الصهيونية العالمية تمتلك الحكام العرب الذين يقومون دوما بتلطيخ وجه إسرائيل بالأصباغ على شاشات وصفحات الإعلام الحكومي في عملية تجميل يائسة لم تفلح في تغيير صورة وجه إسرائيل القبيح . لم تفلح محاولات المرتزقة من الحكام العرب في تغيير ضمير الأمة العربية وقد فشلت تماما كل محاولات "التطبيخ" والتطبيع لأنها ضد تيار الحق والعدل وعروبة الوطن العربي الذين يحاولون أمركته وتهويده بشتى الطرق .
لقد غيرت انتفاضة الشعب الفلسطيني كل الحسابات "المكلفتة" حتى بالولايات المتحدة ذاتها حيث يضيق الخناق على أنصار الكيان الصهيوني الذي تحاصره الحقائق المفضوحة على أرض الواقع فلا يفيد معها التلفيق والتمويه . لم يعد بإمكان الصهاينة تحديد مجرى النقاش وحصره في مظاهر "العنف الفلسطيني" بديلا عن مناقشة عدم شرعية الاحتلال .
كان الإعلام الصهيوني يحصر "مشكلة الشرق الأوسط" في مظاهر "الإرهاب" الفلسطيني والعربي بحيث أن رجل الشارع الأمريكي على سبيل المثال لم تكن لديه أدنى فكرة عن أن احتلال "إسرائيل" لمنطقتي غزة والضفة الغربية لنهر الأردن غير شرعي ومخالف للقانون الدولي . رجل الشارع الأمريكي يقبل البلطجة ومخالفة الشرعية الدولية إذا كان الفاعل هو الولايات المتحدة وكانت النتيجة هي خفض سعر بترول سيارته ، لكنه مهما بلغ به الغباء قد يفكر في مدى جدوى إنفاق المال على دولة "إسرائيل" التي أقنعوه بأنها الحليف الوحيد والممثل الشرعي للبلطجة الأمريكية في بلاد العرب "الهمجيين" الذين أعطتهم الطبيعة نفطا لا يستحقونه.
لم يعد بالإمكان التغطية على عدد القتلى والجرحى من الفلسطينيين وثلث عدد الضحايا دون الخامسة عشر. لم يعد بالإمكان التمويه على الجانب الهمجي للنظام الصهيوني العنصري الذي يحاول تكريس الاحتلال على أساس وهمي من أساطير التوراة ، فالله لم يعط أحدا صكوك ملكية لأي جزء من أجزاء الأرض . وإنما خلق البشر - سبحانه وتعالى - سواسية لكي يعمروها ويبتغوا منها رزقا لأنفسهم دون أن يجور أحد على أحد فيستحل الأرض والنفس التي حرم الله إلا بالحق.
كان اليهود بالولايات المتحدة يمسكون بزمام الموقف الإعلامي ويوجهون النقاش كيف شاء ضلالهم ، أما اليوم فإنهم يواجهون طوفانا إعلاميا مضادا على الشبكة الدولية (الإنترنت) اضطرت معه وسائل الإعلام التقليدية إلى محاولة كسب بعض المصداقية بإظهار نوع من التوازن في النقاش وسرد المعلومات الدقيقة عما يجري على أرض فلسطين المحتلة.
كان العرب دوما ممثلين على شبكات التلفاز الغربي بوجوه غريبة تصرخ وتتهته بالإنجليزية بصورة مقززة وجهل فاضح لا يخدم إلا الصهاينة الذين حرصت شبكات التلفاز الغربية على انتقاء من يمثلهم من بين أكثر اليهود حنكة وقدرة على التعبير وقلب الحقائق . أما اليوم فإن الصورة تختلف تماما ، فحينما يظهر مسئول فلسطيني أو سوري أو عراقي على شاشة غربية تجده يتحدث في رصانة وقدرة على عرض القضية بصورة تهزم أشد مقدمي البرامج خبثا وتعاطفا مع اليهود . بل إنه قد ظهرت في الآونة الأخيرة طبقة جديدة من مقدمي البرامج الغربيين - وخاصة الإنجليز على محطات البث البريطانية BBC - يتعاطفون مع الفلسطينيين ويحاورون اليهود بصورة توضح إفلاسهم وتعري حججهم الزائفة. لم يعد بإمكان اليهود تبرير عمليات "العقاب الجماعي" لشعب محتل في همجية يرفضها القانون الدولي تماما ويجرمها ميثاق الأمم المتحدة بوضوح لا يقبل الجدل. لم يعد بالإمكان التغطية على نسف المنازل واقتلاع أشجار الزيتون واحتلال المنازل المتاخمة للمستوطنات الاستعمارية مع إرغام سكانها على البقاء بها لتوفير الحماية لجنود الاحتلال من يد المقاومة الفلسطينية. لو حدثت تلك الأمور من عشرة سنوات فقط لتم التعتيم عليها . لكن الشبكة الدولية التي تنقل الصوت والصورة إلى شاشة الحاسوب قد جردت اليهود من ورقة التوت.
لم يعد بإمكان اليهود التمويه واستخدام تعبيرات مضللة مثل "وقف إطلاق النار" وهي تعبيرات ترددها صحافتنا الحكومية في بلاهة ، بينما يتصدى المحللون الغربيون لها موضحين أن المقاومة الفلسطينية ليست جيشا نظاميا يمكن أن تعقد معه اتفاقا لوقف إطلاق النار . كيف تعقد اتفاقا لوقف إطلاق النار مع أطفال يقذفون الحجارة؟ كيف تعقد اتفاقا لوقف إطلاق النار بين شعب محاصر وجيش احتلال عنصري استعماري من "أبناء الله"؟ حاشا أن يكون لله أبناء ، وخاصة إن كانوا عاقين مجرمين من تلك النوعية المنحطة.
لقد انتهى شهر العسل الإعلامي ولم يعد بإمكان الذئاب أن تلقي اللوم على الضحايا . لم تعد نغمة "العنف الفلسطيني" تصلح لتبرير ضرب الصغار بالذخيرة الحية وضرب البيوت بالقنابل ، لم يعد بالإمكان صرف الأنظار عن عدم شرعية الاحتلال والتركيز على محاولة دمغ وسائل المقاومة واتهامها بالعنف ، فالمقاومة بشتى صورها شرعية بينما الاحتلال الصهيوني غير شرعي ، لقد أعطى المجتمع الدولي لإسرائيل شرعية لا تستحقها ، لكن استمرار احتلال الأراضي التي مكنتها منها الولايات المتحدة قد أسقط القناع عن وجه إسرائيل القبيح.
