(صوتك في عالم أسكتت فيه الصهيونية والحديد والنار صوت العدالة)
السيطرة اليهودية ليست "نظرية مؤامرة"
محمد عبد اللطيف حجازي - استراليا
[الأخوة القراء، لقد عممت نشرة الصوت العربي الحر خلال الأشهر الماضية عدداً من المقالات والأوراق التي تعالج العلاقة بين اليهود والدول الغربية بإمكانكم أن تجدوها موزعة في ثنايا الزوايا المختلفة من القسم العربي لنشرتنا. وقد اختلفت هذه المقالات في رؤيتها لهذه العلاقة ما بين اعتبار اليهود القوة الأساسية واعتبار الغرب مجرد قوة تابعة، وما بين اعتبار العكس، أي اعتبار اليهود قوة تابعة من خلال الحركة الصهيونية للمصالح الغربية الاستعمارية القديمة والحديثة، وما بين محاولة إيجاد تفسير أكثر دقةً يعطي وزناً مناسباً لكل من اللوبي اليهودي والامبريالية في علاقتهما المعقدة خاصة ضمن سياق القفزة النوعية التي طرأت في التسعينات من القرن العشرين على مواقع اللوبي اليهودي في الإدارة والإعلام الأمريكيين. وتتبنى نشرة الصوت العربي الحر وجهة النظر الأخيرة التي لا تتعامل مع أي من الطرفين كطرف بريء مسير دون إرادته من الطرف الأخر، مع اعتبار الامبريالية هي الأساس، واعتبار الحركة الصهيونية أكثر من قاعدة صغيرة للامبريالية في فلسطين، بل شريك صغير في النظام الدولي الجديد. وتأتي المقالة أدناه لتنادي بمدرسة أولوية الهيمنة اليهودية في الغرب. وسوف تجدون أنها تعالج ضمن ذلك السياق الاضطهاد الذي تعرض له مؤخراً أرنست زندل أحد المؤرخين المراجعين في أمريكا، وقضايا الخصخصة والعولمة من زاوية فائدتها للسيطرة اليهودية. ونحن وإن كنا لا نعتقد بأولوية السيطرة اليهودية كمحرك للسياسة الامبريالية، فإننا لا نخاف من بحث هذه السيطرة، ولو من زاوية تكاملها مع السيطرة الامبريالية، ومن زاوية إفساح المجال للتعبير عن وجهة نظر مشروعة – الصوت العربي الحر].
لولا اليهودية ما كانت الصهيونية ولو كان من بين اليهود حقا من يعادي الصهيونية لما بقيت "إسرائيل" ولسمعنا أصواتهم عالية تشرح عنصرية الصهيونية وتفند جرائمها، لكن ما تسمعه من عداء بعض اليهود للصهيونية لا يتعدى بعض الأسماء المسجلة لجمعيات هزيلة مثل "اليهود المعادون للصهيونيةJews against Zionism " وبعض الأصوات الخافتة لكتاب مثل نعوم تشومسكي أو روبرت فسك من الذين ينددون بالممارسات الإسرائيلية لكنهم لا يعادون مفهوم الصهيونية ذاته وعدم شرعية إقامة الدولة الصهيونية على أرض فلسطين. هذه الأمور الشكلية من ادعاء بعض اليهود معاداتهم للصهيونية ليست إلا من قبيل توزيع الأدوار وإضفاء الشكل الديمقراطي وحرية الفكر والتعبير على الشعب اليهودي، لكنهم في الخفاء يد واحدة. ويخطئ من يعتقد بأنه يستطيع أن يضع يده بيد يهودي لمقاومة الصهيونية، فهذا هو نفس الخطأ الذي أدى إلى نجاح الطابور الخامس اليهودي في تدمير ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية.
لو فهم الناس هذا الأسلوب اليهودي المراوغ لما سقطت حكومات الغرب فريسة سهلة لليهود منذ عصر روسيا القيصرية إلى عهد أمريكا "البوشية"، فاليهود على رأس الأحزاب الرئيسية جميعها ويشغلون أهم المناصب الرئيسية بشتى الدوائر الحكومية ويزحفون بصبر وإصرار إلى كل مناصب السلطة والتأثير بكافة التنظيمات والتجمعات بما في ذلك الجمعيات الخيرية واتحادات العمال، ناهيك عن ملكيتهم المطلقة لكل وسائل الإعلام.
