهاد في سبيل الإسلام.
قد يجد البعض كلمات شيري بلير مثيرة للغضب فما رأيكم في كلمات غازي القصيبي السفير السعودي في لندن؟ لقد كتب قصيدة مدح في امرأة تفجير انتحارية. ليس هذا فقط، بل انه قال هذا الشهر في مقابلة له أن كل المطلوب للحصول على الشهادة هو أن تموت " لكي تكون كلمة الله هي العليا". إن هذا يبدو كدعوة لنسف كل من كان غير مسلم بهذا العالم. وقد أضاف السفير أنه يود لو صار هو نفسه شهيدا لو كان عمره ووزنه يسمحان بذلك.
هناك كتاب جديد بعنوان "ظلال السيوف The Shade of Swords " للكاتب الهندي المتميز م. ج. أكبر MJ Akbar نشرته دار روتلدج Routledge يقتفى فيه أثر التاريخ عبر القرون عن الصراع بين الإسلام والمسيحية، والذي يشعله اليوم سيطرة الولايات المتحدة على العالم. من الصعب أن نرى نهاية لهذا الصراع طالما بقيت أم مسلمة تقول عن ابنها الميت  كما قالت إحداهن في الأسبوع الماضي  أنها شجعته على الموت شهيدا لأنها تحبه ولأن الشهادة هي المفتاح إلى سعادته الأبدية.
حتى الرسالة التي تركها الشاب المنتحر - الذي تسبب في مجزرة القدس في يوم "هفوة" شيري  لم تبد يأسا أو فقدانا للأمل وإنما أبدت نشوة وغبطة إذ تقول "كم هو جميل أن تَقتُل وأن تُقتَل، ليس حبا في الموت وإنما صراعا من أجل الحياة، أن تقتل وأن تقتل في سبيل الحياة  للأجيال القادمة.")

إن الإنسان ليشعر بالأسى حينما يرى كاتبا غربيا مجيدا تبدو كتابته غير ميالة للتحيز وقد أخذ انطباعا خاطئا عن الإسلام والمسلمين ملئ بدماء المسيحيين. الأسى مرجعه إلى أن السفهاء منا هم الذين يتولون شرح المبادئ الأساسية للإسلام لنا وللغرب. أليس منا من يقول على التلفاز بأن أهل الكتاب كفار ومشركون بالله؟ بدلا من القول بأنهم أحرار إذا رأى خيالهم الإله الواحد في صور ثلاث، وأن هذا شيء يخصهم وحسابهم مع ربهم إن أخطأوا أو أصابوا؟ هل نصبنا الله أوصياء على غيرنا من عباده؟ لماذا لا نترك الآخرين وشأنهم ونركز نحن على مناسكنا وعبادتنا والارتقاء بأنفسنا بصور إيجابية؟ لماذا يصر البعض على أن واجب المسلم هو البر بأخيه المسلم دون سواه من خلق الله؟ أيعني ذلك أنني لو كنت طبيبا وأتاني غير المسلم قدمت له نوعا من الرعاية الطبية يقل عما أقدمه لأخي المسلم؟ هل يعني ذلك أنه لو أصيب بلد ما بكارثة تتطلب المعونة ألا أقدمها إلا إذا كان ذلك البلد إسلاميا؟ ذلك هو ما يردده بعض السفهاء من جهلة "علماء الدين" من سوء الفهم وفحش التفسير، فيقدمون للناس وللغرب صورة مشوهة غير حقيقية لدين سمح يدعو إلى البر والخير والتراحم بين الناس جميعا، ولولا حقيقة رسالته السامية لما انتشر وجاب الآفاق عبر القرون والأجيال.

أما عن صورة الرضيع لابس الحزام الناسف فحدث ولا حرج. لقد طفحت كل وسائل الإعلام اليهودية الأمريكية ما شاءت من ادعاءات بشأنها. أما الإندبندنت Independent البريطانية فقد نقلت التالي عن مراسلها في تل أبيب بتاريخ 29/6/2002:

(صورة الرضيع الفلسطيني في رداء المتفجر الانتحاري بعينيه الواسعتين المثيرتين للشفقة وشكله البريء يرتدي حزامين صغيرين للذخيرة والنسف وعلى رأسه وشاح صغير عليه شعارات حماس، سوف تصبح هذه الصورة رمزا للانتفاضة الفلسطينية مثلما صارت التغطية التلفازية للحظات الأخيرة للصبي الفلسطيني محمد الدرة الذي كان يبلغ من العمر12 عاما وهو ملتصق بوالده وسط وابل من الرصاص في بداية الصراع في عام 2000.
اشمأز العالم من جديد يوم أمس بتلك اللقطة العائلية على صفحات الجرائد وشاشات التلفاز والتي أصبحت من القبح بحيث ستعرف إلى الأبد بصورة "الرضيع الانتحاري". الشك في صحة أمر الصورة في غير محله. لقد صدرت عن العسكريين الإسرائيليين والفلسطينيين دعايات مزيفة في هذا الصراع مثل كل المجتمعات في أوقات الحروب، لكن أهل الطفل في مدينة الخليل بالضفة الغربية لم يعترضوا على صحة الصورة.
رفض معظم الأقارب الحديث مع المراسلين لكن عما للطفل لم يذكر اسمه قال أن صورة الرضيع ذو العام الواحد قد التقطت على سبيل الفكاهة منذ ستة أشهر في حفل حضره بعض الطلبة. قالت القوات المسلحة الإسرائيلية أنهم وجدوا الصورة في ألبوم صور عائلي خلال هجوم لهم على بيت في الخليل لأحد مسلحي حماس المطلوب اعتقالهم والذي ما زال طليقا.
انقضت الحكومة الإسرائيلية على الصورة كدليل على أن الفلسطينيين يغسلون أدمغة صغارهم. كانت الحكومة تحاول منذ أمد بعيد أن تقنع العالم الخارجي بأن سبب قيام الانتحاريين الفلسطينيين بقتل المدنيين الإسرائيليين ليس بالدرجة الأولى بسبب الأعمال الإسرائيلية من الاحتلال وبناء المستوطنات وحظر التجول والاغتيالات وقتل مئات المدنيين وتدمير المزارع والممتلكات وإنما السبب هو الأساليب المتطرفة للمليشيات الفلسطينية من غسيل شرير للأدمغة.
وقد أوضح دور جولد Dore Gold المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية كل تلك النوايا بالأمس فقال أن الصورة جزء من "سياسة متعمدة للإثارة .. تتطلب غسيل أدمغة شعب بأكمله. وهذا يؤدي إلى كره هائل وخلق أجيال جديدة من الإرهابيين على طريق المستقبل."
ربما كانت هناك علاقة بين قتل القوات الإسرائيلية خلال أسبوع لستة من صغار الفلسطينيين - بعضهم في السادسة فقط  وبين توقيت الإعلان عن صورة الرضيع الانتحاري.
تم إطلاق الصورة وأسهم إسرائيل عالية، حيث كان الجناح اليميني بحكومة أريل شارون يهنئ نفسه على خطبة الرئيس جورج بوش الخاصة بسياسة الشرق الأوسط والتي وضعت شروطا مسبقة على الدولة الفلسطينية يصعب تحقيقها، مما يسمح لإسرائيل بتعطيل العملية إلى أجل غير مسمى.
لقد سمح الاشمئزاز العالمي من العمليات الفلسطينية الانتحارية الأخيرة لإسرائيل بأن تقوم هذا الأسبوع بإعادة احتلال معظم الضفة الغربية دون انتقاد عالمي يذكر.
بعد أن نجحت إسرائيل في إعادة احتلال الأراضي التي سلمتها للفلسطينيين طبقا لاتفاقيات أوسلو- وبعد أن كسبت تعاطف البيت الأبيض - تحولت إسرائيل نحو هدفها الثاني وهو وكالة الإغاثة الدولية UNRWA التابعة للأمم المتحدة والتي تساعد اللاجئين الفلسطينيين. شنت عليها حملة دعائية في أمريكا - التي تدفع ثلث تمويل الوكالة - بهدف تقويضها لأنها لم تجتث "الإرهاب" من مخيمات اللاجئين.
كان كل ذلك سببا في إشعال جذوة الإحباط بين الفلسطينيين. لا ينكر الكثيرون منهم إعجابهم بالانتحاريين ولا يبدون اعتذارا عن صور الصغار العرب في زيهم العسكري يحملون لعبا من الكلاشنيكوف ويلفون رؤوسهم بأوشحة حماس. لم يعد يهمهم ما يراه الغرب.)

وصل التبجح الإسرائيلي حده الأقصى بسبب الميوعة العربية . اصبح احتلال المدن الفلسطينية أمرا عاديا. وأصبح من حق الإسرائيليين التدخل في كل شئون الفلسطينيين فيغيرون على بيوتهم ويفتشون أوراقهم الخاصة وألبومات الصور العائلية. غدا يقولون لنا أنهم اكتشفوا أن نساء فلسطين يفضلون ارتداء حمالات الصدور السوداء، مثلما يفضل اليهود وضع أنصافها فوق رؤوسهم.
أما صورة الطفل الرضيع المسلح فقد أفقدوها معناها تماما.. يا بني شيلوك .. يا أيها الأغبياء .. إن الصورة رمزية وتعني أن الفلسطينيين يعدون صغارهم قبل كبارهم للخلاص منكم وأن مرور الزمن لن يمحو أثر جريمتكم، فالرضيع يستعد منذ نعومة أظفاره لاسترداد أرض أجداده. قولوا ما شئتم وشوهوا القضية كما يحلو لكم، لكن فلسطين تظل فلسطين ولن تكون أبدا إسرائيل مهما تصايحتم في خبث ومسكنة بأن العرب يودون إلقاءكم في البحر، فإننا نرد: نعم تلك هي أقصى تمنياتنا لكم يا لصوص الأوطان يا أعداء البشرية.
نشرت هاآريتز من الكيان الصهيوني في 2/7/2002 خبرا لمراسلها آموس هاريل Amos Harel بعنوان "شين بيت تحبط محاولات جديدة من حزب الله لاختطاف المزيد من الإسرائيليين":

(أحبطت قوات الأمن "شين بيت" مؤخرا محاولات من حزب الله لإغراء مدنيين إسرائيليين بالسفر للخارج أو إلى الحدود الشمالية بغرض اختطافهم.
قام العربي الإسرائيلي قيس عبيد من طايبه - الذي هاجر إلى لبنان منذ بضعة سنوات  بعمل اتصالات مع عدد من المدنيين الإسرائيليين نيابة عن المنظمة الشيعية المسلحة، مقدما عددا من العروض التجارية المختلفة لدفعهم إلى السفر إلى أوربا أو الحدود الشمالية لكي يتم اختطافهم.
تم لجهاز الأمن إحباط تلك المحاولات. وهي شبيهة بتلك التي استخدمها حزب الله لاختطاف الكولونيل "الحنان تانيبوم" من قوات احتياط جيش الدفاع الإسرائيلي في أكتوبر 2002.
قام الرئيس السوري بشار الأسد بتكرار تأييده لحزب الله والمنظمات الفلسطينية العاملة في دمشق. قال الأسد في مقابلة نشرتها جريدة اللواء اللبنانية يوم الإثنين أن "سوريا تؤيد النضال الفلسطيني وتعمق تأييدها السياسي لحزب الله لأن المنظمة ليست في حاجة إلى المساعدة العسكرية.")

الهدف من ترجمة الخبر هو ملاحظة نشاط حزب الله الذي يكمن في الوقت المناسب ويتحرك في الوقت المناسب أيضا لكي يوجه للكيان الصهيوني ضربات موجعة تجعل من استمرار بقائه في مكان ما عملية مؤلمة. لقد رحل اليهود عن الجنوب اللبناني وبقوا متربصين قلقين في مزارع شبعا. وحينما يملون من البقاء المحفوف بالأخطار ويرحلون عن مزارع شبعا فإن حزب الله سوف يستمر في قض مضاجعهم في شمال إسرائيل، ثم يتجه جنوبا بعد ذلك متتبعا لصوص الأرض وسارقي الأوطان. استمرار الحياة المدنية الآمنة يتطلب السلام، ولا سلام مع اللصوص مهما ظنوا من قوتهم. 
     
(27)
التاريخ في سلسلة مقالات
من أقوال الصحف العالمية

ترجمة وعرض: محمد عبد اللطيف حجازي

mehegazi@yahoo.comتاريخ المقال: 12/07/2002

نشرت التايمز
Times اللندنية في 5/7/2002 مقالا لمراسلها جستن ماروتسي Justin Marozzi بعنوان "وجه مصر المعتدل يخفي طغيانها" تصدرته العبارة الرئيسية: "تم إعطاء قوات الأمن الحرية التامة لقهر نشاط الإسلاميين". إليك الترجمة الكاملة للمقال:

(انفجرت دموع نجوى أحمد وهي تحكي كيف أن خمسة من ضباط الشرطة اقتحموا بابها في الثانية صباحا ليرفسوا ابنها عصام ذو السابعة عشر من فوق فراشه ويجروه إلى مركز الشرطة لاستجوابه.
انتحبت الأم التي تبلغ من العمر 62 عاما ولها ستة من الأبناء وهي تقول "لقد أخذوا ابني وأودعوه السجن بصفة غير قانونية حتى الآن، ولم يقدموه لأي محاكمة."
كان ذلك منذ عشرة أعوام وما زال عصام سجينا كواحد من أقدم ضحايا النظام المصري العجيب لمحاربة الإرهاب دون تمييز. ربما انتهى الانقضاض البربري المباشر على المتشددين الإسلاميين لكن القبض والتعذيب المتعسف ما زال مستمرا بينما تحكم أجهزة المخابرات قبضتها. تبدو البلاد الآن هادئة لكن الكثيرين متخوفون من أن القهر سوف يشعل من جديد جذوة تلك النار الخامدة لمظالم الملايين التي حرمت من حقوق المواطنة.
ليست نجوى أحمد هي الأم الوحيدة التي حرمت من ابنها بمدينة المنيا التي تقع على ضفاف النيل بمصر العليا على بعد 150 ميل جنوب القاهرة. هناك آلاف غيرها من الأمهات حيث أن مدينة المنيا التي عرفت باسم "المدينة المبتسمة" كانت مركزا للنشطاء الإسلاميين خلال معظم سنوات العقد الماضي.
تقول السيدة نجوى أن حالة ابنها كانت من حالات التباس الشخصية، فقد حدث بعد أربع سنوات من القبض على عصام أن قوات الأمن قد قتلت إرهابيا يحمل نفس الاسم. قالت السيدة نجوى باكية "أنا غاضبة لأن الحكومة اكتشفت خطأها ولكنها لم تطلق سراح ابني طوال ست سنوات لاحقة. يقولون أنه قد تعرض لأفكار المتشددين من أنصار العنف في السجن وأنهم يخشون من أنه سينضم للجهاد. أنا لا أريد سوى استعادة ابني."
يقدر مركز الحقوق الإنسانية لمساعدة المسجونين عدد المشتبه فيهم الذين تم القبض عليهم وتعذيبهم بصورة تلقائية منظمة بخوالي 22 ألفا في الفترة من 1989 إلى 1997. ما زال الكثيرون منهم بالسجن. وقصتهم أمر لا تود الحكومة المصرية أن يسمعها العالم وسط حملتها العالمية البراقة لتنشيط السياحة. هذا هو الوجه الحقيقي لدولة "معتدلة". وبينما يخطط الرئيس بوش وتوني بلير لخطواتهما التالية في حرب الغرب على الإرهاب يعلن نظام الرئيس مبارك النصر في حربه الخاصة على الإسلاميين. تمت هزيمة جماعتي أنصار العنف المصريتين الرئيسيتين وهما الجماعات الإسلامية والجهاد الإسلامي وقد أعلن كلاهما نبذهما للعنف.
ورغم أن الهجمات الإرهابية قد توقفت بمصر منذ مذبحة الأقصر في 1997 إلا أن خوف الحكومة من تجدد العنف يجعلها تعطي قواتها مطلق الحرية لإرهاب المواطنين المحليين.
عيون الحكومة المتجسسة في كل مكان. عندما وصلت المنيا مع مترجمي في منتصف الليل أسرعنا في الظلام بجوار قضبان القطار وخرجنا من المحطة عبر فتحة في الجدار. الشرطة السياحية تحرس كل الفنادق 24 ساعة يوميا. واجب تلك الشرطة السياحية هو ألا تغيب عن ناظرها، وليس إرشادك إلى المساجد أو المعابد أو الكنائس. يوجد في المنيا عدد كبير من المسيحيين. تسللنا فجر اليوم التالي عبر الضابط الذي غلبه النعاس في بهو الفندق وجرينا في الشارع ثم التقطنا سيارة أجرة لكي نقابل الرجل الذي يقود الحرب ضد انقضاض الحكومة على الحريات المدنية.
عامر إسماعيل عضو سابق بالجماعات الإسلامية وهو محام للحقوق الإنسانية ومدير المكتب العربي للقانون وخدمة المسجونين. لقد عانى بنفسه من الحملة الحكومية حيث تم احتجازه كل عام خلال الفترة 1987 1990 والفترة 1994-1996. على مكتبه صورة للشيخ حسن نصرالله رئيس حزب الله، وعلى الجدران صور للأطفال الفلسطينيين الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية. هناك أيضا صورة لقبضة تنسف نجمة داود وتحتها الشعار "النصر قريب". يستقبل السيد إسماعيل - بمكتبه الصغير ذو الغرفتين الواقع في أفقر أحياء المنيا نهرا متدفقا من الزوار الذين تم احتجاز أفراد من عائلاتهم بصورة غير قانونية فعذبوا وسجنوا، بل إن بعضهم ضرب حتى الموت وهم في ذمة الحكومة وتحت إشرافها، ثم ألقيت جثثهم بالشوارع أو دفنت سرا.
قال السيد إسماعيل "هذا أمر طبيعي هنا. نحن نتقدم بشكاوى للمحاكم التي قد تأمر بالإفراج عن المسجون، لكن وزير الداخلية يعترض على القرار ليبقى المسجون محتجزا. غالبا ما يمتنع الناس عن التقدم بشكاواهم للمحاكم لأنهم يعرفون ما يمكن أن يحدث لهم." يقول أن السجن ينظم "حفل وداع" للمحتجز حيث يتم ضربه قبل ترحيله إلى سجن آخر ليجد في استقباله "لجنة ترحيب" تقوم بضربه مرة أخرى، وإذا ما كان صوت أحد من الأقرباء عاليا بالشكوى فإنه غالبا ما يتم احتجازه أو احتجازها.
تهون الحكومة من شأن هذه القصص فيقول نبيل عثمان رئيس خدمة الدولة للاستعلامات "ماذا تتوقع من مثل تلك العناصر؟ لا تنتظر من هؤلاء الناس سوى الاتهامات." ويقول أن أيا من الضباط الذين ثبت أنهم يعذبون المسجونين قد تم التعامل معهم طبقا للقانون، وهو ادعاء ترفضه بشدة كل جماعات حقوق الإنسان والمحامين الذين يمثلون عائلات المحتجزين.
يخشى معظم أهل المنيا الحديث مع الصحفيين الأجانب خوفا من المخابرات، وليس من الصعب معرفة سبب ذلك. يخشى الكثيرون أن هذا النمط من العنف الإسلامي الذي يتبعه انقضاض الدولة لن يتغير إلا إذا انفتح نظام مبارك السلطوي وتحمل المعارضة الحقيقية. لا أحد يتوقع حدوث ذلك قريبا.)

هذه هي نظرة صحفي أجنبي لا يعلم الكثير عن طبيعة الأوضاع العجيبة بالكثير من الدول العربية القمعية. فهو لا يعلم مهما رسم خياله من صور أن دنيا العرب اليوم أشبه بحديقة كبرى للحيوان تمتد من المحيط إلى الخليج، فيها الأسد والفهد والحمار. كان لدى الأسد شبل صغير رباه ليكون أسدا آخر يحمي العرين وقد كان. وأما الحمار فإن لديه جحش قد أتم تدريبه لكي يتربع على رئاسة الإسطبل. كان الحمار يصطحب جحشه الصغير في كل تجواله وترحاله، وكان الجحش الصغير يحضر كل اجتماعات الحيوانات الأليفة بصفته ابنا للحمار. الخطة بسيطة وواضحة، فالحمار قد كبر وأصبح غير قادر على الرفس بعد أن صار حمارا هرما يكاد المرض يودي به ويسافر للعلاج بأمريكا من آن لآخر. ربما تم الأمر في تمثيلية هزلية ينقلب فيها الجحش على الحمار متهما إياه بالدكتاتورية والرغبة في البقاء الأبدي، ثم تتم إزاحة الحمار العجوز بمباركة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي استثمرت الجهد والمال في تدريب الجحش الصغير بحديقة الحيوان الأمريكية. ما لم يوضع في الحسبان هو أننا بعد سقوط الأقنعة قد نرفض أن تستمر فصيلة الأتان في التحكم في رقابنا، سواء كان أبناؤها من العسكريين أو المدنيين، فكلهم لصوص وأذناب تابعين لا يرجى لهم صلاح. إننا إذ نتطلع صابرين إلى نهاية الحمار العجوز فإننا نحن البشر نتطلع أيضا إلى عهد جديد نتخلص فيه من تحكم الحيوان في مصيرنا.
نشرت واشنطون بوست Washington Post بتاريخ 8/7/2002 تقريرا لمراسلها بالقاهرة هوارد شنيدر Howard Schneider تحت عنوان "الروابط بين أمريكا والعالم العربي قد ضعفت". أعطي التقرير أرقاما تدل على أن المقاطعة العربية لأمريكا قد بدأ ظهور مفعولها، وإن كان التقرير نفسه قد حاول التهوين من شأن هذا المفعول. يبدأ التقرير بوصف انصراف الطلبة المصريين بنسبة 50% عن الالتحاق بالجامعات الأمريكية طبقا لإحصائيات السفارة الأمريكية بالقاهرة، ثم يشرح انصراف السعوديين عن السياحة بأمريكا وكيف أن رحلة الطيران السعودي الأسبوعية من جده إلى أورلاندو قد ألغيت لعدم توافر الركاب. يقول التقرير أيضا أن التجارة بين أمريكا والدول العربية قد انخفضت بنسبة 25% عنها في العام الماضي. يمضي التقرير إلى القول:

 
( كلفت المقاطعة شركات المشروبات الغازية ومحلات الوجبات السريعة 40% أو أكثر من تجارتها بالعالم العربي وتسببت في مشاكل لشركات مثل بروكتر آند جامبل Procter & Gamble فيما يتعلق بالأسماء التجارية لمنتجاتها، فقد خسرت تلك الشركة 60% من مبيعاتها من المنظف "آريل" بسبب اسمه التجاري. هذا المنظف الأوربي الأصل يتم الآن تصنيعه في مصر عن طريق شراكة محلية محدودة، وقد اقترن اسمه في أذهان المستهلكين المصريين باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي آريل شارون فتوقفوا عن شرائه. قالت لولا "زكلمة "Loula Zaklama" رئيسة شركة التسويق "أبحاث رادا Rada Research" التي تستشيرها شركة بروكتر آند جامبل "الموقف بسبيل الهدوء .. لكن خسائر المبيعات تصل إلى 20-30%".)

يمضي التقرير إلى القول بأن كلا من الأمير نايف وزير الداخلية السعودي والرئيس المصري حسني مبارك يحثان على وقف المقاطعة بحجة أنها تضعف الاقتصاد المحلي ولا تؤثر على السياسة الأمريكية. ويقول التقرير أن الأردن تذهب إلى أبعد من ذلك بمنع اتحادات العمال والجماعات الإسلامية من الدعوة للمقاطعة بحجة أنها تؤثر على اقتصاد البلاد و"تضر بالأمن القومي". لا يفوتك طبعا يا سيدي القارئ أن هذه الادعاءات المتخاذلة لغو فارغ وإفلاس سياسي بل وعمالة مكشوفة لا تنطلي على أحد. يتابع التقرير قوله:

(ما زالت المقاطعة قائمة رغم ذلك وإن كان أثرها قد انحسر. قامت شركتي كوك وبيبسي بشن حملة تسويق مرتبطة بكأس العالم لكي تستعيد نصيبها من السوق، إلا أن أثر المقاطعة ما زال محدودا.
أما في البحرين فقد قام صاحب سلسلة سوبرماركت "منتزه Montaza" في شهر مارس بسحب كافة البضائع الأمريكية من على الأرفف. قال أحد الدبلوماسيين الغربيين أن مبيعات ماكدونالد ما زالت منخفضة بنسبة 40% وأن هناك أيضا خسائر في مبيعات السيارات الأمريكية وأجهزة الكمبيوتر وغيرها من الأجهزة المعمرة.)
(تبذل الجهود الآن لمقاومة الضرر حيث ازدادت جهود وزارة الدولة (لأمريكية) فيما أسمته "الدبلوماسية الجماهيرية" لتحسين صورة أمريكا في العالم العربي. تشمل تلك الجهود إطلاق محطة راديو جديدة للموسيقى الشعبية تبث باللغة العربية.
قام وكلاء السياحة السعوديين بالاشتراك مع السفارة الأمريكية بالرياض بإطلاق موقع جديد على الشبكة الدولية (الإنترنيت) تحت اسم "اذهب إلى الولايات المتحدة Go-2-USA" بهدف إعادة بناء تجارتهم عبر الأطلنطي. وقامت الشركات بطول المنطقة وعرضها بمقاومة المقاطعة بأسلوب مكشوف يؤكد على حماية المستثمرين والعمال المحليين وينأى بنفسه عن أمريكا، بينما قام البعض بالتبرع بجزء من عائد المبيعات لمنظمات الإغاثة الفلسطينية.)

يمضي التقرير إلى سرد قول شخص يدعى ناصف ساويرس Nassef Sawiris - الذي يرأس شركة إنشاءات مصرية تسمى أوراسكوم Orascom - بأن انخفاض أعداد الطلبة المصريين بالجامعات الأمريكية يشكل كارثة لأنهم على حد قوله سفراء لأمريكا بمصر. ونحن لا ندري بالضبط جدوى أمركة شبابنا وكيف أن العكس يشكل كارثة. الكارثة الحقيقية هي تلك الانهزامية والاستسلام للنفوذ الأمريكي ومساعدته على بسط هيمنته الكاملة على بلادنا.
إن استمرار الحملة الشعبية على السلع والخدمات الأمريكية أمر حيوي لبقائنا نحن العرب، فقد أعلنت أمريكا بوضوح تام على لسان رئيسها الأحمق أنها عدونا رقم واحد وأنها تعمل كل جهدها للإبقاء على الكيان الصهيوني شوكة في حلوقنا وعاملا أساسيا لتدميرنا. وواجبنا الأول اليوم هو تطهير صفوفنا من العملاء الذين يحاولون بث التخاذل والتبعية بمختلف الحجج والأعذار. أما السوبر ماركت البحريني الذي سحب البضائع الأمريكية من على الأرفف فإنه يقدم مثالا وطنيا يجب أن يحتذى ويستحق منا وقفة احترام وإعزاز. كلنا يجب أن يضحي بقدر طاقته وأن نتكاتف جميعا لمقاومة أمريكا وحكوماتنا العميلة. لاشك أن امتناع التجار عن تداول السلع الأمريكية أشد مفعولا من أن نطلب ذلك من المستهلكين الذين قد يكون معظمهم غير واع لأثر امتناعه عن الشراء، خاصة وأن نسب الأمية وعدم الدراية السياسية عالية جدا في معظم الدول العربية ذات الكثافة السكانية العالية.
نشرت الجارديان البريطانية The Guardian في 9/7/2002 مقالا بقلم ماثيو إنجل Matthew Engel تحت عنوان "العصيان العراقي"، يسخر فيه من تهديدات جورج بوش الابن بغزو العراق. أهمية المقال تكمن في ملاحظة أن قرع الطبول يتم بصورة أساسية في الجرائد اليهودية الأمريكية بمناسبة أو بدون مناسبة. بالإضافة إلى ما أورده إنجل في مقاله فإن الملاحظ أن وسائل الإعلام اليهودية المرئية تردد نفس الكلام عن ضرورة وحتمية ضرب العراق وأن الأمر لا ينقصه سوى توقيت الضربة وكيف أن الولايات المتحدة يمكنها أن تقوم بذلك بمفردها لأنها أدرى بمحاور الشر ومخازن أسلحة الدمار الشامل. أما مالا تذكره الأبواق اليهودية فهو استمرار محاولات أمريكا الصهيونية تعيين وتثبيت عملائها من قادة الدول بهذا العالم الذي تحاول السيطرة عليه وتنجح في ذلك في معظم الأحيان. يقول إنجل:

( عادت العراق مرة أخرى إلى الأخبار فقد نشرت النيويورك تايمز يوم الجمعة الماضي قصة تهدف إلى إيضاح أسلوب تخطيط الأمريكيين لإدارة غزوهم. ربما لا يكون ذلك أعظم كشف صحفي للجريدة، إذا وضعنا في الاعتبار أن المخطط تم وضعه منذ شهور وأنه لم يحظ بفحص من أحد من العسكريين أو وزير الدفاع أو الرئيس، ناهيك عن قرابة ثمان دول تحيط بالعراق وتعد ضرورية للمخطط.
أنا لا أستنكر الخطة ذاتها والتي يبدو أنها مطابقة لما يمكن أن أرسمه على ظهر علبة سجائر صغيرة إذا ما أعطيت دقيقتين أو ثلاث للتخطيط الاستراتيجي. ربما يوافق كلوزفيتز نفسه (كارل فون كلوزفيتز Carl Von Clausewitz 1780 1831 هو أهم خبراء الاستراتيجية العسكرية في القرن التاسع عشر)على أن شن الهجوم على العراق من دول بالمنطقة يكون أفضل من الهجوم عليها من دولة مثل بوليفيا. يمكنك للأسف القول بأن هذه القصة نبوءة تكذب نفسها، لأن القيام بأي هجوم تم الإعلان عن تفاصيله في النيويورك تايمز يكون فعلا خدعة مزدوجة جريئة.
لذلك فإننا سنحذف هذا الخيار، ولنحاول بحث الاحتمالات الحقيقية لتطور الأمور. ما حدث خلال الأشهر القليلة الماضية هو أن الرئيس بوش قد نجح في تجميع تحالف بهذا الشأن يمكن مقارنته بالتحالف الذي جمعه أبوه بعد غزو الكويت منذ دستة من الأعوام، مع الفارق وهو أن هذا التحالف – لسوء حظ بوش الصغير – يصطف ضده. كانت هناك قصة أخرى بالصحافة الأمريكية منذ أسبوعين، لكن تلك القصة كانت في جريدة يو إس إيه توداي USA Today (جريدة أقل شأنا بكثير من النيويورك تايمز) التي لا يحفل الخاصة بها كثيرا ولذلك فإنها لم تلحظ. أوردت القصة آراء عدد من أعضاء الكونجرس. ليسوا من الفتية الخرقاء القدامى وإنما من القيادات الحزبية ومعظمهم من الجمهوريين، والذين يكون الحصول على تأييدهم ضروريا لتوفير الإمكانية السياسية لأي من خطط البنتاجون. كان رد فعلهم لفكرة غزو العراق فاترا لدرجة العصيان.
قال هنري هايد Henry Hyde رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب "قبل أن توجه الضربة الأولى لخصمك، يجب أن تعرف أولا إذا ما كان ينوي ضربك"، وقال دنيس هاسترت Dennis Hastert رئيس المجلس "يجب أن تكون إسرائيل بؤرة اهتمامنا"، وقال ترنت لوط Trent Lottرئيس الجمهوريين بمجلس الشيوخ "إن قوات الولايات المتحدة منتشرة الآن بالفعل لأقصى الحدود" . كل الجمهوريين معترضين. حدثت منذ يومين فقط على شاشةCNN نوبة أخرى من التشكك من كبار الديمقراطيين، ومن تشك هاجل Chuck Hagel هو أحد الجمهوريين من خبراء الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ، تحظى خبرته باحترام شديد وقد قال "نحن في حاجة إلى صداقات ولا يمكن لنا أن نلاحق صدام حسين اعتباطا".
تكاد لا توجد دولة واحدة على سطح الكرة الأرضية يمكن أن يعتمد عليها الرئيس (الأمريكي) لكي تؤيد غزوا للعراق. حتى الإسرائيليين من الجائز أن يكون لديهم اعتراض ما، رغم أنهم متحفزون دائما لشيء من الضرب الموجع بقيادة آريل شارون "رجل السلام" على حد قول جي بوش. هناك أيضا بالتأكيد دلائل آتية من تركيا والكويت تشير إلى بعض الغثيان، ناهيك عن بريطانيا، وكلها دول تفترض واشنطون أنها في الطليعة. وهناك أيضا العسكريين الأمريكيين أنفسهم. إنهم مستعدون للعض على نواجذهم والقيام بواجبهم لكنهم أيضا مثل أعضاء مجلس الشيوخ في غاية القلق تشغلهم أمور زيادة العبء المفرطة والحروب غير الضرورية والاستراتيجية القابلة للتطبيق. يقال أن هيئة الأركان منقسمة على نفسها.
لكن الرئيس (الأمريكي) عليه التزامات خطابية من الصعب تجنبها. لو ظل صدام في الحكم حتى عام 2004 فإن بوش سيبدو كالأبله بعد أن تفوه بالكثير. لعله يأمل أن المخابرات المركزية الأمريكية أو المعارضة العراقية قد تجد وسيلة تطيح بصدام في هدوء. ولكن المرء لا يقامر بحياته السياسية في رهان على أي من هاتين المجموعتين.
العجيب أن سياسة بوش تجاه العراق تعمل بنجاح، إذ لم نسمع صوتا لصدام منذ 11 سبتمبر. فرغم أنه قد رفض سياسة الاحتواء على وجه التحديد، إلا أنه قام بالفعل باتباع سياسة احتواء نجحت بصورة واضحة. لكنه تكلم كثيرا بحيث أصبح من الصعب الاستمرار على نفس الوتيرة وأصبح لزاما عليه أن يفعل شيئا، وهذا هو الطريق الذي سيؤدي في أغلب الأمر إلى تأكيد قيام صدام باللعب بآخر الأوراق في جعبته والتي قد تكون الصواريخ أو الكيماويات أو الجدري أو أي شيء من هذا القبيل.
دعني أعطيك أسماء ذوي الآراء التي قد تبلغ أهميتها درجة الفيتو إذا ما وصل الأمر مرحلة اتخاذ القرار بالغزو من عدمه. أول هؤلاء هو توني بلير الذي تعول الولايات المتحدة على إذعانه إن لم يكن دعمه. أما الثاني فهو كارل روف Karl Rove المستشار السياسي لبوش. أما الثالث فهو والد جورج دبليو أي الرئيس بوش الأول. الرابع والخامس هما سكرتير الدولة كولن باول Colin Powell ونائبه ريتشارد آرميتاج Richard Armitage وكلاهما من الجنود الحقيقيين، على العكس من محاربي الكراسي الوثيرة الذين يديرون وزارة الدفاع "البنتاجون". عندما يكون الأمر متعلقا بالدبلوماسية تخطوهما مرارا، على النقيض من ذلك إذا ما جاء وقت الجد فإن الجنرال (باول) قد يصبح فجأة الرجل الذي تهم استشارته عن أي سواه.)

(28)
التاريخ في سلسلة مقالات
من أقوال الصحف العالمية

ترجمة وعرض: محمد عبد اللطيف حجازي

mehegazi@yahoo.comتاريخ المقال: 19/07/2002

هناك كلمات أو تعبيرات تسبب المتاعب لصفوة المترجمين مهما بلغت كفاءتهم وقدراتهم اللغوية. ومن بين تلك التعبيرات التعبير الإنجليزي rogue state الذي صكته الصهيونية الأمريكية وأترجمه أحيانا بالتعبير العربي "الدول الخسيسة" أو "الدول المنحطة"، وأنا أعلم تماما أن الترجمة قاصرة ولا تعبر عن المعنى الإنجليزي تماما، ولعل السبب في ذلك هو أن الكلمة الإنجليزية rogue لا تطلق على الدول وإنما تطلق على الأفراد والمقصود بها هو ذلك الأفاق الذي قد يبدو أنيسا بشوشا في مظهره لكنه في مخبره مخادع لا وازع لديه من خلق أو ضمير ويمكن له أن يكذب أو أن يسرق دون أن يكون لما يفعله أثر على نومه أو صحته النفسية. ومن الكلمات الأخرى المتعبة كلمة militant وهي صفة لإنسان ثائر أو عاص أو معارض دفاعا عن قضية يؤمن بها إلى درجة أنه ربما يحمل السلاح في سبيل قضيته. إذا قلت بالعربية أنه "متشدد" فإن ذلك قد يعني التشدد في الرأي فقط وليس بالضرورة حمل السلاح، وإذا قلت أنه "مسلح" فإنه قد لا يكون حاملا للسلاح وربما لم يحمل سلاحا في حياته قط، وإذا قلت أنه "مناوئ للنظام" فإن ذلك لا يشير إلى مدى قوة استعداده للثورة والمقاومة. وإذا قلت أنه "ثائر" فإنه قد يكون في حالة تحفز وكمون دون أن يكون ثائرا بالفعل، وإذا قلت أنه "معارض" فإن ذلك لا يصور حدة تلك المعارضة.
على أي حال مشكلتي في هذا الشأن أقل كثيرا من غيري لأنني أنتمي إلى مدرسة للترجمة تهتم بروح النص محل الترجمة والمقصود من الكلمات دون تقيد بحرفية الألفاظ، وهي مدرسة أغراني بالانتماء إليها أستاذي المرحوم محمد مهدي علام الذي نهلت من فضله وعلمه وتعلمت الكثير من أصول فن الترجمة على يديه بمدرسة الألسن العليا بالقاهرة. كان رحمه الله وطيب ثراه موسوعة أدبية وحجة لغوية تسير على قدمين. كان يقول أن الترجمة فن وملكة مثل الرسم بالزيت، فقد يقضي الإنسان عمره حاملا للفرشاة بمدارس الفنون دون أن يصبح رساما، وقد يقضي عمره دارسا لغة أجنبية دون أن يصبح مترجما، إن لم تكن لديه تلك الحاسة الفنية. وكما أن سوق الكتابة اليوم مليء بالكتاب والصحفيين الذين لا يجيدون العربية فإن سوق الترجمة أيضا مليء بمن يفتقد تلك الحاسة اللغوية ولا يجيد الترجمة، لكنه محسوب في عداد المترجمين. 

كانت هناك فئة أخرى في الزمن الغابر قد تكون أسوأ من أشباه المترجمين وهي فئة "المراجعين". أذكر أنني قدمت للتليفزيون المصري في حماس صباي في منتصف الستينيات ترجمة جيدة لمسرحية من فصل واحد للكاتب "وليام سارويان" بعنوان "قلبي هناك فوق الهضاب" تحكي عن حنين المهاجر إلى أرض صباه ومرتع طفولته. وعندما استفسرت عن مصير المسرحية بعد أشهر ناولتني إياها صبية قد تكون إحدى خريجات قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب وقد خطت فوقها عبارة "الترجمة غير مطابقة للنص" وزركشتها بتوقيعها. أخذت ترجمتي وانصرفت دون أن أتهمها بالجهل بأصول الترجمة الأدبية أو أن أدعي أن الله قد حرمها من حاسة التذوق الفني.

بعد أن أتعبتك معي يا سيدي القارئ بتلك المقدمة المطولة، أدخل في صلب حلقة هذا الأسبوع بمقال هام للكاتب جون بلجر John Pilger الذي لا بد من التعريف السريع به قبل ترجمة مقاله لأنه يقع في نفس تلك الفئة من اليهود التي تضم نعوم تشومسكي وروبرت فسك من حيث درجة الوعي السياسي والاجتماعي والعمق الإنساني في الكتابة إلى جانب الجرأة والشجاعة وكيف أن هؤلاء الكتاب العظام لا يهمهم في قول الحق لومة لائم. يتمتع بلجر بميزة إضافية عن غيره وهو أن يهوديته لا تغلب عليه في أي موقف، وهي مسحة لا تلمسها أحيانا في كتابات تشومسكي أو فسك. وهو محدث هادئ ولبق يفرض احترام كل من استضافه في مقابلاته بالبرامج التلفازية الأسترالية والبريطانية.
ولد بلجر وتلقى تعليمه بمدينة سيدني الأسترالية لكنه استقر في لندن كقاعدة صحفية. جاب الآفاق مراسلا حربيا وكتب للمسرح وعمل بالإذاعة والتلفاز وحاز على الكثير من جوائز التميز بوسائل الإعلام. يعد كتابه "الأهداف الخفية Hidden Agendas " من أبرز أعماله حيث يصف صناعة السلاح في بريطانيا والنصر المزيف لآلة الحرب الأمريكية في الخليج ويكشف مدى زيف وتضليل وسائل الإعلام في "عصر المعلومات" الذي نعيشه.

آخر أعمال بلجر هو البرنامج الوثائقي رقم 50 له وهو بعنوان " التمييز العنصري لم يمت". نصيحتي للفضائيات العربية (المخلصة إن وجدت) هي أن تسرع بشراء ودبلجة أعمال بلجر الوثائقية التلفازية لأنها عميقة وجريئة وتجرد لغة الإعلام من الزيف والتلفيق وبتر الحقائق عن منطقتنا العربية وغيرها من أجزاء العالم التي أشاعت الصهيونية الأمريكية الموت والدمار بين ربوعها. قالوا عن دقة وصف بلجر وصدقه أنه كالمصور الصحفي لكنه يستخدم الكلمات بدلا من الصور.
مقال بلجر الذي اخترته للترجمة كاملا في هذه الحلقة نشرته الديلي ميرور Daily Mirror اللندنية في 4/7/2002، وهو يوم عيد الاستقلال الأمريكي حيث وضعت الجريدة على صفحتها الأولى صورة ضخمة لجورج بوش واقفا أمام مجموعة من الأعلام الأمريكية وعليها عنوان مقال بلجر "احزن في الرابع من يولية Mourn on the Fourth of July". وكلمة احزن أو "اندب" الإنجليزية Mourn على وزن كلمة Born المستعملة في التعبير الأمريكي الشائع Born on the Fourth of July والذي يقصد به أن مولد الولايات المتحدة كان في الرابع من يولية. وقد وضعت الديلي ميرور فوق رأس بوش وأعلامه العبارة الرئيسية لمقال بلجر التي تقول "إن سياسة جورج دبليو بوش - التي تقول اقصف بالقنابل أولا ثم ابحث الأمر فيما بعد - قد قتلت ضعف من مات من المدنيين في 11 سبتمبر فأصبحت الولايات المتحدة الآن هي الدولة الخسيسة rogue state الأولى في العالم". وبأسفل الصفحة صورة صغيرة لجون بلجر بجوار عبارة "بلجر يصدر حكمه الدامغ في عيد الاستقلال الأمريكي". إليك الترجمة الكاملة لمقال بلجر الثمين:

( قامت قوات البحرية الملكية "المارينز" ولمدة 101 يوما بالاشتراك في عملية حربية هزلية كمرتزقة للولايات المتحدة التي يرشحها خروجها المستهتر على القانون لأن تكون الدولة الخسيسة الأولى بهذا العالم.
كان الدور الذليل لقوات المارينز الملكية في أفغانستان يشمل إطلاق النار على الأشباح أو على بعض رجال القبائل من آن لآخر أو نسف أكوام التراب وعرض الأسلحة "المستولى عليها" أمام وسائل الإعلام. وهو دور دسته عليها حكومة بلير التي أصبح خضوعها وضلوعها مع عصابة بوش محاكاة هزلية للدور الإمبريالي.
لا توجد مبالغة في كلمة "عصابة" فهي في قاموسي تعني " مجموعة من الناس تعمل سويا لتحقيق أغراض إجرامية مزرية". هذا وصف دقيق لجورج دبليو بوش وأولئك الذين يكتبون له خطبه ويتخذون قراراته، فهم الذين دمروا القانون الدولي من أساسه منذ توليهم السلطة.
سجلهم في أفغانستان لا لبس فيه، فقتل 40 ضيف بحفل زفاف لم يكن "خطأ غير مقصود" وإنما كان نتيجة مباشرة لسياسة أطلق النار أو اضرب بالقنابل أولا ثم ابحث الأمر بعد ذلك، وهي السياسة التي أعلنها جورج دبليو بوش في الأسابيع التالية ليوم 11 سبتمبر.
إن قدرة الآلة العسكرية الأمريكية على تدمير الدول الفقيرة لم تكن أبدا محل شك، بشرط غياب القوات الأرضية الأمريكية وإحلال قوات "التحالف" محلها مثلما حلت قوات المارينز الملكية محلهم. هذا شبيه بما كان يحدث في أوج مجد الإمبراطورية البريطانية عندما كانت القوات الهندية وقوات المستعمرات الأخرى يتم استخدامها في دور مماثل، مع الفارق وهو أن البريطانيين على عكس الأمريكيين كانوا على استعداد للتضحية بجنودهم أيضا.
كتب ريتشارد لويد باريRichard Lloyd Parry من الإندبندنت أن تقارير القادة الأفغان منذ أكتوبر الماضي تقول بأن الطائرات الأمريكية تقوم بتدمير قرى "أصغر من أن تظهر على الخريطة" حيث تم قتل 300 في ليلة واحدة ولم يبق من عائلة تعدادها 40 فردا سوى طفل صغير وجدته.
لقد أفنت القنابل الأمريكية بعيدا عن أعين كاميرات التلفاز "ما لا يقل عن 3767 من المدنيين خلال الفترة من 7 أكتوبر حتى 10 ديسمبر بمعدل 62 قتيلا من الأبرياء يوميا" وذلك طبقا لدراسة قامت بها جامعة نيوهامبشاير New Hampshire بالولايات المتحدة. ويتم تقدير عدد القتلى المدنيين حتى اليوم بحوالي 5000 وهذا يعد ضعف عدد ضحايا 11 سبتمبر تقريبا.
لا يوجد دليل على أن قائدا واحدا من قيادات القاعدة قد وقع في الأسر أو أن أحدا قد سمع عن موته. وقد حدث نفس الشيء لقائد الطالبان. ولم يحدث تغيير يذكر في أفغانستان بالمقارنة مع الإقطاع القاتل الذي ساد خلال التسعينيات ومع الفترة السابقة لوصول الطالبان إلى السلطة.
ومع كل التغييرات التجميلية التي حدثت في كابول فإن النساء مازلن لا يجرؤن على الخروج سافرات. وقد علق وزير العدل بالنظام الذي أنشأته أمريكا قائلا "كان الطالبان يعلقون أجساد الضحايا لأربعة أيام. أما نحن فلن نعلق الجثث بعد الإعدام إلا لفترة وجيزة، ربما لخمس عشرة دقيقة فقط."
إذا وصفنا ذلك بأنه "انتصار للخير على الشر" كما قال بوش وكما ردد بلير قوله من بعده فإننا نكون كمن يبرر النازية بقوة آلة الحرب الألمانية.
على الشعب البريطاني أيضا أن يشعر بأنه قد تم خداعه، فذلك الخداع لم يكن قاصرا على المارينز. كانت واشنطون وهوايتهول Whitehall ( مقر مكاتب الحكومة البريطانية) على علم منذ وقت طويل بأن القاعدة قد انتهت من أفغانستان. لقد خرج الأمريكيون للأخذ بالثأر إرضاء للشعب الأمريكي وأيضا لإعادة حكم لوردات الحرب المفضلين لديهم والمسئولين عن موت الآلاف ببلادهم المنكوبة.
خططت الولايات المتحدة لوضع نظام يسوده أعضاء من قبيلة البشتون متوقعين أنهم سينفصلون عن الطالبان. لكن ذلك الانقسام لم يحدث بين صفوف الطالبان ولذلك فقد غير الأمريكيون من تخطيطهم وحاولوا تجميع "تحالف" من لوردات الحرب الطاجيك والأزبك، أما حامد كرزاي "الرئيس الانتقالي" الحالي فرغم أنه من البشتون إلا أنه ليس له قاعدة قبلية أو حربية وهو ببساطة رجل أمريكا.
إن وجود قوات المارينز الملكية على رأس ما أسموه " القوات الدولية لمساعدة الأمن" هو أمر تأتي أسبابه ودوافعه من القرن التاسع عشر مباشرة. فقد كان الهدف الأمريكي هو أن تقوم قوات المارينز بمنع لوردات الحرب المفضلين من الاقتتال فيما بينهم إلى أن يحدث "التوازن" والهدوء اللازم للمصالح الأمريكية من البترول وغيره من الأمور الاستراتيجية.
أصبحت مصادر النفط الضخمة بوسط آسيا ضرورية للاقتصاد الأمريكي المتأزم، وهي أيضا ضرورية لإدارة بوش التي تسيطر عليها مصالح الصناعة البترولية، وخاصة مصالح عائلة بوش نفسها. فقد كشف تحقيق أجرته في شهر يناير آسيا تايمز Asia Times - ومقرها هونج كونج - أن الولايات المتحدة تقوم في سرعة وهوس بتطوير "شبكات متعددة للأنابيب بمنطقة بحر قزوين".
أما شركة إنرون المفضوحة التي كانت من بين كبار الداعمين لحملة بوش الانتخابية فقد أجرت دراسة جدوى لمد خط أنابيب يتكلف 2 بليون دولار عبر بحر قزوين. وتقول "آسيا تايمز" أن كبار الرسميين الأمريكيين السابقين والحاليين ومن بينهم ديك شيني نائب الرئيس "قد أقفلوا كل الصفقات الكبرى بصورة مباشرة أو غير مباشرة نيابة عن شركات البترول".
لو كانت هناك خريطة للقواعد العسكرية الأمريكية التي تم إنشاؤها بالمنطقة لشن "الحرب على الإرهاب" لكانت أهم معالمها الواضحة هي أنها تقع على مسار خط الأنابيب المقترح حتى المحيط الهندي.
أما كلا من بلير وجيفري هون Jeoffrey Hoon كثير الكلام فإنهما لم يقدما للشعب البريطاني أيا من تلك المعلومات الهامة، ناهيك عن عدم إعطاء تلك المعلومات للجنود البريطانيين الذين تم إرسالهم للاشتراك في اللعبة الإمبريالية الأمريكية. لم تتكبد تلك القوات لحسن الحظ سوى الأنفلونزا المعوية. وأما الشعب الأفغاني فقد كان أقل حظا.
ليس هناك شك في أن أسلوب عمل العسكريين الأمريكيين في أفغانستان كان إجراميا سفاكا يؤكده تقرير ظهر في الصحافة الأمريكية في شهر مايو بأن الأطفال تم حصادهم بالرصاص في حقول القمح وأثناء نومهم. إذ قامت القاذفات المروحية الأمريكية بالقصف الشامل بالرصاص والصواريخ لإحدى القرى ولكل شبر بحقولها قبل الهبوط وإنزال القوات التي أطلقت الرصاص على من تبقى واحتجزت غيرهم من "المشتبهين". كانت تلك المنطقة في واقع الأمر معروفة بعدائها للطالبان وقد أكد حاكم أورزجان Oruzgan أن القتلى كانوا "أناسا عاديين ولم يكن بالمنطقة أي أفراد من الطالبان أو القاعدة".
قامت الدولة الأمريكية الخسيسة في الشهور الأخيرة بتمزيق "معاهدة كيوتو Kyoto" التي كان من شأنها خفض الارتفاع الحراري بالكرة الأرضية لمنع احتمال حدوث كارثة بيئية، وهددت باستخدام السلاح النووي في "الضربات الوقائية" وهو تهديد ردده هون Hoon، وحاولت تخريب إقامة محكمة جنائية دولية وهذا أمر مفهوم لأن جنرالاتها وقادتها السياسيين قد تشملهم قوائم الاتهام.
قامت أيضا بتدمير سلطة الأمم المتحدة عندما سمحت لإسرائيل بأن تمنع إحدى لجانها من التحقيق في الهجوم الإسرائيلي على معسكر اللاجئين في جنين، وأمرت الفلسطينيين بالتخلص من رئيسهم المنتخب واستبداله بجاسوس مهرج تابع لأمريكا.
لقد تجاهلت القمة العالمية للغذاء World Food Summit بإيطاليا ومؤتمرات تلك القمة في كندا وإندونيسيا وسدت طريق المعونات الحقيقية - مثل مياه الشرب والكهرباء - لأكثر الناس حرمانا على وجه الأرض. تهدف مقترحات زيادة دعم الغذاء الأمريكية بنسبة 80% إلى ضمان السيادة الأمريكية على أسواق الحبوب العالمية.
قال رئيس مجلس إدارة كارجيل Cargill "عندما نترك مائدة الإفطار كل صباح يكون السواد الأعظم مما أكلناه قد مر على مزارع شركتي .. حبوب الفطور المجروشة والخبز والقهوة والسكر وغيرها". تهدف شركة كارجيل إلى مضاعفة حجمها كل خمسة إلى سبعة أعوام.
يزيد اليأس من حدة معظم الأفعال الأمريكية الخسيسة، فالقلق يغلب على هؤلاء الأصوليين المسيحيين من أنصار مذهب "السوق الحرة" الذين يتولون إدارة واشنطون. وصل العجز الحالي للميزان التجاري إلى الرقم القياسي 34 بليون دولار. وتزداد سرعة تناقص المشتريات الأجنبية للدين الأمريكي الضخم. تزيد أسعار الأوراق المالية الأمريكية كثيرا عن قيمتها وحالة الدولار الأمريكي غير واضحة.
وكما قال أحد المعلقين في وصف الموقف "إن "مذهب بوش يبدو كما لو كان محاولة أخيرة لتنظيم العالم بأسره ليدور في فلك حول متطلبات احتكار رأس المال الأمريكي في وقت سابق كثيرا لذلك الوقت الذي يمكن فيه أن يأمل تحقيق ذلك . وهذا يعني السيطرة على الثروة النفطية بآسيا الوسطى ويعني الهجوم على العراق واستبدال صدام حسين والاستيلاء على ثاني أكبر مصدر للنفط بالعالم. ويعني محاصرة التحدي الاقتصادي الجديد للصين بإحاطته بالقواعد العسكرية ويعني ترهيب أوربا وهي المنافس الاقتصادي الرئيسي عن طريق تدمير حلف الناتو وإشعال حرب تجارية.
لقد زرت الولايات المتحدة مؤخرا ويبدو واضحا لي أن العديد من الناس هناك قلقون والكثير منهم لا يجرئون على البوح بذلك. ومن النادر أن يتم عرض آرائهم بوسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية التي زادت رقابتها الذاتية والسيطرة عليها عن أي وقت مضى.
نجد في المقابل جوا ملغما بآراء من كان على شاكلة تشارلس كروثامر Charles Krauthammer في الواشنطون بوست Washington Post وهو الذي كتب في وصف حال العالم في الخمسين عام المقبلة قائلا "التفرد هو مفتاح نجاحنا" وهو يعني بذلك عالما بلا حماية من الضربات النووية أو الإتلاف البيئي لسكان أي دولة غير الولايات المتحدة. إنه يعني عالما تكون "الديمقراطية" فيه بلا معنى إذا ما تعارض نفعها مع "المصالح الأمريكية". إنه يعني عالما يكون التعبير فيه عن الاعتراض ومخالفة تلك "المصالح" دمغا للمعترض بالإرهاب ويبرر الرقابة والقمع. هناك أسلوب واحد لمقاومة تلك القوة الخسيسة وهو أن نتكلم وأن نجهر بسرعة. إذا لم تتكلم حكوماتنا وجب علينا نحن الكلام.)

