إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

هذه المقالات تعكس المأساة التي عاشتها مصر ابتداء بالدكتاتور الأول جمال عبد الناصر - الذي انتزع السلطة من سيده محمد نجيب - وانتهاء بالحمار المنوفي الغبي اللص محمد حسني مبارك. وأخيرا عملية تدمير مصر تحت حكم الصهيوني الحقير بلحة بن عرص المعروف أيضا باسم عبد الفتاح السيسي English blog: http://www.hegazi.blogspot.com

الأربعاء، 11 فبراير 2015

الخدعة الكبرى


أعتقد – والله أعلم – أن عبد الفتاح السيسي هو أكبر خدعة في تاريخ مصر الحديث. لا هو برجل الدولة الذي يفقه الكثير عن إدارة شئون دولة ولا هو بالوطني الفذ مبعوث العناية الإلهية. كانت تلك أوهام تمسكنا بها إلى أن أثبتت المتغيرات على أرض الواقع أنه لا يزيد عن عسكري جهول مثل كل سابقيه.

قد تسألني: ما هو دليلك على ذلك؟

أقول لك أن استخدام العقل يؤدي إلى الاستنتاج السليم. السيسي لم ينشأ من فراغ ولم يهرع لإنقاذ مصر على ظهر حصانه، بل هو جزء من منظومة الحكم العسكري البشع الذي أصاب مصر منذ عام 1952 فجاءنا بخفي الذكر جمال عبد الناصر وتوابعه طوال النصف الثاني من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين.

اندلعت الثورة الكبرى الحقيقية بمصر يوم 25 يناير 2011 . كانت شيئا مختلفا تماما عن "هوجة عرابي" عام 1881أو ثورة سعد زغلول في 1919 أو الانقلاب العسكري على النظام الملكي في عام 1052 والذي ما زالت مصر تعاني من تبعاته حتى يومنا هذا. الشرارة التي أوقدت تلك الثورة ما زالت مبهمة وأغلب الظن أنها كانت بتدبير أمريكي غير مقصود. أعتقد – وهذا مجرد رأي لا أدعي به علما أو معرفة – أن وسائل الاتصال الحديثة سهلت لمجموعة من الشبان المصريين اليائسين من أحوال الوطن الوقوع في أحابيل المخابرات الأمريكية فأصبحوا جنودا لها ربما دون انتباه أو وعي حقيقي منهم. ربما كان كل هم بعضهم تخليص مصر من نظام حسني مبارك بأي وسيلة متاحة حتى لو تحالفوا مع الشيطان، فقد سدت في وجه الوطن كل السبل، وربما وجد البعض الآخر في ذلك منفعة مزدوجة كعمل وطني وكمصدر للحصول على المال في وقت انتشرت فيه البطالة وتمكن اليأس من الجميع، لكن ذلك لا يمكن بحال أن يصمهم بالخيانة للوطن كما يصورهم لنا نظام السيسي اليوم، في احتكار كاذب للوطنية وحب الوطن، ورغبة مستميتة في احتكار السلطة. ولو كان هؤلاء الثوريون بالفعل عملاء للمخابرات الأمريكية فإن جريمتهم تتضاءل أمام جريمة محمد حسني مبارك الذي دمر مصر وشعبها.

أيا كانت دوافع ووسائل "شباب الثورة" المتهم اليوم بالخيانة، فإنهم كانوا سبب اشتعال الثورة التي أبهرت العالم عند قيامها وخروج الملايين من المصريين استجابة لندائها. فمهما كذبت علينا أبواق السيسي يبقى هؤلاء الشباب الملقى بسجون حكم العسكر وقود الثورة التي تأكل أبناءها.

ماذا أرادت ثورة 2011 وماذا تحقق من أهدافها ؟ الإجابة على تلك التساؤلات تؤدي بنا إلى معرفة كيف خدعنا العسكر ومن هو عبد الفتاح السيسي ولماذا ترك منصب قائد الجيش إلى منصب رئيس النظام الدكتاتوري العسكري.

عبد الفتاح السيسي وصل إلى منصب قيادة المخابرات الحربية في أوج فساد نظام مبارك الذي لم يجمع حوله سوى الفاسدين والمرتزقة، ومن النادر أن يصل أي إنسان سوي إلى منصب رفيع في نظام فاسد، وبالتالي فإن السيسي ليس بالصورة التقية الورعة التي تصورها مخيلة المعجبين ومعظمهم من نساء مصر الطيبات، بل لابد وأنه مخادع وذو عقلية تآمرية مكنته من الوصول إلى الرتب العالية التي لا توصل إليها الكفاءة وإنما تكون وسيلتها التبعية والتملق والولاء للرئيس وليس بالضرورة للوطن.

إذا عدنا إلى ما حدث تحت حكم مجلس طنطاوي وتأملناه بدقة لوجدنا أنه كان حاميا لمبارك وخادعا ومخادعا للشعب، فأضاع سنوات من عمر فرصة مصر للخلاص، واختلق نظاما انتخابيا أجبر المصريين على المفاضلة بين لص وحمار أي بين شفيق ومرسي. كيف سمح مجلس طنطاوي لمرسي بالترشح للرئاسة بعد أن كان مجرما هاربا من سجن وادي النطرون؟ العسكر ومخابراتهم كانوا يعلمون جيدا من هو مرسي فلماذا لم يمنعوه من الترشح حينما كانت السلطة بيدهم حينئذ؟

هل كان العسكر يريدون أن يفشل مرسي فيهرولون في وطنية مصطنعة لإنقاذ البلاد منه؟ ما حدث بالفعل يؤيد ذلك، وكان غباء مرسي الشديد هو وإخوانه أكبر عامل مساعد، بالإضافة إلى مناوءة كافة أجهزة الدولة له لكي يفشل. لذلك فشل الإخوان واكتشف الناس عقم تفكيرهم وأسلوب حياتهم الذي ينتمي للقرون الوسطى فيسمح على سبيل المثال بالآذان للصلاة في اجتماع لمجلس نيابي، دون أي ذكاء أو مراعاة للقول بأن لكل مقام مقال. وهكذا لم يبق على الساحة سوى العسكر.

جاء عبد الفتاح السيسي ومضى له في الحكم ما يزيد على العام فماذا حقق؟ استمرار الانقضاض على شباب الثورة واستمرار المحاكمات الهزلية والبراءة التدريجية لكل من قامت الثورة من أجل الخلاص منهم ومحاسبتهم. القائمة تشمل مجرمين يستحقون الإعدام مثل محمد حسني مبارك الذي باع مصر للصهيونية الأمريكية وحبيب العادلي المسئول الأول عن قتل أحمد سعيد وسيد بلال وإشعال الفتنة بتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية. تشمل القائمة كبير المعرصين صفوت الشريف وأبناء مبارك واللص أحمد عز وغيرهم من كبار الفسدة والمفسدين الذين لا تعي الذاكرة أسماءهم. كلهم يرتعون تحت نظام السيسي وادعائه الكاذب باستقلال القضاء.

باختصار شديد استمر العسكر يشكلون دولة داخل الدولة، أبشع في سطوتها واحتكارها للثروة من أي مستعمر أجنبي. وما زالت تركة "أمن الدولة" التي أسسها عبد الناصر تقتل المصريين منذ اندلاع الثورة عام 2011 حتى يومنا هذا في 2015، وأثبت عبد الفتاح السيسي بما لا يترك أي مجال للشك أنه مجرد الحلقة الأخيرة في سلسلة الحكام العسكريين وأن نهايته آتية لا ريب فيها لأنه لم ولن يحقق الإصلاح ولا قدرة له على تحقيقه، فهو جزء من منظومة الحكم العسكري الفاشي الذي لا يترك السلطة مختارا. ولن يصلح السيسي الأمور حتى لو أراد، لأنه امتداد لذلك النظام الفاشي الذي أسسه خفي الذكر جمال عبد الناصر، ولأنه جزء من منظومة القيادات الفاسدة لجيش مصر التي تخضع للصهيونية الأمريكية وإن أبدت غير ذلك. أعتقد أن اتصالات السيسي الأخيرة مع بيوتن مجرد مناورة بعلم وتحت رقابة المخابرات الأمريكية.

أتمنى بكل جوارحي أن يكون تحليلي هذا مخطئا، لكنه للأسف قد لا يكون كذلك. قد يستمر نظام السيسي لسنوات قد تطول قبل أن تتوحد كلمة المصريين فيرى الجميع ضرورة الخلاص من نظامه العسكري الفاشل، ويومها قد يسيل المزيد من دماء المصريين في ثورة جديدة تكون منظمة وواعية فتنصب المشانق الفورية في ميدان  التحرير، وتحرر مصر من الاستعمار العسكري الداخلي.
 
قد نتساءل: ما هو البديل الذي نتمناه؟ أقول لك أنه لا بديل في الوقت الحاضر أو في السنوات القليلة القادمة، فلو تخيلت نظاما وطنيا فوريا بالحكم فإن ذلك النظام لن يستطيع تقليم أظافر القادة العسكريين الذين لا يريدون الخضوع لنظام مدني كما هو الحال بكل الدول المتقدمة، ولا يريدون المساءلة المالية التي تكشف كل عوراتهم.

 