وكما اندحرت الدولة العنصرية في جنوب أفريقيا وهي في قمة جبروتها فإن إسرائيل سوف تندحر . ولولا خسة وجبن النظم العربية لما بقيت إسرائيل حتى الآن. فليس المطلوب سوى المقاطعة الاقتصادية ووقف التطبيع لكي نفرض العزلة التامة على ذلك الكيان الصهيوني العنصري الكريه. لكن وطننا العربي قد عز فيه الرجال ولم يبق به اليوم سوى إمعات فوق عروش وكراسي مهتزة ، يحاولون شراء الوهم أو بيعه بينما الغشاوة تنقشع والحقيقة تزداد وضوحا يوما بيوم.
هذه المقالات تعكس المأساة التي عاشتها مصر ابتداء بالدكتاتور الأول جمال عبد الناصر - الذي انتزع السلطة من سيده محمد نجيب - وانتهاء بالحمار المنوفي الغبي اللص محمد حسني مبارك. وأخيرا عملية تدمير مصر تحت حكم الصهيوني الحقير بلحة بن عرص المعروف أيضا باسم عبد الفتاح السيسي English blog: http://www.hegazi.blogspot.com
الخميس، 17 يوليو 2008
يوم تقوم ساعة الوطن
أصبح التسول سياسة رسمية للحكومة المصرية، ففي مقابل 2 بليون دولار سنويا كان علينا إرسال المرتزقة لتنفيذ المخطط الأمريكي بالعراق في عام 1991، وعلينا أن نتقبل اليوم الاحتلال الأمريكي للعراق وأن نتغنى بمحاسنه الديمقراطية، وعلينا أن نطبع العلاقات مع العدو الصهيوني الذي يقوم بقتل الفلسطينيين وسرقة المزيد مما تبقى من وطنهم المسلوب . بل وعلينا الإسهام في الحديث الأجوف عن ضرورة استئناف مباحثات السلام الوهمي، وألا نعترض على التصنيف الأمريكي الذي يضع المقاومة الفلسطينية المشروعة لقراصنة اليهود على قوائم الإرهاب. وخوفا من أن تنتزع القوى الوطنية كرسي الحكم من دولة العسكر كان علينا أن نعلن شراكتنا في محاربة "الإرهاب والقباب" فأمريكا ترى أن الإرهاب ينبع من تحت قباب المساجد ومناهج التعليم الديني الإسلامي، ويبدو أن والي مصر قد يتلقى تعليمات من أسياده بواشنطون بضرورة إضافة خلاصة التلمود وعصير التوراة إلى الطبخة الجديدة من برامج التربية الدينية الإسلامية، ولعله يتلقى أيضا تعليمات بوجوب الضغط على الكنيسة القبطية لإحلال العهد القديم المحسن محل الأناجيل القديمة التي لا تتمشى مع الروح اليهودية للعصر، وعلى الجميع أن يعلم أن الله وأن المسيح قد فضلا بني إسرائيل على العالمين في كل زمان ومكان مهما فعلوا، لأن الله لا يمكن أن يغضب على أبنائه المدللين، وربما كان من الأفضل أن يصدر قرار جمهوري بأن اسم الجلالة الرسمي في كافة التعاملات والبروتوكولات سوف يتم تغييره ليصبح "يهوا"، وأن على المسيح أن يتوارى وراء الكواليس لأن المصلوب يجب عليه أن يلتزم الصمت.
منذ قيام الانقلاب العسكري في يوليو 1952 بدأت عملية تدريجية - قد تكون بدايتها غير مقصودة - لتدمير الاقتصاد المصري، فأخذت مصر تنزلق على طريق التدهور في كافة الميادين. ساهمت حكومات العسكر المتعاقبة والنظام المتخلف - الذي رسخ مبدأ تحول رئاسة الجمهورية إلى ما يشبه الملكية المؤبدة - في تعميق سياسات التخلف الاقتصادي والاجتماعي، حتى وصلنا مرحلة الاعتماد على تسول المعونة الأمريكية المشروطة بالتبعية والذل. لقد أصبحت مصر الآن على رأس مجموعة خبراء تطوير وسائل الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وربما وضعنا التاريخ في دار عرض أفريقية لكي تتعلم منا كافة الدول الأفريقية الناهضة كيف يكون الفشل وسوء الإدارة والاستسلام للنفوذ الأجنبي حتى يتم تشكيل حياة جديدة تطمس القوميات.
لقد وصل تبجح حاكم وحكومات العسكر المتعاقبة مداه، وبقدر ما رفعت تلك الحكومات من قدر حماة السلطة الدكتاتورية بقدر ما خفضت من قيمة المواطن المصري واستباحت عرضه وحريته ومستقبل أبنائه. كلما جاء عسكري جديد اتهم سلفه بأنه خلف وراءه تركة مثقلة، فيزيدها ثقلا بالتغاضي عن أعمال السلب والنهب لعصابته الجديدة. سكت الناس واستكانوا لطول حكم عصابة واحدة عملا بالمثل السلبي "حرامي شبعان خير من حرامي جوعان". لكن ما فات الناس هو أن اللص عندنا لا يشبع ويتحول من مليونير إلى بليونير وتتحول القصور الخاصة إلى مستعمرات خاصة تحيط بها الأسوار والحرس الخاص. وينطبق علينا المثل القائل "إذا كان رب البيت للشعب ضارب فشيمة أهل البيت اللطش". ورب البيت هذا "تنح" لا يشعر بكراهية الناس ولا يود ترك الكرسي لنظام ديمقراطي يسمح بإزالة المخلفات التي تراكمت عبر نصف قرن من الخراب والدمار القومي، لكي يتحرر الإنسان المصري من الذل والاستعباد والعبث بمقدراته، وليبدأ الوطن في استغلال طاقات أبنائه المعطلة وإمكانياته الاقتصادية الهائلة فيحسن إدارتها ويصل بها إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي بدلا من التسول والخضوع للعدو الصهيوني الأمريكي. لن يتم ذلك إذا استمرت إدارة الوطن باللصوص والأذناب في ظل نظام دكتاتوري لا يجتذب سوى اللصوص.
مصر في حاجة ملحة إلى حكومة وطنية ورئيس جمهورية شاب مثقف واع وعاقل - من غير نسل مبارك - يختاره الشعب في انتخابات حقيقية ولا يسمح له بالترشيح للانتخاب سوى فترتين. أما الرئاسة المؤبدة والعبث بالدستور لتقنين الاستمرار فإنها تكرس الفساد وعدم القدرة على مراجعة السلطة أو مساءلتها أمام مجالس نيابية حقيقية. فظاهرة الفساد واستغلال النفوذ تنمو في ظل استمرار السلطة الدكتاتورية وغياب الانتخابات الحقيقية فيمتد الفساد من القمة إلى أسفل هرم السلطة المطلقة.
مصر في حاجة إلى استقلال القضاء وأن تكون أعلى السلطات القضائية بالانتخاب من بين رجال القضاء أنفسهم يختارون قائدهم، وأن يكون راتب كبير القضاة أكبر من راتب رئيس الجمهورية كما هو الحال بالدول الديمقراطية، وأن تقوم قيادات القضاء بمحاسبة انحراف أعضائها من القضاة، وبذلك تختفي ظاهرة القاضي المرتشي التي نشأت بعد "مذبحة القضاء" الشهيرة التي قام بها عبد الناصر سامحه الله. مصر في حاجة إلى صحافة حرة تكشف بؤر الفساد والانحراف ليقوم القضاء بتقويمها، وليست في حاجة إلى ببغاوات تردد ما تريده القيادة الدكتاتورية وأذنابها من اللصوص والمرتشين وتجار المخدرات.
نحن في حاجة إلى التغيير السريع قبل أن تندلع ثورة لا تبقي ولا تذر، وإذا كانت العصابة الحاكمة تظن أن الأمر مستتب بالسجن والقهر والتعذيب فإن الصورة الحقيقية ليست كذلك، لأن الشعوب لا تقهر بالبطش والتنكيل والتاريخ حافل بالأمثلة. مصر الآن على فوهة بركان ينفث غازات تنتظر الشرارة. عندها لا ينفع الندم ولا تحمي القصور المشيدة أو المروحيات المجهزة للفرار. على العصابة الحاكمة أن تفهم أن غياب الأحزاب والمؤسسات السياسية قد خلق تلاحما تدريجيا بين التيار الديني وكافة القوى الوطنية الأخرى التي فقدت هياكلها التنظيمية منذ عهد عبدالناصر. مثل هذا التلاحم الصحيح الأمين يزداد مع الأيام قوة وينصهر في بوتقة وطنية واحدة ويشد إليه الأغلبية الصامتة التي تزداد وعيا وإدراكا لمدى عقم النظام الدكتاتوري وأضرار التبعية الاقتصادية والسياسية للعدو الأمريكي الصهيوني.
لقد انتهى تأثير التهريج الإعلامي عن طريق وسائل الإعلام الحكومية وعاد الوعي للشعب المصري العريق بالانفتاح على الإنترنيت والفضائيات الأجنبية كوسيلة رئيسية للحصول على المعلومات ومقارنة حالنا بحال غيرنا من الدول. ثم جاء ضرب أفغانستان والعراق والتنكيل الصهيوني بالشعب الفلسطيني أدلة واضحة تكشف قصور نظام الحكم المصري والنظم العربية المشابهة. فالويل الويل لمن يقف ضد التيار الوطني الذي يعمل ويعتمل في ثورة مكتومة تحت السطح الساكن الهادئ. والويل الويل من الطوفان الجارف يوم تقوم ساعة الوطن.
منذ قيام الانقلاب العسكري في يوليو 1952 بدأت عملية تدريجية - قد تكون بدايتها غير مقصودة - لتدمير الاقتصاد المصري، فأخذت مصر تنزلق على طريق التدهور في كافة الميادين. ساهمت حكومات العسكر المتعاقبة والنظام المتخلف - الذي رسخ مبدأ تحول رئاسة الجمهورية إلى ما يشبه الملكية المؤبدة - في تعميق سياسات التخلف الاقتصادي والاجتماعي، حتى وصلنا مرحلة الاعتماد على تسول المعونة الأمريكية المشروطة بالتبعية والذل. لقد أصبحت مصر الآن على رأس مجموعة خبراء تطوير وسائل الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وربما وضعنا التاريخ في دار عرض أفريقية لكي تتعلم منا كافة الدول الأفريقية الناهضة كيف يكون الفشل وسوء الإدارة والاستسلام للنفوذ الأجنبي حتى يتم تشكيل حياة جديدة تطمس القوميات.
لقد وصل تبجح حاكم وحكومات العسكر المتعاقبة مداه، وبقدر ما رفعت تلك الحكومات من قدر حماة السلطة الدكتاتورية بقدر ما خفضت من قيمة المواطن المصري واستباحت عرضه وحريته ومستقبل أبنائه. كلما جاء عسكري جديد اتهم سلفه بأنه خلف وراءه تركة مثقلة، فيزيدها ثقلا بالتغاضي عن أعمال السلب والنهب لعصابته الجديدة. سكت الناس واستكانوا لطول حكم عصابة واحدة عملا بالمثل السلبي "حرامي شبعان خير من حرامي جوعان". لكن ما فات الناس هو أن اللص عندنا لا يشبع ويتحول من مليونير إلى بليونير وتتحول القصور الخاصة إلى مستعمرات خاصة تحيط بها الأسوار والحرس الخاص. وينطبق علينا المثل القائل "إذا كان رب البيت للشعب ضارب فشيمة أهل البيت اللطش". ورب البيت هذا "تنح" لا يشعر بكراهية الناس ولا يود ترك الكرسي لنظام ديمقراطي يسمح بإزالة المخلفات التي تراكمت عبر نصف قرن من الخراب والدمار القومي، لكي يتحرر الإنسان المصري من الذل والاستعباد والعبث بمقدراته، وليبدأ الوطن في استغلال طاقات أبنائه المعطلة وإمكانياته الاقتصادية الهائلة فيحسن إدارتها ويصل بها إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي بدلا من التسول والخضوع للعدو الصهيوني الأمريكي. لن يتم ذلك إذا استمرت إدارة الوطن باللصوص والأذناب في ظل نظام دكتاتوري لا يجتذب سوى اللصوص.
مصر في حاجة ملحة إلى حكومة وطنية ورئيس جمهورية شاب مثقف واع وعاقل - من غير نسل مبارك - يختاره الشعب في انتخابات حقيقية ولا يسمح له بالترشيح للانتخاب سوى فترتين. أما الرئاسة المؤبدة والعبث بالدستور لتقنين الاستمرار فإنها تكرس الفساد وعدم القدرة على مراجعة السلطة أو مساءلتها أمام مجالس نيابية حقيقية. فظاهرة الفساد واستغلال النفوذ تنمو في ظل استمرار السلطة الدكتاتورية وغياب الانتخابات الحقيقية فيمتد الفساد من القمة إلى أسفل هرم السلطة المطلقة.
مصر في حاجة إلى استقلال القضاء وأن تكون أعلى السلطات القضائية بالانتخاب من بين رجال القضاء أنفسهم يختارون قائدهم، وأن يكون راتب كبير القضاة أكبر من راتب رئيس الجمهورية كما هو الحال بالدول الديمقراطية، وأن تقوم قيادات القضاء بمحاسبة انحراف أعضائها من القضاة، وبذلك تختفي ظاهرة القاضي المرتشي التي نشأت بعد "مذبحة القضاء" الشهيرة التي قام بها عبد الناصر سامحه الله. مصر في حاجة إلى صحافة حرة تكشف بؤر الفساد والانحراف ليقوم القضاء بتقويمها، وليست في حاجة إلى ببغاوات تردد ما تريده القيادة الدكتاتورية وأذنابها من اللصوص والمرتشين وتجار المخدرات.
نحن في حاجة إلى التغيير السريع قبل أن تندلع ثورة لا تبقي ولا تذر، وإذا كانت العصابة الحاكمة تظن أن الأمر مستتب بالسجن والقهر والتعذيب فإن الصورة الحقيقية ليست كذلك، لأن الشعوب لا تقهر بالبطش والتنكيل والتاريخ حافل بالأمثلة. مصر الآن على فوهة بركان ينفث غازات تنتظر الشرارة. عندها لا ينفع الندم ولا تحمي القصور المشيدة أو المروحيات المجهزة للفرار. على العصابة الحاكمة أن تفهم أن غياب الأحزاب والمؤسسات السياسية قد خلق تلاحما تدريجيا بين التيار الديني وكافة القوى الوطنية الأخرى التي فقدت هياكلها التنظيمية منذ عهد عبدالناصر. مثل هذا التلاحم الصحيح الأمين يزداد مع الأيام قوة وينصهر في بوتقة وطنية واحدة ويشد إليه الأغلبية الصامتة التي تزداد وعيا وإدراكا لمدى عقم النظام الدكتاتوري وأضرار التبعية الاقتصادية والسياسية للعدو الأمريكي الصهيوني.
لقد انتهى تأثير التهريج الإعلامي عن طريق وسائل الإعلام الحكومية وعاد الوعي للشعب المصري العريق بالانفتاح على الإنترنيت والفضائيات الأجنبية كوسيلة رئيسية للحصول على المعلومات ومقارنة حالنا بحال غيرنا من الدول. ثم جاء ضرب أفغانستان والعراق والتنكيل الصهيوني بالشعب الفلسطيني أدلة واضحة تكشف قصور نظام الحكم المصري والنظم العربية المشابهة. فالويل الويل لمن يقف ضد التيار الوطني الذي يعمل ويعتمل في ثورة مكتومة تحت السطح الساكن الهادئ. والويل الويل من الطوفان الجارف يوم تقوم ساعة الوطن.
الاثنين، 14 يوليو 2008
حسن نصر الله بقلم عبد الحليم قنديل
معني الكاريزما أوسع من حسن الهيئة الشخصية، ومن بلاغة زائدة في إلقاء خطب السياسة، ومن جاذبية سحرية يتمتع بها قيادي، فالثقة المتحصلة من ممارسة مرئية هي الأساس الخرساني الصلب لتكون أسطورة الزعيم السياسي .
والسيد حسن نصر الله مثال رفيع علي كاريزما الزعامة السياسية، فقد تحول من زعيم حزب إلي زعيم أمة، ومن منتسب لطائفة الشيعة إلي رمز لطائفة المقاومة في الأمة كلها، ولا يكاد المواطن العربي يصدق أحدا من المشايخ أو من قادة السلاح أو من زعماء السياسة بأكثر مما يفعل مع حسن نصر الله، ولا يحتشد الناس لسماع خطبة زعيم ـ منذ عصر جمال عبد الناصر ـ كما يحدث مع السيد حسن .
وتبدو زعامة السيد حسن ظاهرة مفارقات حقيقية، فلم يولد وفي يده طبق زعامة فضي موروث، ولم تتزاحم علي موائد عصره ملاعق ذهب تعطي الزعامة للراغبين والطامعين .
فقد ظهرت وتطورت ظاهرة السيد في سياق تراجع عربي عام، انكسرت موجة المد القومي العربي من أواسط السبعينيات، وسقط دور مصر القيادي في بلاعة كامب ديفيد، وانفسح المجال لعربدة إسرائيلية متصلة في الشرق العربي، ضربت إسرائيل مفاعل أوزيراك العراقي بينما كان بيغين مجتمعا مع السادات، وزحفت إسرائيل بالغزو الشاروني إلي بيروت، وبدا أن إسرائيل نجحت في احتلال عاصمة عربية خارج فلسطين لأول مرة، وفي وسط الحطام تكونت ظاهرة المقاومة اللبنانية، وكانت تياراتها الأولي قومية ويسارية متأثرة بتراث المقاومة الفلسطينية، وسرعان ما تحول المشهد مع بروز حركة أمل بميولها الطائفية الظاهرة، ثم مع الانشقاق عن أمل ، وتكون النواة الأولي لحزب الله، ودور المؤسس الأول الشهيد عباس الموسوي، ثم خلافة حسن نصر الله، ومع تطور حزب الله ـ تحت زعامة السيد حسن ـ من منظمة مقاومة استشهادية إلي رقم صعب في معادلات المنطقة كلها .
وكان لافتا أن يحدث ذلك في لبنان بالذات، بتركيب الموزاييك فيه، وبكونه أضعف الدول العربية في قوة السلاح النظامي، وبكون الدولة اللبنانية أقرب إلي الشركة المساهمة منها إلي الكيان القابض، وربما تكون هذه السمات الفريدة للبنان هي التي أسهمت في نجاح مسعي حسن نصر الله، فقد بدا لبنان كأرض أحلام، حريات حركة للناس، وانفتاح لحدود لبنان علي ما عداه، بيئة حرية وتحد في الوقت ذاته، وموطئا لميلاد مفارقة العصر العربي التي حملت اسم نصر الله، وفي بيئة ثقافة إيمانية عميقة، وتطلع لمصائر الشهادة باعتبارها أغلي المني، كل ذلك لعب دوره في بناء ظاهرة الحزب المقاوم والزعيم المتفرد بطاقة الإلهام .
ونظن أن سنوات التسعينيات كانت هي الزمن المثالي لبلورة مفارقة حسن نصر الله، فقد خرج العرب من حرب الخليج الثانية في حالة يرثي لها، ذهبت جيوش عربية للحرب تحت القيادة الأمريكية، وكان الطرف الآخر في الحرب هو جيش العراق، وسيق العرب إلي مدريد، وذهب الفلسطينيون إلي مفاوضات أوسلو السرية، وكان الاتحاد السوفيتي قد ذهب بددا، وذهب تأثيره الموازن نسبيا لنفوذ أمريكا في المنطقة، وبدت لغة المقاومة غريبة تماما كغربة الإسلام في آخر الزمان، وراجت أوهام وخيالات عن حقائق العصر الجديد، وبينها أن المقاومة مودة قديمة، وأن التسويات هي لغة العصر، وأن ملاينة أمريكا ومسايرتها هي طوق النجاة، وذهب زعيم المقاومة الفلسطينية التاريخي ياسر عرفات إلي خيمة غزة ـ أريحا، وإلي سلطة حكم ذاتي هي قبضة هواء.
وبالمقابل بدا صعود حزب الله مفارقا، وعدوا عرفات ـ رحمه الله ـ بإقامة دولة فلسطينية قبل قدوم سنة 2000، ولم تقم الدولة الفلسطينية إلي الآن، بينما كانت المقاومة ـ المفارقة ـ عند وعدها بالضبط، ونجحت في طرد الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان سنة 2000، ودون أن توقع صكا أو تتعهد بتطبيع، وكانت العظة باهرة، فقد ثبت أن تصميم القوة الذاتية قادر علي قلب المعادلات المفروضة، فقد نجحت خطة حسن نصر الله وخابت خطة عرفات، بل وزحف تاريخ نصر الله إلي جغرافيا عرفات نفسها، وبدت الانتفاضة الفلسطينية الثانية ترجيعا لصدي انتصار المقاومة في لبنان، فقد نشبت الانتفاضة الثانية بعد النصر اللبناني بشهور، وبدا تحول الانتفاضة الثانية من الحجارة إلي السلاح ملفتا، وبدت إسرائيل منهكة أكثر مع الانتفاضة الثانية، واضطرت لفك الارتباط والجلاء الأرضي عن غزة وتفكيك المستوطنات اليهودية لأول مرة في التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر، وكانت تلك هي الثمرة الثانية المؤكدة لنجاح خط حسن نصر الله، صحيح أن نزعة الاستشهاد في المقاومة الفلسطينية لها تاريخها الطويل، لكن الثقة المستعادة بسلاح المقاومة مع نجاحها في تحرير الجنوب اللبناني، الثقة بجدوي السلاح المقاوم، الثقة في نصر الله الموعود للصابرين والاستشهاديين، هذه الثقة ردت اعتبار المقاومة، وبدت فصائل المقاومة وقادتها موضع استقطاب لمشاعر الناس بعد خيبة الأمل راكبة الجمل في الحكام وجيوشهم النظامية .
ومن مقام البطل إلي مقام الأسطورة تحول حسن نصر الله، فقد ثبت ـ مع تطور حزب الله ـ أن الأمة قادرة علي اجتراح البطولة، وأنها قادرة علي النصر في لبنان وفلسطين، وأن قوة سلاح الجماعات الشعبية قادرة علي قهر الجيش الإسرائيلي الذي قيل طويلا أنه لايقهر، لكن تلك لم تكن نهاية المطاف في دراما المقاومة المفارقة لاستسلام العصر العربي، فقد بدأ حزب الله ـ مع العشرية الأولي من الألفية الثالثة ـ في التحول من جماعة مقاومة إلي قوة من طراز فريد، صحيح أنه ولد وتطور ببركة دم الشهداء، ولم يتخلف حسن نصر الله يوما عن قطار الشهادة، وقدم ابنه هادي شهيدا محتسبا عند الله، لكن حزب الله ـ بقيادة نصر الله ـ تحول من جماعة استشهادية إلي جيش حرب عصابات فائق الخبرة والتكنولوجيا، وأسهم الاستعداد الذاتي الفائق في الاستفادة القصوي من عون إيران وغيرها، ودعمت تكنولوجيا الصواريخ استشهادية رجال الله، مع التدريب العسكري الشاق، وشبكة الأنفاق السرية، وجهاز المخابرات طويل الذراع إلي قلب إسرائيل ذاتها، وتحول حزب الله إلي أكبر وأكفأ قوة عربية إلي الشرق من فلسطين. وبدت مواعظ حرب تموز (يوليو) 2006 ظاهرة بأماراتها، فقد كانت هي الحرب العربية الإسرائيلية الأطول بأيامها، ودخلت النظم العربية ـ من وراء أمريكا ـ طرفا داعما بالسياسة لحرب إسرائيل، لكن حزب الله انتصر، ووضع مدن الداخل الإسرائيلي تحت رحمة صواريخه، وزحف بالهلع إلي قلب قادة إسرائيل المرتبكة، بينما بدا حسن نصر الله بقامته القصيرة ـ نسبيا ـ كأنه المارد العملاق، وبدا وعده الصادق كأنه كلمة الله، وبدت لثغته الرائية المحببة كأنها البلسم الشافي، وبدت تعهداته كأنها الأقدار، تعهد بهزيمة إسرائيل وقد فعلها مرتين، وتعهد بإطلاق سمير القنطار عميد الأسري العرب في سجون إسرائيل، وهاهو الوعد الآن يتحقق .
إنها دراما حسن نصر الله الذي بدأ كقائد شيعي، وانتهي بأن جعلنا جميعا من شيعته.
تعليق
بقلم: محمد عبد اللطيف حجازي
14/07/2008
نبح كلاب الإعلام العربي بأن لإيران أطماع بالمنطقة العربية وحذر كبير عملاء الصهيونية - محمد حسني البارك - من "المد الشيعي" وطبلت وزمرت جوقة المرتزقة من حثالة الأفاكين بالصحافة المصرية والعربية واتهموا حسن نصر الله بشتى الاتهامات وكأن التبعية لإيران جريمة بينما تنفيذ مخطط العدو الأمريكي الصهيوني وسام شرف. فليذهبوا جميعا إلى الجحيم ومعهم رئيس عصابتهم اللص القابع بشرم الشيخ. إيران أنفع لقضايانا العربية من حسني البارك وأمثاله.
مرحبا بأخوتنا الفرس فهم أخوة في الإسلام وليس بيننا وبينهم إلا الود والمحبة وعدو مشترك هو العنصرية الصهيونية والإمبريالية الأمريكية البريطانية.
أما ببغاوات الإعلام العربي فلهم مني سؤال:
أيهما أصلح للناس:
"ولاية الفقيه" أم ولاية اللصوص من أمثال حسني البارك؟
لماذا لا يقوم فقهاء السنة ببحث أوجه التقارب مع فقهاء الشيعة ودفن الخرافات التاريخية حتى نستطيع النهوض ومواكبة العصر؟
والسيد حسن نصر الله مثال رفيع علي كاريزما الزعامة السياسية، فقد تحول من زعيم حزب إلي زعيم أمة، ومن منتسب لطائفة الشيعة إلي رمز لطائفة المقاومة في الأمة كلها، ولا يكاد المواطن العربي يصدق أحدا من المشايخ أو من قادة السلاح أو من زعماء السياسة بأكثر مما يفعل مع حسن نصر الله، ولا يحتشد الناس لسماع خطبة زعيم ـ منذ عصر جمال عبد الناصر ـ كما يحدث مع السيد حسن .
وتبدو زعامة السيد حسن ظاهرة مفارقات حقيقية، فلم يولد وفي يده طبق زعامة فضي موروث، ولم تتزاحم علي موائد عصره ملاعق ذهب تعطي الزعامة للراغبين والطامعين .
فقد ظهرت وتطورت ظاهرة السيد في سياق تراجع عربي عام، انكسرت موجة المد القومي العربي من أواسط السبعينيات، وسقط دور مصر القيادي في بلاعة كامب ديفيد، وانفسح المجال لعربدة إسرائيلية متصلة في الشرق العربي، ضربت إسرائيل مفاعل أوزيراك العراقي بينما كان بيغين مجتمعا مع السادات، وزحفت إسرائيل بالغزو الشاروني إلي بيروت، وبدا أن إسرائيل نجحت في احتلال عاصمة عربية خارج فلسطين لأول مرة، وفي وسط الحطام تكونت ظاهرة المقاومة اللبنانية، وكانت تياراتها الأولي قومية ويسارية متأثرة بتراث المقاومة الفلسطينية، وسرعان ما تحول المشهد مع بروز حركة أمل بميولها الطائفية الظاهرة، ثم مع الانشقاق عن أمل ، وتكون النواة الأولي لحزب الله، ودور المؤسس الأول الشهيد عباس الموسوي، ثم خلافة حسن نصر الله، ومع تطور حزب الله ـ تحت زعامة السيد حسن ـ من منظمة مقاومة استشهادية إلي رقم صعب في معادلات المنطقة كلها .
وكان لافتا أن يحدث ذلك في لبنان بالذات، بتركيب الموزاييك فيه، وبكونه أضعف الدول العربية في قوة السلاح النظامي، وبكون الدولة اللبنانية أقرب إلي الشركة المساهمة منها إلي الكيان القابض، وربما تكون هذه السمات الفريدة للبنان هي التي أسهمت في نجاح مسعي حسن نصر الله، فقد بدا لبنان كأرض أحلام، حريات حركة للناس، وانفتاح لحدود لبنان علي ما عداه، بيئة حرية وتحد في الوقت ذاته، وموطئا لميلاد مفارقة العصر العربي التي حملت اسم نصر الله، وفي بيئة ثقافة إيمانية عميقة، وتطلع لمصائر الشهادة باعتبارها أغلي المني، كل ذلك لعب دوره في بناء ظاهرة الحزب المقاوم والزعيم المتفرد بطاقة الإلهام .
ونظن أن سنوات التسعينيات كانت هي الزمن المثالي لبلورة مفارقة حسن نصر الله، فقد خرج العرب من حرب الخليج الثانية في حالة يرثي لها، ذهبت جيوش عربية للحرب تحت القيادة الأمريكية، وكان الطرف الآخر في الحرب هو جيش العراق، وسيق العرب إلي مدريد، وذهب الفلسطينيون إلي مفاوضات أوسلو السرية، وكان الاتحاد السوفيتي قد ذهب بددا، وذهب تأثيره الموازن نسبيا لنفوذ أمريكا في المنطقة، وبدت لغة المقاومة غريبة تماما كغربة الإسلام في آخر الزمان، وراجت أوهام وخيالات عن حقائق العصر الجديد، وبينها أن المقاومة مودة قديمة، وأن التسويات هي لغة العصر، وأن ملاينة أمريكا ومسايرتها هي طوق النجاة، وذهب زعيم المقاومة الفلسطينية التاريخي ياسر عرفات إلي خيمة غزة ـ أريحا، وإلي سلطة حكم ذاتي هي قبضة هواء.
وبالمقابل بدا صعود حزب الله مفارقا، وعدوا عرفات ـ رحمه الله ـ بإقامة دولة فلسطينية قبل قدوم سنة 2000، ولم تقم الدولة الفلسطينية إلي الآن، بينما كانت المقاومة ـ المفارقة ـ عند وعدها بالضبط، ونجحت في طرد الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان سنة 2000، ودون أن توقع صكا أو تتعهد بتطبيع، وكانت العظة باهرة، فقد ثبت أن تصميم القوة الذاتية قادر علي قلب المعادلات المفروضة، فقد نجحت خطة حسن نصر الله وخابت خطة عرفات، بل وزحف تاريخ نصر الله إلي جغرافيا عرفات نفسها، وبدت الانتفاضة الفلسطينية الثانية ترجيعا لصدي انتصار المقاومة في لبنان، فقد نشبت الانتفاضة الثانية بعد النصر اللبناني بشهور، وبدا تحول الانتفاضة الثانية من الحجارة إلي السلاح ملفتا، وبدت إسرائيل منهكة أكثر مع الانتفاضة الثانية، واضطرت لفك الارتباط والجلاء الأرضي عن غزة وتفكيك المستوطنات اليهودية لأول مرة في التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر، وكانت تلك هي الثمرة الثانية المؤكدة لنجاح خط حسن نصر الله، صحيح أن نزعة الاستشهاد في المقاومة الفلسطينية لها تاريخها الطويل، لكن الثقة المستعادة بسلاح المقاومة مع نجاحها في تحرير الجنوب اللبناني، الثقة بجدوي السلاح المقاوم، الثقة في نصر الله الموعود للصابرين والاستشهاديين، هذه الثقة ردت اعتبار المقاومة، وبدت فصائل المقاومة وقادتها موضع استقطاب لمشاعر الناس بعد خيبة الأمل راكبة الجمل في الحكام وجيوشهم النظامية .
ومن مقام البطل إلي مقام الأسطورة تحول حسن نصر الله، فقد ثبت ـ مع تطور حزب الله ـ أن الأمة قادرة علي اجتراح البطولة، وأنها قادرة علي النصر في لبنان وفلسطين، وأن قوة سلاح الجماعات الشعبية قادرة علي قهر الجيش الإسرائيلي الذي قيل طويلا أنه لايقهر، لكن تلك لم تكن نهاية المطاف في دراما المقاومة المفارقة لاستسلام العصر العربي، فقد بدأ حزب الله ـ مع العشرية الأولي من الألفية الثالثة ـ في التحول من جماعة مقاومة إلي قوة من طراز فريد، صحيح أنه ولد وتطور ببركة دم الشهداء، ولم يتخلف حسن نصر الله يوما عن قطار الشهادة، وقدم ابنه هادي شهيدا محتسبا عند الله، لكن حزب الله ـ بقيادة نصر الله ـ تحول من جماعة استشهادية إلي جيش حرب عصابات فائق الخبرة والتكنولوجيا، وأسهم الاستعداد الذاتي الفائق في الاستفادة القصوي من عون إيران وغيرها، ودعمت تكنولوجيا الصواريخ استشهادية رجال الله، مع التدريب العسكري الشاق، وشبكة الأنفاق السرية، وجهاز المخابرات طويل الذراع إلي قلب إسرائيل ذاتها، وتحول حزب الله إلي أكبر وأكفأ قوة عربية إلي الشرق من فلسطين. وبدت مواعظ حرب تموز (يوليو) 2006 ظاهرة بأماراتها، فقد كانت هي الحرب العربية الإسرائيلية الأطول بأيامها، ودخلت النظم العربية ـ من وراء أمريكا ـ طرفا داعما بالسياسة لحرب إسرائيل، لكن حزب الله انتصر، ووضع مدن الداخل الإسرائيلي تحت رحمة صواريخه، وزحف بالهلع إلي قلب قادة إسرائيل المرتبكة، بينما بدا حسن نصر الله بقامته القصيرة ـ نسبيا ـ كأنه المارد العملاق، وبدا وعده الصادق كأنه كلمة الله، وبدت لثغته الرائية المحببة كأنها البلسم الشافي، وبدت تعهداته كأنها الأقدار، تعهد بهزيمة إسرائيل وقد فعلها مرتين، وتعهد بإطلاق سمير القنطار عميد الأسري العرب في سجون إسرائيل، وهاهو الوعد الآن يتحقق .
إنها دراما حسن نصر الله الذي بدأ كقائد شيعي، وانتهي بأن جعلنا جميعا من شيعته.
تعليق
بقلم: محمد عبد اللطيف حجازي
14/07/2008
نبح كلاب الإعلام العربي بأن لإيران أطماع بالمنطقة العربية وحذر كبير عملاء الصهيونية - محمد حسني البارك - من "المد الشيعي" وطبلت وزمرت جوقة المرتزقة من حثالة الأفاكين بالصحافة المصرية والعربية واتهموا حسن نصر الله بشتى الاتهامات وكأن التبعية لإيران جريمة بينما تنفيذ مخطط العدو الأمريكي الصهيوني وسام شرف. فليذهبوا جميعا إلى الجحيم ومعهم رئيس عصابتهم اللص القابع بشرم الشيخ. إيران أنفع لقضايانا العربية من حسني البارك وأمثاله.
مرحبا بأخوتنا الفرس فهم أخوة في الإسلام وليس بيننا وبينهم إلا الود والمحبة وعدو مشترك هو العنصرية الصهيونية والإمبريالية الأمريكية البريطانية.
أما ببغاوات الإعلام العربي فلهم مني سؤال:
أيهما أصلح للناس:
"ولاية الفقيه" أم ولاية اللصوص من أمثال حسني البارك؟
لماذا لا يقوم فقهاء السنة ببحث أوجه التقارب مع فقهاء الشيعة ودفن الخرافات التاريخية حتى نستطيع النهوض ومواكبة العصر؟
السبت، 12 يوليو 2008
رسالة إلى العميل الصهيوني الغبي
شبكة البصرة
بقلم: محمد عبد اللطيف حجازي
تقوم أجهزة مخابرات الأعداء (الأمريكية-الإسرائيلية-المصرية) بعمليات "جس نبض" من آن لآخر بإطلاق شائعات عن احتمال إرسال جيوش عربية إلى العراق. وقد سبق للعديد من أحرار الكتاب العرب تفنيد هذه المزاعم وإثبات خبث النية المؤكد للعميل محمد حسني البارك إذا ما أقدم على مجرد التفكير في تلك الخطوة.
الأمر أوضح من أن نقدم له شرحا، ولكنني سأقوم بالشرح نظرا لما عرف عن الرئيس المصري من الغباء الشديد: العدو الأمريكي ذهب إلى العراق من أجل سرقة موارده ووقف نموه الحضاري وكسر شوكة جيشه لصالح إسرائيل.
العدو الأمريكي كسر كل قواعد القانون الدولي وقام بالهجوم على دولة ذات سيادة واحتلها على نمط غزوات القرون الوسطى بحجة امتلاكها لأسلحة دمار شامل تمتلك إسرائيل وحدها منها حوالي 200 من الرؤوس النووية مصوبة نحو كافة المدن الأوربية.
عندما تم كشف كذب ادعاءات مجرم الحرب المتغابي "توني بلير" وراعي البقر الأرعن "جورج بوش" تغيرت أسباب الهجوم البربري على العراق فصارت "تغيير النظام العراقي" وكأن من حق تلك الدول أن تتدخل في الشئون الداخلية للعراق لتغيير نظامها بالقوة.
قامت قوات الاحتلال بعمل انتخابات غير شرعية لتأليف حكومة ترعى أطماع المحتلين في إرساء قواعد عسكرية أمريكية بالعراق تحت حماية جيش عراقي يتم تدريبه تحت إشراف قوات الاحتلال.
قامت المقاومة العراقية الباسلة بكسر شوكة العدو الأمريكي الصهيوني وأوقعت فيه من الخسائر المادية والبشرية ما يفوق تصور الصديق قبل العدو، والحقت به الهزيمة التامة مهما أنكرت ذلك آلة الدعاية الإعلامية الأمريكية الصهيونية التي تتبعها كافة فضائيات التلفاز الناطقة بالعربية.
أصبح بقاء العدو الأمريكي على أرض الرافدين صعبا، إن لم يكن مستحيلا حيث تبلغ التكلفة الشهرية للاحتلال حوالي 500 قتيل أمريكي وحوالي 6 بليون من الدولارات من أموال دافع الضرائب الأمريكي، وأصبح الكونجرس الأمريكي – ومعظمه من اليهود – شبه عاجز عن توفير الاعتمادات المالية الإضافية.
العدو الأمريكي لا يريد حزم حقائبه والفرار من العراق مثلما فر من فيتنام قبل أن يتمكن من إرساء قواعد ثابتة لنظام حكم عميل يخدم أهدافه بالعراق، على غرار نظم الحكم العميلة بدول عربية أخرى مثل مصر وبقية دول الخليج، لذلك فهو يبحث عن مخرج ويحلم بإحلال جيوش عربية محل جيشه.
ونحن نوجه التحذير للعميل الصهيوني محمد حسني البارك بأن أي جندي مصري يطأ أرض العراق الشقيق - تحت أي ذريعة – سيعامل معاملة جنود العدو الأمريكي الصهيوني. على هذا العميل الغبي أن يعلم أن حكومة العراق غير شرعية ولا تجوز مساعدتها على "استتباب الأمن" لأن ذلك يصب مباشرة لصالح العدو الأمريكي الصهيوني وليس لصالح العراق أو شعب العراق. ونرجو من صميم قلوبنا أن يعي ذلك العميل الغبي كل تلك الحقائق وأن يعي بالإضافة إلى كل ذلك أن جيش مصر جزء من شعب مصر وليس تابعا له أو لأسياده الأمريكان، وأنه لو بلغ به الغباء حد إرسال جنود مصريين للعراق فلا أحد يعرف ما قد يحدث من تطورات، والأغلب أن الضباط والجنود المصريين يهجرون جيشه وينضمون لصفوف المقاومة العراقية الباسلة التي أذلت الغزاة.
شبكة البصرة
الثلاثاء 17 ذو الحجة 1426 / 17 كانون الثاني 2006
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
هذه المدونة
هذه المقالات كتبت على مدى ثلاثة عقود وهي أصلح ما تكون في سياقها التاريخي، فمثلا مقالي عن الحجاب المكتوب في ثمانينيات القرن الماضي يصف من ترتديه بضيق الأفق لأن تلك الغربان كانت أعدادها قليلة، أما اليوم فإن من ترتدي ذلك الزي السخيف لا يليق وصفها بضيق الأفق إذا ما كانت مكرهة على لبسه خوفا مما قد تعانيه من مشاكل في مواجهة الغوغاء الذين يريدون فرض هذا الزي الوهابي بالقوة بحجة أنه "فرض عين" أو أنف أو أذن، وأن من واجبهم تغيير المنكر بأيديهم مفترضين أن نساء القاهرة الجميلات كن كافرات في الخمسينيات والستينيات، وأن ذلك أهم من القضاء على حسني مبارك وعصابته ممن أودوا بمصر إلى التهلكة.
أرشيف المدونة الإلكترونية
- مايو 2008 (17)
- يوليو 2008 (4)
- أكتوبر 2008 (1)
- ديسمبر 2008 (1)
- يناير 2009 (5)
- فبراير 2009 (3)
- مارس 2009 (2)
- أبريل 2009 (7)
- مايو 2009 (2)
- يونيو 2009 (2)
- نوفمبر 2009 (2)
- ديسمبر 2009 (3)
- يناير 2010 (1)
- فبراير 2010 (2)
- مارس 2010 (2)
- أبريل 2010 (1)
- مايو 2010 (3)
- يوليو 2010 (1)
- نوفمبر 2010 (1)
- ديسمبر 2010 (1)
- يناير 2011 (2)
- فبراير 2011 (6)
- مارس 2011 (3)
- أبريل 2011 (2)
- مايو 2011 (2)
- يونيو 2011 (2)
- يوليو 2011 (3)
- سبتمبر 2011 (2)
- أكتوبر 2011 (3)
- ديسمبر 2011 (4)
- يناير 2012 (2)
- فبراير 2012 (1)
- أبريل 2012 (1)
- مايو 2012 (1)
- نوفمبر 2012 (1)
- يونيو 2013 (1)
- يوليو 2013 (2)
- أغسطس 2013 (1)
- يناير 2014 (1)
- فبراير 2014 (1)
- يوليو 2014 (1)
- سبتمبر 2014 (3)
- ديسمبر 2014 (1)
- فبراير 2015 (2)
- مارس 2015 (1)
- أبريل 2015 (1)
- مايو 2015 (1)
- أغسطس 2015 (1)
- سبتمبر 2015 (2)
- مارس 2016 (1)
- يوليو 2016 (1)
- أغسطس 2016 (2)
- سبتمبر 2016 (4)
- أكتوبر 2016 (2)
- نوفمبر 2016 (1)
- يناير 2017 (1)
- فبراير 2017 (1)
- مارس 2017 (1)
- أبريل 2017 (1)
- مايو 2017 (1)
- يونيو 2017 (2)
- يوليو 2017 (3)
- سبتمبر 2017 (1)
- أكتوبر 2017 (4)
- نوفمبر 2017 (2)
- ديسمبر 2017 (4)
- يناير 2018 (4)
- فبراير 2018 (6)
- مارس 2018 (4)
- أبريل 2018 (2)
- مايو 2018 (5)
- يونيو 2018 (2)
- يوليو 2018 (2)
- أغسطس 2018 (1)
- سبتمبر 2018 (1)
- أكتوبر 2018 (2)
- ديسمبر 2018 (2)
- يناير 2019 (1)
- فبراير 2019 (2)
- مايو 2019 (4)
- يونيو 2019 (3)
- يوليو 2019 (2)
- سبتمبر 2019 (1)
- أكتوبر 2019 (1)
- ديسمبر 2019 (1)
- يناير 2020 (1)
من أنا
- Mohammed A. Hegazi
- ملبورن, فيكتوريا, Australia
- أنا واحد من آلاف المصريين الذين فروا من الدولة الدكتاتورية البوليسية التي يرأسها السوائم ولا يشارك في حكمها سوى حثالة أهلها من اللصوص والمرتزقة والخونة وينأى الأشراف بأنفسهم عن تولى مناصبها الوزارية.