يسعى اليهود اليوم إلى إخراس كل صوت يندد بهم ويكشف أساليبهم وهم يقفون بالمرصاد لمراجعي التاريخ revisionists الذين يدركون أساليب اليهود في تحويل الأكاذيب التاريخية إلى حقائق، وعلى رأس تلك الأكاذيب القول بأن ألمانيا النازية كانت تحرق اليهود بأفران البيتزا وتصنع الصابون من دهون أجسادهم.
أسلوب اليهود في السنوات الأخيرة هو جر معارضيهم إلى دهاليز المحاكم الكئيبة بالدول الغربية حيث تمتد المحاكمات لسنوات تجهد المعارض ماديا ومعنويا، وغالبا ما يكون الجالس على منصة القضاء يهوديا يقوم بتمثيل دور العدل أثناء سعيه لتمكين اليهود من الفريسة. تلك الفريسة التي غالبا ما تكون من بين المفكرين والأكاديميين محدودي الدخل، من الذين تتشتت جهودهم بين السعي لكسب العيش وتدبير تلك الأمور القضائية المجهدة. وعادة ما ينتصر اليهود في النهاية لأن صبرهم اللئيم وتمويلهم المادي لا حدود لهما. كما أن المتهم غالبا ما يقوم بالدفاع عن نفسه دون محام فيقع في أحابيل الشكليات القضائيةlegal technicalities التي لا تخضع للمنطق وقد شاهدنا ذلك في حالات كثيرة منها حالة المؤرخ دافيد إرفنج الذي أشهر إفلاسه المادي بعد أن خسر جولته القضائية مع الخبث اليهودي.
كان الناشط الألماني إرنست زندل آخر ضحايا اليهود. كان زندل قد هاجر من كندا إلى أمريكا اعتقادا منه بأن أمريكا هي ملاذ الديمقراطية وملجأ حرية التعبير، فإذا به يجد نفسه بالسجن متهما في قضية ملفقة تتهمه بمخالفة قانون الهجرة الأمريكي. وسوف يواجه زندل محاكمة غالبا ما يكون المدعي فيها يهوديا والحكم فيها لقاض يهودي. وزندل هو أحد مراجعي التاريخ الألمان الذين وهبوا حياتهم لتبرئة ألمانيا من الأكذوبة التاريخية الكبرى، أكذوبة "الهولوكوست Holocaust" (المحرقة) التي يدعي اليهود بها زورا وبهتانا أن النازي أحرقوا ستة ملايين يهودي في أفران الغاز الوهمية التي أنشأها الخيال اليهودي بعد الحرب العالمية الثانية بعشرات السنين، وقد ثبت تاريخيا أن ذلك "الهولوهوكس Holohoax " كان على حد قول مراجع التاريخ آرثر بتز "أكذوبة القرن العشرين".
أخطر المخططات اليهودية العالمية اليوم هو نشر البطالة والكساد الاقتصادي بحيث يصبح معظم الناس مشغولين بالجري وراء لقمة العيش فيغفلون عن سعي اليهود لاستعباد البشرية.
أخطر الوسائل اليهودية للوصول إلى ذلك هو نغمة "العولمة globalisation" و "اقتصاد السوق الحر free market economy" وبيع المؤسسات العامة للقطاع الخاص privatisation" .
نغمة العولمة والسوق الحر تقول بأن العالم يجب أن تزول به الحواجز الجمركية فيصبح سوقا واحدا تخضع البضائع فيه للعرض والطلب فتنخفض أسعارها بما يخدم الجميع. والحقيقة هي أن ذلك وهم باطل لأن تلك الحرية الوهمية تخضع السلعة فيها لمستورد يهودي بالدولة المستوردة للسلعة ومصدر يهودي بالدولة المصدرة للسلعة وإن كنت بإحدى دول الخليج مثلا فإن الموزع الرئيسي الذي يحتكر توزيع السلعة يكون أيضا يهوديا. كما أن ذلك يدعو إلى الإمعان في خفض تكلفة الإنتاج عن طريق خفض تكلفة العمالة فيزداد العامل الفقير فقرا. أما الصحيح من الناحية الاقتصادية فهو أن الدول الفقيرة يجب عليها أن تحمي صناعتها من منافسة غير متكافئة عن طريق فرض الرسوم الجمركية على السلع المنافسة ثم يتم إنفاق عائد تلك الرسوم على برامج التأمين الصحي والاجتماعي.
السلاح اليهودي الأشد فتكا هو بيع مؤسسات القطاع العام (الخصخصة) أي أن تقوم الحكومات بالتخلي عن مسئولياتها ببيع وسائل الإنتاج والمؤسسات الاستراتيجية ومؤسسات الخدمات العامة الأساسية – كالمواصلات والهاتف - للشركات والمصالح الخاصة. نتيجة ذلك بالدول الفقيرة هو أن الدولة تفقد سيطرتها على الخدمات الاستراتيجية مثل الصناعات الثقيلة الناشئة ووسائل المواصلات وكل ما يتعلق بالخدمات لكي تصبح الحكومات بعد ذلك ألعوبة في يد الشركات الكبرى التي تصبح في موقف قوة يملك تغيير السياسات والحكومات. لقد استمرأت الحكومات الفاسدة ذلك لأن بيع مؤسسات القطاع العام يحوط به فساد وسرقة للمال العام يسمح لأفراد العصابات الحاكمة بالثراء السريع وأوضح مثال لذلك هو بيع مؤسسات القطاع العام الحكومية المصرية لليهود المتنكرين بجنسيات أمريكية وأوربية بأبخس الأسعار. وكان الأصوب هو تحديث تلك المؤسسات وتحسين إدارتها بعيدا عن الفساد التقليدي. لكن ذلك طبعا بعيد المنال في ظل نظم الحكم الفاشية اللعينة التي ابتلينا بها في العالم العربي.
أما “الخصخصة” بالدول الغربية فقد نتج عنها انحطاط مستوى الخدمات حيث تعزف الشركات الخاصة عن الإنفاق فلا يتم تجديد وسائل الإنتاج الثقيلة مثل محولات محطات القوى الكهربائية والقطارات وقد سمعنا مؤخرا عن فشل محطات إنتاج الكهرباء الأمريكية وحوادث القطارات الإنجليزية ومشاكل السجون الخاصة الأسترالية.
خلاصة القول أن المخطط اليهودي العالمي قد أدى إلى تفكك الوسائل التقليدية للحكم بالدول غنيها وفقيرها فاتسعت الهوة بين الحاكم والمحكوم مما أدي إلى التوتر والبلبلة وزحف اليهود إلى سلطة اتخاذ القرار، ورأينا أمريكا تخطط للهجوم على العراق ومعها حكومات عربية ترحب بجنود الغزو وأخرى تحث العراق على "التعاون" مع قوى الشر والعدوان بدلا من الصمود ورفض القرصنة اليهودية الدولية.
أوضح دليل على هذا الخلل بدول الغرب هو المظاهرات التي قامت تأييدا للعراق ورفضا للعدوان الأمريكي والتي لم يشهد العالم لها مثيلا في حجمها أو تمثيلها لكافة قطاعات الشعوب. لقد كنت في إحدى تلك المسيرات بمدينة ملبورن الأسترالية وكان معظم من رأيت من الناس مثلي يمشون للمرة الأولى بمسيرة سياسية . كنا جميعا نمثل الأغلبية الصامتة ومع ذلك فإن رئيس الوزراء الأسترالي "جون هوارد" وقف متبجحا يدعي أن المسيرات قام بها الغوغاء وأن الأغلبية الصامتة بقيت في بيوتها. بمثل هذا التبجح وقف رئيس الوزراء البريطاني "توني بلير" ليقول بأنه لن يتأثر بالمظاهرات لأن عليه "واجب أخلاقي" لتجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل. هو لا يأبه بأن لندن قد شهدت أكبر مسيرة في تاريخها كله حيث بلغ العدد الحقيقي للمتظاهرين مليونين أو يزيد من الرجال والنساء والأطفال.
ما ذكرته أعلاه يا سيدي القارئ يسخر منه اليهود والمخدوعون فيسمونه "نظرية المؤامرة conspiracy theory" وأكون طبقا لمسمياتهم من المؤمنين بنظرية المؤامرة conspiracy theorist لكنني أقول لليهود وللمخدوعين بأقوال اليهود أن المؤامرة واقع يحيط بنا ونلمسه جميعا ويتكشف لنا يوما بعد يوم. لقد أدت تلك المؤامرة إلى ذلك الفجور الذي واجهت به بعض الحكومات الغربية الخاضعة للنفوذ اليهودي شعوبها التي خرجت إلى الشوارع تستنكر نية الحكومة اليهودية الأمريكية ضرب العراق وتجاهلها التام لأسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها إسرائيل. لقد وقف أحد أساتذة الجامعات الإسرائيلية مؤخرا يقول متبجحا بأن لدى إسرائيل صواريخ ذات رؤوس نووية موجهة إلى كل العواصم الأوربية لن تتردد إسرائيل في استخدامها إذا تهددها الفناء. المؤامرة يا سيدي يهودية وهي قطعا ليست مجرد نظرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق