إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

هذه المقالات تعكس المأساة التي عاشتها مصر ابتداء بالدكتاتور الأول جمال عبد الناصر - الذي انتزع السلطة من سيده محمد نجيب - وانتهاء بالحمار المنوفي الغبي اللص محمد حسني مبارك. وأخيرا عملية تدمير مصر تحت حكم الصهيوني الحقير بلحة بن عرص المعروف أيضا باسم عبد الفتاح السيسي English blog: http://www.hegazi.blogspot.com

الخميس، 17 يوليو 2008

يوم تقوم ساعة الوطن

أصبح التسول سياسة رسمية للحكومة المصرية، ففي مقابل 2 بليون دولار سنويا كان علينا إرسال المرتزقة لتنفيذ المخطط الأمريكي بالعراق في عام 1991، وعلينا أن نتقبل اليوم الاحتلال الأمريكي للعراق وأن نتغنى بمحاسنه الديمقراطية، وعلينا أن نطبع العلاقات مع العدو الصهيوني الذي يقوم بقتل الفلسطينيين وسرقة المزيد مما تبقى من وطنهم المسلوب . بل وعلينا الإسهام في الحديث الأجوف عن ضرورة استئناف مباحثات السلام الوهمي، وألا نعترض على التصنيف الأمريكي الذي يضع المقاومة الفلسطينية المشروعة لقراصنة اليهود على قوائم الإرهاب. وخوفا من أن تنتزع القوى الوطنية كرسي الحكم من دولة العسكر كان علينا أن نعلن شراكتنا في محاربة "الإرهاب والقباب" فأمريكا ترى أن الإرهاب ينبع من تحت قباب المساجد ومناهج التعليم الديني الإسلامي، ويبدو أن والي مصر قد يتلقى تعليمات من أسياده بواشنطون بضرورة إضافة خلاصة التلمود وعصير التوراة إلى الطبخة الجديدة من برامج التربية الدينية الإسلامية، ولعله يتلقى أيضا تعليمات بوجوب الضغط على الكنيسة القبطية لإحلال العهد القديم المحسن محل الأناجيل القديمة التي لا تتمشى مع الروح اليهودية للعصر، وعلى الجميع أن يعلم أن الله وأن المسيح قد فضلا بني إسرائيل على العالمين في كل زمان ومكان مهما فعلوا، لأن الله لا يمكن أن يغضب على أبنائه المدللين، وربما كان من الأفضل أن يصدر قرار جمهوري بأن اسم الجلالة الرسمي في كافة التعاملات والبروتوكولات سوف يتم تغييره ليصبح "يهوا"، وأن على المسيح أن يتوارى وراء الكواليس لأن المصلوب يجب عليه أن يلتزم الصمت.

منذ قيام الانقلاب العسكري في يوليو 1952 بدأت عملية تدريجية - قد تكون بدايتها غير مقصودة - لتدمير الاقتصاد المصري، فأخذت مصر تنزلق على طريق التدهور في كافة الميادين. ساهمت حكومات العسكر المتعاقبة والنظام المتخلف - الذي رسخ مبدأ تحول رئاسة الجمهورية إلى ما يشبه الملكية المؤبدة - في تعميق سياسات التخلف الاقتصادي والاجتماعي، حتى وصلنا مرحلة الاعتماد على تسول المعونة الأمريكية المشروطة بالتبعية والذل. لقد أصبحت مصر الآن على رأس مجموعة خبراء تطوير وسائل الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وربما وضعنا التاريخ في دار عرض أفريقية لكي تتعلم منا كافة الدول الأفريقية الناهضة كيف يكون الفشل وسوء الإدارة والاستسلام للنفوذ الأجنبي حتى يتم تشكيل حياة جديدة تطمس القوميات.

لقد وصل تبجح حاكم وحكومات العسكر المتعاقبة مداه، وبقدر ما رفعت تلك الحكومات من قدر حماة السلطة الدكتاتورية بقدر ما خفضت من قيمة المواطن المصري واستباحت عرضه وحريته ومستقبل أبنائه. كلما جاء عسكري جديد اتهم سلفه بأنه خلف وراءه تركة مثقلة، فيزيدها ثقلا بالتغاضي عن أعمال السلب والنهب لعصابته الجديدة. سكت الناس واستكانوا لطول حكم عصابة واحدة عملا بالمثل السلبي "حرامي شبعان خير من حرامي جوعان". لكن ما فات الناس هو أن اللص عندنا لا يشبع ويتحول من مليونير إلى بليونير وتتحول القصور الخاصة إلى مستعمرات خاصة تحيط بها الأسوار والحرس الخاص. وينطبق علينا المثل القائل "إذا كان رب البيت للشعب ضارب فشيمة أهل البيت اللطش". ورب البيت هذا "تنح" لا يشعر بكراهية الناس ولا يود ترك الكرسي لنظام ديمقراطي يسمح بإزالة المخلفات التي تراكمت عبر نصف قرن من الخراب والدمار القومي، لكي يتحرر الإنسان المصري من الذل والاستعباد والعبث بمقدراته، وليبدأ الوطن في استغلال طاقات أبنائه المعطلة وإمكانياته الاقتصادية الهائلة فيحسن إدارتها ويصل بها إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي بدلا من التسول والخضوع للعدو الصهيوني الأمريكي. لن يتم ذلك إذا استمرت إدارة الوطن باللصوص والأذناب في ظل نظام دكتاتوري لا يجتذب سوى اللصوص.

