إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

هذه المقالات تعكس المأساة التي عاشتها مصر ابتداء بالدكتاتور الأول جمال عبد الناصر - الذي انتزع السلطة من سيده محمد نجيب - وانتهاء بالحمار المنوفي الغبي اللص محمد حسني مبارك. وأخيرا عملية تدمير مصر تحت حكم الصهيوني الحقير بلحة بن عرص المعروف أيضا باسم عبد الفتاح السيسي English blog: http://www.hegazi.blogspot.com

السبت، 17 مايو 2008

مهزلة الحرب البيولوجية












بقلم : محمد عبد اللطيف حجازي
mehegazi@yahoo.com
26 أكتوبر 2001
خرجت أجهزة الدعاية الأمريكية بأكذوبة جديدة هي أسطورة ميكروب الجمرة الخبيثة anthrax . إن أي طالب طب يعلم أن بكتيريا هذا المرض ليست شديدة الخطورة على الإطلاق ولا يمكن إدراجها تحت بند الحرب البيولوجية ، لكنها كانت مناسبة لخيال أجهزة الكذب والزيف الأمريكية لكي تحاول بها تحقيق هدفين:

أولا : إثارة الرعب والفزع بين عامة الشعب الأمريكي لكي يتم من الناحية النفسية إيجاد خطر تقوم الدولة بالتصدي له فيشعر المواطن الأمريكي بأنه في رعاية دولة تحاول حمايته وبالتالي فإنها تستحق منه الثقة فيها وتقبل أي قرارات أخرى تتخذها لحمايته، بما في ذلك شن الحروب العدوانية على بلاد بعيدة بدعوى مكافحة الإرهاب. استدعت المسرحية إغلاق بعض مكاتب الكونجرس ومبنى "الكابيتول" الضخم بحجة اكتشاف حالات الإصابة المتزايدة بميكروب الجمرة الخبيثة وسوف يستمر بالطبع اكتشاف المزيد من الإصابات الوهمية بمختلف الولايات حتى يتمكن الرعب من أفراد الشعب الأمريكي فلا يحذون حذو الشعوب الأوربية الأكثر وعيا وفهما لأساليب آلة الدعاية الصهيونية الأمريكية، إذ خرجت تلك الشعوب الواعية بالآلاف في مظاهرات حاشدة مطالبة بوقف القصف الأمريكي لأفغانستان. لم تشهد بلاد أوربا مظاهرات بهذا الحجم الضخم منذ وقت بعيد، وخاصة بالبلاد التي تمكن اليهود من حكوماتها مثل ألمانيا وإنجلترا.

ثانيا: محاولة إلقاء التهمة على بن لادن الآن ثم العراق وغير العراق فيما بعد، وذلك لتبرير الإجراءات الإرهابية التي تمت أو ستتخذ ضد أفغانستان والدول العربية. وبدأت وسائل الإعلام الصهيونية في بث الدعاية بأن الدول المنتجة لميكروبات الحرب البيولوجية تشمل العراق وإيران وسوريا وليبيا، ولا تنس طبعا بن لادن الذي ربما قد وضع أحدث معامله في مغارة ما بأفغانستان تتطلب استخدام القنابل التي تخترق الصخور بعمق ستة أمتار. وسوف يتم بث الوهم بأن الحرب "البيولوجية الإرهابية" سوف تشمل العالم كله ولذلك فإن العالم يجب أن يقف مع أمريكا ضد "الإرهاب"! حقا إذا لم تستح فافعل ما شئت. لقد بلغ الكذب والزيف الصهيوني الأمريكي درجة هائلة من الغش والخداع بينما العالم يتلقى كل ما تود أمريكا بثه من أكاذيب بكل ترحيب، في وجود هذا العدد الهائل من الحكومات والرؤساء الإمعات المستدجنين الذين يعملون ضد مصالح بلادهم وشعوبهم.

وتنفيذ المسرحية الهزلية يتم على قدم وساق فور كتابة سطور السيناريو الهزيل، وقد تسليت وضحكت كثيرا من منظر الملابس الوقائية وخراطيم المياه والاستعدادات الجبارة التي عرضتها شاشات التلفاز لمقاومة ميكروب البكتيريا المسكين الذي قد يتوارى خجلا أمام بعض أنواع الإنفلونزا الحديثة التي لا تجدي معها الأدوية وتجعل أشد الأصحاء يلزم الفراش لأسبوع على الأقل والألم يشل مفاصله وعضلات جسمه.

لو أن أحدا أراد حربا بيولوجية فإن هناك ميكروبات "محترمة" كالجدري أو الكوليرا على سبيل المثال لا الحصر، قد يمكن عزلها وإكثارها بالمعامل بأجهزة بسيطة ثم إطلاقها بوسائل أكثر فعالية من البريد. لكن أحدا لم يفكر ولم يحاول ولم يشن حربا بيولوجية على أمريكا، وإنما هو الخيال المريض لأجهزة استخباراتها وبعض رجال السلطة بها من اليهود الذين فقدوا توازنهم وأصبحت أفكارهم وقراراتهم متخبطة ومتناقضة توضح مدى اليأس والفشل الذي أصاب آلة الدمار الصهيونية الأمريكية. لذلك كان ضروريا لهم استخدام أسطورة ذلك الميكروب الهزيل الذي أطلقوه، ولم يكن بإمكانهم استخدام ميكروب وبائي قوي خوفا من صعوبة السيطرة عليه.

أما الجيش الأمريكي فإنه مازال يحوم في سماء أفغانستان ويدعي في كل يوم ضرب أهداف جديدة، وبعد أن نفذت الأهداف التي قد تكون لها أية قيمة عسكرية رمزية أخذ الطيارون في التسلي بضرب القرى والأهداف المدنية. ومازال الأمريكان يعتقدون أنهم يمكنهم تكرار تجربة العراق باستخدام الآخرين لشن الحرب البرية. وزعوا زي الحرب على جنود "تحالف الشمال" من الأفغان الذين فرحوا بالزي الجديد لفترة ثم ضايقتهم السراويل فاكتفوا بالنصف العلوي الذي قد يقيهم برد الشتاء القادم، لكنهم بدوا منهكين عازفين عن الحرب لا يبدو عليهم سوى الرغبة في الحصول علي بعض المنفعة من مؤن وأسلحة أمريكية.

أما الذي حصل على النفع المادي العظيم فقد كان الدكتاتور مشرف في باكستان. أسقطت الدول الأوربية ديونه وأعطيت له تسهيلات التصدير الجمركية وبدا كما لو كان مقبلا على عهد جديد من الانفتاح في مقابل استخدام أمريكا لمطاراته لشن الحرب على أفغانستان. كل هذا ضد رغبة الشعب الباكستاني، لكن أي دكتاتور يدعي دائما أنه يعرف مصلحة قومه أكثر من القوم ذاتهم ويدعي أن المعارضة لسياساته ضعيفة لا تستحق الذكر، بينما يحاول زبانيته ترويض تلك المعارضة الشعبية بالقوة. هذا الأسلوب نعرفه جيدا ويتبعه كل عميل تحميه أمريكا، والنموذج المصري مألوف لنا جميعا.

وبينما العالم في حالة ترقب لأية تطورات ملموسة نجد أن طبيعة الصراع جديدة تماما وأقرب مثال يقاس عليه هو حرب فيتنام، وهي تجربة يقشعر لها بدن تجار الحروب بالبنتاجون. المظاهرات ضد ضرب الشعب الأفغاني تشتد في قلب أوربا ولم تعد تؤثر فيها آلة الإعلام الصهيونية الأمريكية التي تستمر في طحن الهواء ليل نهار، ولا يكف "خبراء الإرهاب" بها من حثالة اليهود عن بث تحليلاتهم المضحكة. بينما الجيش الأفغاني ينتظر رابضا في مخابئه يترقب ذلك الهجوم البري الأمريكي والجيش الأمريكي أجبن من أن يحاول الحرب البرية التي يعلمون نتيجتها مقدما. لقد قيل لهم أن المجاهد الأفغاني يساوي حبه للاستشهاد حبهم للحياة. هذا هو القول الفصل الذي سوف يحدد نتيجة هذا الصراع، وإن غدا لناظره قريب، ولا يستوي الظالم بصاحب الحق الذي لا يرهب الموت في سبيل الحق الذي لا يموت.

وأما ذلك العميل الباكستاني فإنه ربما يكون أول من يسقط في تتابع سقوط قطع الدومينو. إذا تمكن الشعب الباكستاني من إسقاط مشرف فإن ذلك قد يكون بادرة انفتاح لتتابع سقوط العملاء من الخشب المسندة بعالمنا العربي. الشعب العربي من أدناه إلى أقصاه قد ضاق ذرعا بمن يلعقون أحذية الصهيونية الأمريكية، حتي أن أشد نظم العمالة ولاء لأمريكا وحلفائها قد بات متوجسا متخوفا من شعبه. فبينما كان البريطاني بلير يستمتع بتنظيف حذائه في زيارة لأحد كبار العملاء أعلنت الحجاز رفضها لطلبه زيارتها. لا أعتقد أن هذا الرفض يستند إلى أسباب عقائدية والأرجح أنه راجع إلى الخوف من الاضطرابات الداخلية التي قد تطلق مارد المقاومة الشعبية للنظام الحاكم. لو سقط نظام واحد من النظم العربية العميلة فسوف يتتابع سقوط تلك النظم واحدا تلو الآخر، ولو جاء ذلك اليوم الذي طال انتظاره فإن الشعب العربي قد يكون له شأن آخر في هذا العالم بعد أن شلت نظم العمالة نموه الحضاري طوال نصف القرن الماضي.

ليست هناك تعليقات:

هذه المدونة

هذه المقالات كتبت على مدى ثلاثة عقود وهي أصلح ما تكون في سياقها التاريخي، فمثلا مقالي عن الحجاب المكتوب في ثمانينيات القرن الماضي يصف من ترتديه بضيق الأفق لأن تلك الغربان كانت أعدادها قليلة، أما اليوم فإن من ترتدي ذلك الزي السخيف لا يليق وصفها بضيق الأفق إذا ما كانت مكرهة على لبسه خوفا مما قد تعانيه من مشاكل في مواجهة الغوغاء الذين يريدون فرض هذا الزي الوهابي بالقوة بحجة أنه "فرض عين" أو أنف أو أذن، وأن من واجبهم تغيير المنكر بأيديهم مفترضين أن نساء القاهرة الجميلات كن كافرات في الخمسينيات والستينيات، وأن ذلك أهم من القضاء على حسني مبارك وعصابته ممن أودوا بمصر إلى التهلكة.


أرشيف المدونة الإلكترونية

من أنا

ملبورن, فيكتوريا, Australia
أنا واحد من آلاف المصريين الذين فروا من الدولة الدكتاتورية البوليسية التي يرأسها السوائم ولا يشارك في حكمها سوى حثالة أهلها من اللصوص والمرتزقة والخونة وينأى الأشراف بأنفسهم عن تولى مناصبها الوزارية.