أما عن الكلام فقد بحت أصواتنا لسنوات. ربما كان للكلام بعض الجدوى والتأثير في دول الديمقراطية الغربية حينما يرى دهاة السياسة أن السكوت عن المطالب الشعبية الواضحة يعني الخسارة في الانتخابات. أما في دول القمع والقهر - العربية بصفة عامة والمصرية بصفة خاصة - فإن الكلام يبدو كما لو كان غير ذي جدوى لأن الانتخابات وهمية وحمير السلطان معلوفة وقوية، والناس سكوت وعلى علم تام بما يجري، بينما وسائل الإعلام المتاحة تخضع تماما للسلطة وتشغل الناس بكل تافه وعقيم من برامج التخدير التي تدفع بهم إلى التراخي والاستكانة في وقت يتطلب العصيان والثورة على أعداء الوطن من أجل مستقبل أفضل. المزيد من التراخي لن يتلوه سوى المزيد من الظلم والقهر.
قال المستشار مصطفى الطويل - عضو الهيئة العليا لحزب الوفد في جريدة "الوفد" القاهرية - عن إحدى الدوائر الانتخابية بمدينة الإسكندرية أن عدد من كان لهم حق التصويت في الدائرة ولم يحاولوا الحصول على بطاقات انتخابية تعطيهم حق التسجيل في قوائم المشاركين في الاقتراع يزيد على الخمسمائة ألف نسمة .. وأن عدد الذين سجلوا أسماءهم في هذه القوائم بالفعل ممن لهم حق التسجيل هو مائة وثمانين ألف ناخب لم يحضر منهم للإدلاء بصوته في الجولة الأولى من هذه الانتخابات سوى ثمانية آلاف ناخب فقط .. أي أن حوالي 90% ممن لهم حق التصويت امتنعوا عن الاشتراك في دور الكمبارس بمسرحية هزلية، إما لعدم الاقتناع بجدواها أو خشية الاعتداء عليهم.
إذا أعدنا النظر إلى الأرقام لوجدنا أن مجموع من تنطبق عليهم الصلاحية للاشتراك في الانتخابات بتلك الدائرة كان يزيد عن 680 ألف نسمة وأن من أدلوا بأصواتهم بالفعل كان عددهم حوالي 8 آلاف فقط، أي أن حوالي 98.8% من المؤهلين للإدلاء بأصواتهم لم يفعلوا ذلك. إنها مهزلة انتخابية لا تعادلها سوى "انتخابات" رئاسة الجمهورية التي يختار فيها الناخب ما بين الفرد وصورته في المرآة أو بين وجه الفرد ومؤخرته. وهو انتخاب باطل على أي حال لأن الشرط البديهي في عملية الانتخاب أو الاختيار هو أن تختار من بين عدد من المرشحين.
أعود إلى إلقاء الضوء على مقال بلجر وشرح أهميته. جريدة الديلي ميرور جريدة للعامة من النوع الخفيف المسمى tabloid والتي تهتم عادة بالأنباء المثيرة وأخبار الكرة والنجوم وتطعم صفحاتها الرئيسية بصور لأنصاف العرايا من النساء. وأهمية ظهور مقال بلجر في هذه الصحيفة يدل على ما قد يكون الرأي العام البريطاني قد توصل إليه الآن وتقبله، من حيث أن الولايات المتحدة قد تعدت كل الخطوط الحمراء وأن الحكومة البريطانية قد ضلت الطريق في سيرها خلف أمريكا، وهي أمور تختص بها الجرائد ذات الوزن الثقيل المسماة broadsheet مثل الأوبزرفر والجارديان والإندبندنت وغيرها ، فلعل تلك تكون بادرة خير لحملة توعية بوسائل الإعلام تدفع بالحكومة البريطانية إلى إعادة حساباتها لتصبح آخر دولة تنسحب من معسكر الشر والإرهاب الأمريكي الذي خرجت منه أوربا كلها، خاصة مع ازدياد معدل الخسائر الأمريكية والبريطانية في أفغانستان مقبرة الغزاة، وهو ما لم يعلق عليه بلجر، ربما لعجزه عن نسبة أنباء الخسائر إلى مصدر غربي موثوق. كل الحسابات المنطقية والدلائل تشير إلى أن البريطانيين والأمريكيين يتكبدون خسائر على أرض أفغانستان يتم التعتيم عليها أو الادعاء بأنها حوادث نتجت عن أخطاء ذاتية.
الدليل على خطورة فاعلية هذا الاتجاه بالصحافة البريطانية هو أن الصحافة الصهيونية الأمريكية قد هاجت وماجت بسبب هذا المقال ولعنت جون بلجر والديلي ميرور. وقد علقت الجارديان على تلك الثورة الصهيونية الأمريكية في مقال بتاريخ 15/7/2002 لكاتبها روي جرينسليد Roy Greenslade أقتطف منه بعض أجزائه:

(من النادر أن تجذب مقالات صحف التابلويد البريطانية مثل ذلك الانتباه في الولايات المتحدة مثلما لقيت مقالات جون بلجر في الديلي ميرور. أثار مقاله الأخير "احزن في الرابع من يولية" أول موجة من الغضب الإعلامي.
لقد قال عن الولايات المتحدة أنها الدولة الخسيسة الأولى التي تدمر القانون الدولي وقال عن إدارة بوش أنها عصابة من المجرمين تتحمل مسئولية موت ضعف عدد من ماتوا في كارثة مركز التجارة العالمية. ليس هذا هو نوع المادة التي يمكن تجد لها فرصة احتمال النشر بالجرائد الأمريكية الرئيسية.)

(قال وزلي برودن Wesley Pruden رئيس تحرير واشنطون تايمز Washington Times عن الديلي ميرور أنها "جريدة صاخبة يقرؤها قارئوا الشفاه ورعاع كرة القدم وغيرهم من شواذ المجتمع" ووصف بلجر بأنه "مراسل حربي مرموق يتكلم عن لسان اليساريين الذين تفوح رائحة أفواههم في باريطانيه القديمة Old Blighty (تعبير دارج للفكاهة والاستهزاء من بريطانيا نشأ بين الجنود البريطانيين بالهند).
(أما نيويورك بوست New York Post فقد ألقت بثقلها في عدد من المقالات اللاذعة فقالت عن الديلي ميرور أنها "تابلويد لندنية من محبي الإرهابيين". وقالت في مقال آخر مشيرة إلى دور بيير مورجان رئيس تحرير الديلي ميرور في عملية محرجة عن تداول أسهم الجريدة "رئيس التحرير البريطاني الذي يهاجم بوش يلدغ في فضيحة تداول أسهم". هذا يدل على أن نيويورك أيضا يوجد بها نصيبها من قراء الشفاه. وقال رس سميث Russ Smith رئيس تحرير الصحيفة الإلكترونية "نيويورك برس New York Press " عن عدد 4 يوليه من الديلي ميرور أنه "وثيقة قذرة" وقال عما كتبه بلجر Bilger أنه "بلج bilge" ( الماء الآسن الراكد في بطن السفينة وهو عادة كريه الرائحة).
(إن رد الفعل المتشنج من صحفيي الولايات المتحدة يوضح الكثير عن الحال السائد بالولايات المتحدة في أعقاب 11 سبتمبر، حيث تم خنق أي نقد للحرب على الإرهاب. يوجد بالولايات المتحدة من هو مثل بلجر وأبرزهم نعوم تشومسكي لكنهم قد تم تهميشهم ولا يمكن أن تعطيهم جريدة بالولايات المتحدة توزع 100 ألف نسخة أي مساحة تشبه ما يتمتع به بلجر حاليا علي الصفحة الأولى من الديلي ميرور التي يربو توزيعها على 2 مليون.
يقول مورجان أن قراءه يحبون أسلوب بلجر ويقول " كلما كتب لنا بلجر كان رد فعل القراء يفوق رد الفعل لأي كاتب آخر. يؤيد بلجر 90% من البريطانيين ويقف ضده 100% من الأمريكيين.")

نشرت الإندبندنت في 12/7/2002 مقالا لمراسلها اليهودي في القدس تحت عنوان "منظمة العفو الدولية تدين الهجمات الانتحارية الفلسطينية وتعدها جرائم ضد الإنسانية". يورد المقال أن منظمة العفو الدولية قد أدانت ممارسات الجيش الإسرائيلي واتهمته أيضا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. أهم نقطة وردت بالتقرير هي:

(أخبر البرغوثي مندوبي منظمة العفو الدولية أن منظمة فتح تنظر إلى المستوطنين الإسرائيليين الذين يعيشون بالضفة الغربية وغزة مثل دانيل شيفي الطفلة الميتة بنت الخمس سنوات - على أنهم أهداف مشروعة لأنهم يعيشون فوق أرض محتلة. يرفض التقرير هذا التفسير قائلا أنه رغم أن المستوطنات مخالفة للقانون الدولي إلا أن المقيمين بها مدنيون لهم حقوق الحماية التي تكفلها اتفاقيات جنيف.)

بغض النظر عن الأسلوب اليهودي الملتوي لعرض الخبر فإن الملاحظ هنا هو أن منظمة العفو الدولية قد أدانت الفلسطينيين لأول مرة ويبدو أن ذلك كان لإرضاء اليهود. لكن السؤال المنطقي يبقى وهو: كيف يمكن اتهام من استشهد بأنه اقترف جرائم ضد الإنسانية؟ أعتقد أن هدف منظمة العفو من هذه الإدانة هو مساعدة إسرائيل التي تنوي محاكمة البرغوثي واتهامه بمساعدة " الإرهابيين الانتحاريين" على القيام بعملياتهم "الإرهابية".
أذاعت وكالة الأسشييتدبرس خبرا مؤداه أن شخصا ألمانيا يدرس بأحد المعاهد الدينية اليهودية قد اختطف وقتل ثم قطعت جثته إلى أجزاء لفت في أكياس من البلاستيك وأودعت صفائح القمامة. إليك هذا الجزء من الخبر:

(كان معروفا عن هينز Hinz أنه شاذ جنسيا وكان طالبا يهوديا يتكلم الإنجليزية بلكنة ألمانية ويدرس في كلية ليو بكLeo Becke College في شمال لندن والتي تتبع "المعبد اليهودي الإصلاحيReform Synagogue ".)
(كان هينز معروفا في أوساط الشواذ والأوساط اليهودية بلندن، وكان يخطط لزيارة القدس في أواخر هذا الشهر كجزء من دراسته الدينية.)

حقا إنها أوصاف متجانسة تماما .. يهودي شاذ جنسيا، يدرس الدين الشاذ ليصبح فقيها فيه، وينوي زيارة الكيان الصهيوني .. "ميكس سنس" كما يقول الفرنجة!

ليست هناك تعليقات:

هذه المدونة

هذه المقالات كتبت على مدى ثلاثة عقود وهي أصلح ما تكون في سياقها التاريخي، فمثلا مقالي عن الحجاب المكتوب في ثمانينيات القرن الماضي يصف من ترتديه بضيق الأفق لأن تلك الغربان كانت أعدادها قليلة، أما اليوم فإن من ترتدي ذلك الزي السخيف لا يليق وصفها بضيق الأفق إذا ما كانت مكرهة على لبسه خوفا مما قد تعانيه من مشاكل في مواجهة الغوغاء الذين يريدون فرض هذا الزي الوهابي بالقوة بحجة أنه "فرض عين" أو أنف أو أذن، وأن من واجبهم تغيير المنكر بأيديهم مفترضين أن نساء القاهرة الجميلات كن كافرات في الخمسينيات والستينيات، وأن ذلك أهم من القضاء على حسني مبارك وعصابته ممن أودوا بمصر إلى التهلكة.


أرشيف المدونة الإلكترونية

من أنا

ملبورن, فيكتوريا, Australia
أنا واحد من آلاف المصريين الذين فروا من الدولة الدكتاتورية البوليسية التي يرأسها السوائم ولا يشارك في حكمها سوى حثالة أهلها من اللصوص والمرتزقة والخونة وينأى الأشراف بأنفسهم عن تولى مناصبها الوزارية.