الاثنين، 2 فبراير 2015

إلى "توتة" ردا على: خالي العزيز

 
قرأت ذلك من قبل عن "حمورية السيسي" حيث أن رسائل عبد الرحمن يوسف تصلني باستمرار بالإيميل منذ سنوات. هذا لا يعني أنني أوافقه تماما في كل ما يقول. لسنا في حاجة إلى ما يؤكد أن السيسي جزء من حكم العسكر المقيت. تبرئة مبارك دون أن توجه إليه تهمة الخيانة العظمى تشهد على ذلك ولا تترك مجالا لأي شك أو وهم، لكن كل البدائل المتاحة أشد سوءا من دكتاتورية نظام السيسي التي فاقت كل سابقيه. رأيي الذي لن يتغير هو أن السيسي أقل سوءا وجهلا من مرسي أو من أي قيادي بتنظيم الإخوان المتأسلمين. هذا بالإضافة إلى أن أي نظام وطني تجريبي وهمي لا يمكن له النجاح إذا أمكن له نظريا أن يتسلم إدارة دولة مفلسة من جيش يناوئه لاسترجاع السلطة.
انتزاع السلطة من دولة الجيش لا يمكن أن يتم إلا بعد أن تتحول مصر إلى دولة راقية متقدمة تتحدد بها الفروق بين السلطات. هذا الأمر لا يمكن له أن يحدث اليوم في دولة متخلفة اقتصاديا وتعليميا، بل وحضاريا رغم أنها كانت أم الحضارة في غابر الزمان. مشكلة مصر الملحة اليوم ليست مشكلة أيدلوجية أو مشكلة السجون السياسية التي تنتهك فيها الأعراض أو شهداء وضحايا النظم القمعية. هذه الأمور الخطيرة رغم كل أهميتها ليس لها الأولوية. مشكلة مصر الأولى اليوم هي مشكلة اقتصادية خطيرة. مصر دولة مفلسة تستهلك ولاتنتج  بسبب سوء الإدارة لما يزيد عن نصف القرن.
الجيش المصري دولة داخل الدولة وفوق القانون. محاولة تغيير ذلك ترف لن يغير الواقع ويزيد المشكلة الاقتصادية المستعصية تعقيدا بعرقلة الأمور واستنزاف ما تبقى من إمكانيات. الحل السليم هو ترك الجيش دون مقاومة لكي يحاول أن يصلح ما أفسد إلى أن يتم التغلب على المشكلة الاقتصادية الرهيبة التى لا يقدر على سرعة حلها سوى النظام العسكري الصارم.
قد تجادلين بأن الجيش بكبار لصوصه لن يستطيع الحل، فما هو البديل المتاح؟ الجيش لن يترك السلطة مختارا، وسيقاوم كل المحاولات التي تنتهي بالفشل. لن يكون هناك يوما ثورة أخرى مثل الثورة التي فاجأت مبارك لأن الشعب اليوم مشتت ومنقسم على نفسه، ولا يمكن له بحال أن يجتمع على رأي. أي محاولات سيتم إجهاضها مبكرا، فهل ندعو لاستمرار هذه المحاولات الفاشلة التي يبشر بها كتاب عظام مثل عبد الرحمن يوسف ومحمد الجوادي وعلاء الاسواني ومحمد محسوب، وغيرهم من الوطنيين المخلصين من مختلف الاتجاهات الأيدلوجية؟ هل يستمع الناس جميعا إلى هؤلاء الصالحين المخلصين الذين يقومون بالتنظير للثورة الوهمية القادمة ومعظمهم مثلنا هارب خارج البلاد؟ الشعب منهك وجاهل وجائع وغير قادر على العيش. الثورة الوحيدة التي يمكن أن تقوم هي ثورة الجياع، وهي لن تقوم لأن الجوع لم يصل وربما لن يصل حد اليأس التام.
قليل من الصبر يا بنيتي، بضعة سنوات أخرى لن تؤثر كثيرا، فقد صبرت مصر عشرات السنين من قبل. لعن الله جهل عبد الناصر والسادات ومبارك. وربما بعد صبر سنوات أخرى تنفرج الأزمة إذا ما أخلص الجيش العمل، ورجاله المخلصين من غير القادة الفاسدين قادرون على ذلك. أما إذا ما خاب الأمل وفشل السيسي تماما فاستنسخ نظام مبارك فإن الآراء عندئذ تتحد، ونستجمع أنفاسنا لثورة أخرى تكون أكثر وعيا وتجربة فتقيم المشانق الفورية بدلا من المحاكمات الوهمية.


هذه المدونة

هذه المقالات كتبت على مدى ثلاثة عقود وهي أصلح ما تكون في سياقها التاريخي، فمثلا مقالي عن الحجاب المكتوب في ثمانينيات القرن الماضي يصف من ترتديه بضيق الأفق لأن تلك الغربان كانت أعدادها قليلة، أما اليوم فإن من ترتدي ذلك الزي السخيف لا يليق وصفها بضيق الأفق إذا ما كانت مكرهة على لبسه خوفا مما قد تعانيه من مشاكل في مواجهة الغوغاء الذين يريدون فرض هذا الزي الوهابي بالقوة بحجة أنه "فرض عين" أو أنف أو أذن، وأن من واجبهم تغيير المنكر بأيديهم مفترضين أن نساء القاهرة الجميلات كن كافرات في الخمسينيات والستينيات، وأن ذلك أهم من القضاء على حسني مبارك وعصابته ممن أودوا بمصر إلى التهلكة.


أرشيف المدونة الإلكترونية

من أنا

ملبورن, فيكتوريا, Australia
أنا واحد من آلاف المصريين الذين فروا من الدولة الدكتاتورية البوليسية التي يرأسها السوائم ولا يشارك في حكمها سوى حثالة أهلها من اللصوص والمرتزقة والخونة وينأى الأشراف بأنفسهم عن تولى مناصبها الوزارية.