مصر في حاجة ملحة إلى حكومة وطنية ورئيس جمهورية شاب مثقف واع وعاقل - من غير نسل مبارك - يختاره الشعب في انتخابات حقيقية ولا يسمح له بالترشيح للانتخاب سوى فترتين. أما الرئاسة المؤبدة والعبث بالدستور لتقنين الاستمرار فإنها تكرس الفساد وعدم القدرة على مراجعة السلطة أو مساءلتها أمام مجالس نيابية حقيقية. فظاهرة الفساد واستغلال النفوذ تنمو في ظل استمرار السلطة الدكتاتورية وغياب الانتخابات الحقيقية فيمتد الفساد من القمة إلى أسفل هرم السلطة المطلقة.

مصر في حاجة إلى استقلال القضاء وأن تكون أعلى السلطات القضائية بالانتخاب من بين رجال القضاء أنفسهم يختارون قائدهم، وأن يكون راتب كبير القضاة أكبر من راتب رئيس الجمهورية كما هو الحال بالدول الديمقراطية، وأن تقوم قيادات القضاء بمحاسبة انحراف أعضائها من القضاة، وبذلك تختفي ظاهرة القاضي المرتشي التي نشأت بعد "مذبحة القضاء" الشهيرة التي قام بها عبد الناصر سامحه الله. مصر في حاجة إلى صحافة حرة تكشف بؤر الفساد والانحراف ليقوم القضاء بتقويمها، وليست في حاجة إلى ببغاوات تردد ما تريده القيادة الدكتاتورية وأذنابها من اللصوص والمرتشين وتجار المخدرات.

نحن في حاجة إلى التغيير السريع قبل أن تندلع ثورة لا تبقي ولا تذر، وإذا كانت العصابة الحاكمة تظن أن الأمر مستتب بالسجن والقهر والتعذيب فإن الصورة الحقيقية ليست كذلك، لأن الشعوب لا تقهر بالبطش والتنكيل والتاريخ حافل بالأمثلة. مصر الآن على فوهة بركان ينفث غازات تنتظر الشرارة. عندها لا ينفع الندم ولا تحمي القصور المشيدة أو المروحيات المجهزة للفرار. على العصابة الحاكمة أن تفهم أن غياب الأحزاب والمؤسسات السياسية قد خلق تلاحما تدريجيا بين التيار الديني وكافة القوى الوطنية الأخرى التي فقدت هياكلها التنظيمية منذ عهد عبدالناصر. مثل هذا التلاحم الصحيح الأمين يزداد مع الأيام قوة وينصهر في بوتقة وطنية واحدة ويشد إليه الأغلبية الصامتة التي تزداد وعيا وإدراكا لمدى عقم النظام الدكتاتوري وأضرار التبعية الاقتصادية والسياسية للعدو الأمريكي الصهيوني.

لقد انتهى تأثير التهريج الإعلامي عن طريق وسائل الإعلام الحكومية وعاد الوعي للشعب المصري العريق بالانفتاح على الإنترنيت والفضائيات الأجنبية كوسيلة رئيسية للحصول على المعلومات ومقارنة حالنا بحال غيرنا من الدول. ثم جاء ضرب أفغانستان والعراق والتنكيل الصهيوني بالشعب الفلسطيني أدلة واضحة تكشف قصور نظام الحكم المصري والنظم العربية المشابهة. فالويل الويل لمن يقف ضد التيار الوطني الذي يعمل ويعتمل في ثورة مكتومة تحت السطح الساكن الهادئ. والويل الويل من الطوفان الجارف يوم تقوم ساعة الوطن.

ليست هناك تعليقات:

هذه المدونة

هذه المقالات كتبت على مدى ثلاثة عقود وهي أصلح ما تكون في سياقها التاريخي، فمثلا مقالي عن الحجاب المكتوب في ثمانينيات القرن الماضي يصف من ترتديه بضيق الأفق لأن تلك الغربان كانت أعدادها قليلة، أما اليوم فإن من ترتدي ذلك الزي السخيف لا يليق وصفها بضيق الأفق إذا ما كانت مكرهة على لبسه خوفا مما قد تعانيه من مشاكل في مواجهة الغوغاء الذين يريدون فرض هذا الزي الوهابي بالقوة بحجة أنه "فرض عين" أو أنف أو أذن، وأن من واجبهم تغيير المنكر بأيديهم مفترضين أن نساء القاهرة الجميلات كن كافرات في الخمسينيات والستينيات، وأن ذلك أهم من القضاء على حسني مبارك وعصابته ممن أودوا بمصر إلى التهلكة.


أرشيف المدونة الإلكترونية

من أنا

ملبورن, فيكتوريا, Australia
أنا واحد من آلاف المصريين الذين فروا من الدولة الدكتاتورية البوليسية التي يرأسها السوائم ولا يشارك في حكمها سوى حثالة أهلها من اللصوص والمرتزقة والخونة وينأى الأشراف بأنفسهم عن تولى مناصبها الوزارية.