المجلس العسكري فاقد للشرعية ومعادي للثورة
يستخدم القمع والتضليل الإعلامي:
محاكمات صورية بالتصوير البطيء للمجرمين، ومحاكمات عسكرية سريعة للمدنيين. في الوقت الذي تصدر فيه أحكام عسكرية بالمؤبد والإعدام، أحد المحكوم عليهم قاصر، تتزايد الأخبار عن إخلاء سبيل فتحي سرور ثم زكريا عزمي، ثم سوزان مبارك، وإشارات لطلب مبارك "العفو". ثم تليها أنباء عن تكذيب، أو تبرير، أحد تلك الأخبار، إنها تقوم بدور بالونات الاختبار لردود أفعال الناس، وفي الوقت نفسه شغلهم بأخبار وتفاصيل وتوجيه تفكيرهم إليها.
هل من المصادفة أن يأتي ذلك في اليوم التالي للعملية البشعة التي تعاونت فيها الشرطة والجيش لقمع المتظاهرين أمام السفارة الإسرائيلية؟ في حين يخرج مانشيت الأهرام - التي لا تستطيع الحياة بدون "سيد" تنافقه - لتعلن أن "الاقتصاد في خطر"، بينما خبر القمع في ذيل الصفحة وبصياغة تدين المتظاهرين بالطبع ولا تكشف عن حجم الضحايا. وقبل ذلك بأيام يندلع حادث طائفي بالطريقة النمطية القديمة نفسها، "إشاعة عن فتاة مسيحية أسلمت"... يسقط خلاله شهداء، ويهاجم البلطجية المظاهرات المطالبة بالقصاص العادل، وكل ذلك تحت سمع وبصر المجلس العسكري. بينما يتم الإعلان عن تأجيل الانتخابات دون سبب. في حين يتركون الحبل على الغارب للسلفيين والإخوان لينشروا دعايتهم (هم فقط) في كل مكان تحت رعاية "المجلس العسكري" الحاكم الجديد. و تصدر الاتهامات المباشرة لليسار بأنه يقوم بالتحريض، لدرجة تهديد المناضلة عايدة سيف الدولة، بالتشويه بمياه النار، لو تكرر نقدها للمجلس العسكري. وفي جميع الأحوال علينا أن نغرق في التفاصيل.. وتفاصيل التفاصيل، وننشغل بما تمتلئ به القنوات الحكومية وغير الحكومية بمسلسلات وأفلام على غرار جمعة الشوان ورأفت الهجان... ورد قلبي...!
القمع جنباً إلى جنب مع البوق الإعلامي، كأنه تكرار لما قام به الضباط الأحرار، حينما قاموا بقمع الحركة العمالية، وإعدام العاملين محمد مصطفى خميس (وهو قاصر أيضا) ومحمد عبد الرحمن البقري، وتأجيل وعودهم بالعودة للثكنات، ثم تأميمهم للحياة السياسية، وتكوين جهاز دعائي ضخم يسيطر على كل ما يقرأه ويسمعه ويشاهده الجمهور.
المجلس العسكري، الذي يبني شرعيته تاريخيا بانتصار الجيش المصري على إسرائيل، وفي الفترة الأخيرة بزعمه حماية الثورة، يفقد ببساطة تلك الشرعية المزعومة، عندما يقمع بوحشية ثوار مصريين من أجل حماية "السادة" الإسرائيليين(!). وهو يؤكد بذلك واقع أن الطريق إلى عرش مصر، يكون بمباركة أمريكا وإسرائيل.
إن كان المجلس العسكري، وجهاز الأمن القومي، الذي تتواجد عناصره في كل المظاهرات، غير قادران على القيام بالدور الذي يُفترض، جدلا، أن يقوما به، وهو "الأمن القومي" وغير قادران على معرفة سبب إشعال الفتنة، بينما يتفرغ المجلس العسكري للقمع والاعتقال والمحاكمات العسكرية، فليذهب إلى حيث أتى، وليكف عن الحديث عن المخاطر والمؤامرات، والاقتصاد الوطني، وعجلة الإنتاج التي لا تدور إلا بعرقنا ودمائنا. ولينفذ وعوده التي قطعها عندما قام على أكتاف الثوار، بتسليم الحكم إلى سلطة مدنية.
لا عسكرية ولا طائفية.
مركز الدراسات الاشتراكية
تعليق
بقلم: محمد عبد اللطيف حجازي
قد نوافق أو لا نوافق على حرفية المكتوب أعلاه ولكن هناك دلائل شديدة الوضوح على أن هناك خطأ ما، وأن هناك خطورة شديدة على الثورة المصرية العظيمة التي أشاد العالم بأسلوبها وما حققته من نجاح ضد جحافل الخيانة والفساد التي كادت تدمر كل ما يقف في طريقها. هذه الخطورة سببها بلا شك هو الأسلوب الحالي لإدارة الدولة المصرية.
كان بديهيا ضرورة إعدام مبارك والعادلي وصفوت الشريف بدون محاكمة في ميدان التحرير يوم 25 يناير 2011 بعد أن يتم جر مبارك من قفاه من معقله بشرم الشيخ ودك قصره إذا قاوم. بعدها يلوذ جرذان أمن الدولة بالجحور ويتم القبض على كبارهم ومحاكمتهم في محاكمات عسكرية سريعة تؤدي إلى إعدام أشدهم وحشية، ويتم خلال ذلك تتبع سلسلة من أعطى الأوامر ومن داس على الزناد فتسبب في اغتيال ألف شهيد وإصابة عدة آلاف بعاهات، وإعدام هؤلاء المجرمين بعد محاكمة عسكرية سريعة.
لكن أيا من ذلك لم يحدث، وحدث بدلا منه تلك المحاكمات الهزلية التي فهم الجميع المراد منها، وهو إلهاء الناس إلى أن ينطفئ الحماس الثوري ويمل الناس من المظاهرات ويتم في هدوء تصفية شباب الثورة بنفس الأساليب القديمة.
الفرصة ما زالت أمام المجلس العسكري، وليعلم أن شعب مصر الثائر لن يهدأ قبل إعدام مبارك والعادلي والشريف. كلنا نعلم أن كافة الرتب العالية بالجيش ملوثة ماديا، لكن الشعب على أتم الاستعداد لأن يغفر إذا تأكدت الوطنية والرغبة في دفع البلاد إلى بر الأمان، والبداية الحتمية ببساطة هي سرعة إعدام مبارك والعادلي والشريف والمحاكمة الجدية لبقية أفراد العصابة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق